إذن توضأ
الآن فقط.. أدرك الفرق بين أن نمشي معاً.. وأن تمشي لوحدك أو أغادرك أنا على مضض..الآن.. بمحض الصدفة أطالع صفحات المواقع الاجتماعية المعتادة.. فأجد الجميلة “عفاف حسن أمين” وهي تتحدث عن هذا الرحيل في بوح شفيف تحت مسمى (إحساس الوداع).. لم ألقِ بالاً للإحساس الحقيقي لـ”عفاف”.. لأنه لم يكن يعنيني حتى هذا الصباح.. غير أنني أذوب في بساطتها وإدهاشها.. أعيد سماع مقطعها الباكي الحزين.. لأفاجأ برحيل ليس على الخاطر ظهراً..
أجدك في كل الطرقات.. هنا التقينا للمرة الأولى.. هنا تمازحنا بشأن شيء ما.. وهنا سامحتك على تأخير غير مقصود.. الناس يعرفون الطرقات بأسمائها.. بمعالمها.. بمواقعها على الخارطة.. بسجلات تاريخها.. أما أنا.. فلا أعي شيئاً للمعالم التي لم ألتقيك فيها.. وأحفظ التي ألتقينا في رحابها عن ظهر قلب..
ترى أي جغرافيا هذه التي تسكنني.. تشكلني على كيفك.. ترسم عبر ذاكرتي أطلس آخر غير ذاك الذي عرفناه قديماً..
أطلس يشكل العالم في عيني أنثى بحبر مختلف.. بلون مختلف.. وإشارات مختلفة..
أتراه ذاك الحب المجنون الذي حدثتني عنه ذات بوح حينما عرجت على سيرة صديقك الحبيب.. كنت تحدثني عن قصته مع حبيبته المجنونة التي ما أن يخاصمها حتى يجدها أمامه فيتبعثر إحساسه بين الخوف من والديه والفرح لأجل رؤيتها..
أنت تظن أنها تحبه بجنون؟؟
إذن ما ظنك بي.. أنا التي خانتني ذاكرتي واستعصت عليّ.. فباتت لا تتذكر إلا ما هو معك..
الطرقات كلها تتساءل عنك بشغف حين تراني وحدي.. أظنها تحزن لأجلي فأجدها حزينة لأنك لم تعطر ثراها بوطء قدميك..
الأرض تشتهي أن تمشي على وجهها.. والمعالم كلها تشتاقك بشغف..
وأنا هنا.. كائن بشري.. من دم وحب.. يشتاق الا تفرق بينك وبينه مسافة أن تصلي وحيداً..
إذن توضأ.. ريثما أتوضأ أنا ونصلي معاً شكراً لله على قدومك الباهي.