علي العنان رواية قصة عن الصداقة , قصة من الحياة
جيبالكم اليوم قصه عن الصداقه يارب تعجبكم
يقول الشيخ :
جاءني فييوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين ، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفتانتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيجوبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع ….. وبين لحظةٍ وأخرىأصبره وأذكره بعظم أجر الصبر … ولسانه لا يتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلابالله …
هذه الكلمات كانت تريحنيقليلاً … بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب : إن الله أرحم بأخيك منك، وعليكبالصبر , التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي
ألجمتني المفاجأة ،مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب , نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز عليّ من أخي… سكت ورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه …
إنه صديق الطفولة ، زميلالدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنابراءة الأطفال مرحهم ولهوهم , كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلادقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً …التحقنا بعمل واحد … تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين …رزقني الله بابنوبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن … عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندمايجمعنا ، وتنتهي الأحزان عندما نلتقي …
اشتركنا في الطعاموالشراب والسيارة … نذهب سوياً ونعود سوياً … واليوم … توقفت الكلمة على شفتيهوأجهش بالبكاء …
يا شيخ هل يوجد فيالدنيا مثلنا ؟؟ ….
خنقتني العبرة ، تذكرتأخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما .. أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ،وأبكي رثاء لحاله … انتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله ….. لقد كان المشهدمؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة … راحيقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه … أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه…
وبعد الصلاة توجهنابالجنازة إلى المقبرة … أما الشاب فقد أحاط به أقاربه … فكانت جنازة تحمل علىالأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً … وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعضأقاربه … سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو … انصرف الجميع …
عدتإلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلا الله ، وتقف عنده الكلمات عاجزةعن التعبير … وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت أتأملها، الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته … نظرت إلى الأب المكلوم ،هذا الوجه أعرفه … تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً … يا شيخ لقد كانبالأمس مع صديقه … يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء … انقشع الحجاب ،تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه …
رددتبصوت مرتفع : كيف مات ؟ عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أنينام ، وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر علىخديه ، رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليهراجعون …إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه فيالجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوملا ظل إلا ظلي … قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه …. توجهنا بالجنازة إلىالقبر ، وهناك كانت المفاجأة … لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً
قلتفي نفسي: مستحيل .. منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل… أنزلناه فيالقبر الفارغ ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد،
يالها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ، وجمعت القبور بينهماأمواتاً … خرجت من القبر ووقفت أدعو لهما : اللهم اغفر لهما وأرحمهما ، اللهمواجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ،ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما
*************
منيقول في نفسه أن الصديق لا يؤثر في صديقه فهو يكذب على نفسه و يضيعها .. فلو كانالصديق الفاسد لا يؤثر بين أصدقاء صالحين ..فما بالكم بالتفاحة الفاسدة التي تخربصندوقا كاملا من التفاح الطازج بينها ؟؟
فانظر لنفسك و انتقِ أصدقاءك وكن صديقا صدوقا وبادر دومابالصلح وكن نعم الصديق ، فربّ أخ لم تلده لك أمك .. فالصديق الصدوق هو من يدوم، لاصديق المصلحة فقط ، وصديقك الحقيقي هو من صدَقَك بالقول والفعل وخاصة عند الشدائدلا من صدّقك وأومأ برأسه بأنه يصدق كل ما تقول وربما هو الظاهر فقط
فلنحتفظ بأصدقائنا المخلصين ولنكن نعم الأصدقاء قولاوعملا .