مفيش عوز جاية في السكة ولا إيه؟
مفيش عوز جاية في السكة ولا إيه؟
– إيه يا حبيبتي، أخبارك إيه؟
إيه مفيش احتياج جاية في السكة؟
– لا والله لسه.
– ليه بس؟ ده نادية فتاة عمك اللي متجوزة بعدك بـ٣ شهور بقت ما شاء الله في الشهر الرابع.
استفدتي إيه بسؤالك ده؟!
أيًا كنتي.. حماة، جارة، صاحبة، قريبة من بعيد أو قريب، أو حتى أم، الخطاب ده موجّه ليكي.. استفدتي إيه؟
هي ليه الناس مش بيقدروا إن فيه حاجات في حياتنا حدوثها أو عدمه احتياج ملناش أي تدخل فيها.. يقصد سؤال معلش، هل سيادتك بذلتي أي تعب بدني أو عقلي عشان جوزك يختارك من ضمن كل الستات؟ أو إيه الشهادات والمؤهلات المعينة اللي خدتيها عشان تجيبي الكتاكيت الصغيرين دول؟ ولا ده كله رزق من ربنا اداهولك من غير لا بشأن ليكي ولا قوة؟
البنت اللي متجوزة بقالها مرحلة وبتتسأل السؤال ده.. الله أعلم بظروفها هي وقرينها، يمكن مش أد تحمل مسؤولية زي دي دلوقتي، يمكن ظروفهم العينية جاريًا لا تسمح، يمكن نفسهم بس لسه مفيش نصيب، يمكن فيه واحد منهم عنده مشكله وبيتعالجوا.. مليون يمكن، وفي مختلف الحالات أنا مش شايفة إنه يخص سيادتك في عوز، يقصد لو فيه نبأ حلو وهي حابة تعرفك هتقولك من غير ما تسألي. أما لو مفيش، ليه الضغط؟ الضغط ده مبيولدش غير شعور بالعجز وحالة من السخط وعدم الرضا على إرادة ربنا وعلى الأحوال اللي ربنا بيحطنا فيها، فإزاي بتدوا نفسكم الحق إنكم تنتهكوا كامل خصوصيات الإنس وتسألوا عن حاجات لو متسألتش أنا متأكدة إنها عمرها ما هتسبب أي خلل في حياتكم اليومية الطبيعية التقليدية.
بيسر اللي جاي ده مسموش “احتياج” ولا هييجي في”السكة” ده كائن حي، روح ومسؤولية مرتبطة في رقبة أهله لحد ما يبقي فرد بالغ وناضج يتحمل مسئولية ذاته، هييجي وقت ما ربنا يقدر وجوده، وده شيء مش هيستعجله سؤالك.
الموضوع مش بيقف لحد السؤال ده بالذات، ده مجرد مثال من أسئلة كتير زي “إيه مش هنفرح بيكي ولا إيه؟” أو “لسه ملقتيش شغل من ساعتها؟”، “مش هتخاوي بنتك ولا إيه؟” كل دي أسئلة ترسخت في حياتنا وأصبح من العادي جدًا نواجهها يومياً ومن أفراد بيصروا على التعدي على حياتنا المخصصة.
بسهولة، لا يجوز إن حاجز يسألك في أي عوز من الحاجات دي لأنها كلها رزق من نحو ربنا، بتيجي من غير معاد ولا أسبق معرفة ولا إستراتيجية، كلها تدبيرات ربنا وحده اللي يعلمها.
وبعدين هو مش المفروض إن دي سكتك إنتي؟ يقصد من أبسط حقوقك إن إنتي اللي تحددي إيه اللي يجيلك فيها ومتسمحيش لحد يحطك في نفس القالب ويمشيكي في نفس السكة اللي سَير فيها. همّ عاوزينك تسير فيها لأن دي السكه اللي مشيوا فيها وقد كانت مناسبة لظروف حياتهم، أو يمكن عشان ميعرفوش غيرها وأي احتياج هتعمليها غير كده هتكون غير مألوفة وغير مقبولة فيما يتعلق لهم،عشان كده شوفي اللي ينفعك إنتي واللي تحبيه إنتي ومتديش الاحتمالية للناس يفرضوا عليكي تكوني في قالب محدد شايفينه من وجهه نظرهم إن هو ده الصح.
والمشكلة هنا إن تحويل إتجاه نظر جيل كامل شايف إن من حقه يعلم عنك حاجات عاوزة تحتفظي بيها لنفسك (اللي هو يُعد من أبسط حقوقك كإنسان) هيكون شيء عسير يكاد يكون غير ممكن في مجتمعنا.. إلا أن أضعف الإيمان يكون “بالصد” ولكن بطريقة مهذبة، متسمحيش لحد يعلم عنك احتياج إنتي مش عاوزاه يعرفها، دي حياتك إنتي تمشيها زي ما إنتي عاوزة، وإحنا مش في في مرة سابقة، ردود زي “أنا مش حابة أتكلم في الموضوع ده” أو “ده موضوع خاص بيني وبين زوجي” مع ابتسامة لطيفة، جائز يرحمك من توالي سؤال زي ده، واللي يسمحلها فضولها إنها تتدخل في أمورك الشخصية اسمحي لنفسك إنك تحرجيها.. وكله بالأدب.
والحل التاني والأمل في الجيل اللي جاي إنه يتعلم ميبقاش زي الجيل اللي فات وميكررش نفس مساوئه.. خليكي في حالك وعلمي بنتك توجد في حالها وقولي لمامتك وأختك وصاحبتك وجارتك وقريبتك تبقوا في حالكم وتسيبوا الناس في حالها.. واقتدوا بالرسول اللي أفاد ((من حسن إسلام المرء: تركُه ما لا يعنيه)) عصري حسن؛ رواه الترمذي وغيره.
واعرفي إن اللي عاوز يفرح بيكي بجد مبيسألكيش إنتي، بيسأل ربنا وبيدعيلك من غير ما تعرفي.
وتاني مرة حاجز يسألك عن أي عوز من الحاجات دي قوليله اسأل اللي رزقك وبيرزقني.. اسأل الرزاق ربنا.. متسألنيش أنا.
بقلم/ سارة حلمي