الأحداث وفصاحتها
> وافتتاحية الرأي العام كانت شيئاً يجعلك تصلح جلستك والعمامة قبل أن تقرأها.. لكن الناس في يوليو المشئوم بعد نكسة 1967 بأسبوع يفاجأون بالافتتاحية وهي تحمل قصيدة أمل دنقل.. البكاء بين يدي زرقاء اليمامة.
> الفصاحة كانت هي أن رئيس التحرير يجعل الافتتاحية كلها هي القصيدة هذه.. دون كلمة قبلها ولا كلمة بعدها.
> قصيدة مثلها.. فصاحة.. ترسم السودان اليوم.. ولا تحتمل كلمة بعدها ولا قبلها
> وفي القصيدة من يكتب إلينا يصرخ
: أستاذ عشرة كيلو دقيق نشتريها بمبلغ (195.000) جنيه.. عثمان
> ونقول عثمان: ثلاثون ريال سعودي ( والريال السعودي عشرة ألف سوداني) هو سعر كمية الدقيق هذا
> قال: صابون.. سعره ثلاثون ألف جنيه سوداني
ونقول.. السعر في السعودية هو خمسون ريال سعودي.. ما يعني خمسمائة
قال: (35) ألف للصلصة.
قلنا: هي مائة وخمسون جنيهاً بالسعودي
قال: (475) ألف جنيه سوداني دفعتها لاثنين من عبوات البن
قلنا.. تساوي (76) ريال سعودي.. ما يعني سبعمائة وستين جنيهاً سودانياً
> قال وهو يصرخ.. كم دخل السعودي وكم دخلي أنا
ونقول: الأسعار نسبية
فأنت لشراء الدقيق مثلاً تنفق واحداً على مائة من دخلك.. والسعودي لشراء الكمية ذاتها ينفق واحداً على مائة من دخله.
> و… الأسعار في السودان هي ثلث الأسعار في السعودية
> العودة للقواعد.. في الأسعار وفي كل شيء يصبح ضرورة
(2)
> لكن القصيدة التي لا يستطيع أحد أن يفهم بيتاً منها هي ما يقوله السيد ايلا
> فالجزيرة الآن تتوقف تسعة أعشار مدارسها عن العمل
> ايلا يجففها بحجة غريبة
> وأهل الجزيرة يسمعون أن ايلا يجفف المدارس هذه بحجة (الخوف على التلاميذ والبنات من الاعتداءات الجنسية).
> وأهل الجزيرة ينظرون ويجدون أن السيد ايلا لما كان والياً لبورتسودان يجفف أضخم ثلاث مدارس بالحجة ذاتها
> بينما؟؟
> بينما المدارس هذه كانت مدارس تقع في القلب بين مكاتب نادي الخريجين والنيابة العليا ومبنى حماية الطفل ومبنى المباحث.. ومبنى العوائد والمحكمة ووزارة التربية ورئاسة المرور
> ايلا يغلق مدارس تقع هناك بحجة أن المنطقة غير آمنة.
> ثم الجزيرة ايلا يفتح المدارس فيها على بعد اميال
> والاميال هذه يصبح لها معنى مخيف حين تعاني الجزيرة الآن من جرائم مخيفة تضطر الدولة لاقامة محاكم خاصة
> السيد ايلا لا يجفف المدارس للسبب الذي يعلنه بل لسبب آخر يعرفه هو
> والناس الآن .. ترد
(3)
> تجفيف يصنعه قلم إذن.. ويصنعه هدف الله به عليم.. والناس ترد.. وتجفيف آخر يقابله الناس برد آخر في الخرطوم
> والناس الآن في الخرطوم وغيرها .. ترد على تجفيف .. بتجفيف
> وأهل اللحوم يرفعون السعر مرة
> والأيدي.. تدفع.. والسعر يرتفع مرة.. والأيدي تدفع.. ويرتفع مرة.. والأيدي..
> الأيدي (الآن) تلطم.. وتقاطع اللحوم
> لو كان أهل السوق يقرأون لكانوا قد عرفوا ما صنعه أهل الجزائر حين قاطعوا العربات.. بعد أن صنع الجنون هناك ما صنعه أهل اللحوم في السودان
> الناس هناك قاطعوا وصاحوا (دعه يصدأ)
> وأهل تونس حين قاطعوا البيض صاحوا (دعه يتعفن)
> وأهل ألبانيا حين قاطعوا .. وقاطعوا
> وفي الجزائر.. باعة العربات حين يفاجأون بمقاطعة تجعل عرباتهم تجثم في الشمس يلجأون إلى الشيوخ
قالوا: أعلنوا فتوى تقول إن المقاطعة حرام!!
> الشيوخ قالوا لهم
: الحرام هذا.. لم تسمعوا به إلا الآن؟
> يومان اثنان ومقاطعة اللحوم الآن تحت شعار (دعها تتعفن) شيء يعيد العقل إلى عقول تعفنت