ارتداء رواد الفضاء ملابس خاصة
في قديم الزمان كان الوصول إلى القمر حلماً لا يتخيّل أحد من الناس أنّه ممكن تحقيقه، فالقمر والفضاء والسماء والنجوم كانت كلّها ألغازاً يلفّها الغموض والتشوّق، مما دفع الكثير من الحالمين والعباقرة أن يفكّروا بشتى الطرق والوسائل التي تمكّنهم من الوصول إلى تحقيق حلمهم وهو اكتشاف الفضاء والوصول إلى القمر.
لم ييأس العلماء من إيجاد مختلف الطرق التي تمكنهم من الصعود إلى القمر والهبوط عليه، واستكشاف الفضاء، وقد كانت أولى أنجح هذه المحاولات في عام 1959م بعد أن تمكّنت المركبة الفضائية الروسية (لونا 2) من تحقيق هذا الهدف، والهبوط على سطح القمر بسلام.
نحن نعلم بالطبع أنّ بيئة الفضاء والقمر مختلفة تمام الاختلاف عن بيئة وجوّ الكرة الأرضية، فهو جوّ غير مؤهّل للحياة الإنسانية التي تعزّزها الكرة الأرضية والجاذبية، ولذلك فقد كان على روّاد الفضاء قبل أن يفكّروا في الصعود إلى القمر واستكشاف الفضاء أن يحاولوا خلق بيئة بديلة لبيئة الأرض وحمل صفاتها معهم حتى يتمكّنوا من الحياة وينجحوا في الوصول لهدفهم، ولذلك كان عليهم أن يصنعوا بذلات خاصّة بهم – بذلات روّاد الفضاء -.
كان لا بدّ من العمل سنوات طويلة على إيجاد بذلات خاصّة لرواد الفضاء في رحلتهم الفلكيّة؛ فالجوّ في خارج الكرة الأرضيّة يختلف عن داخلها، وهذه البذلات الخاصة كان الهدف منها إيجاد بيئة مناسبة لرائد الفضاء تمكّنه من العيش خارج إطار الكرة الأرضيّة، فهي تمدّه بالأكسجين وتساعده في التخلّص من ثاني أكسيد الكربون، كما أّنّها تساعده على الرؤية وتسهّل عليه الحركة خاصة في ظلّ انعدام الجاذبيّة الأرضية، كما أنّها تفيده في الحفاظ على درجة حرارة جسمه الطبيعيّة، وتحميه من النيازك والإشعاعات الكونيّة الضارّة.
وقد صمّم الباحثون في هذا المجال أنواعاً عديدة من الملابس لروّاد الفضاء تتلائم مع كلّ هدف منها وحدثه الخاص، فهناك بذلات للانطلاق حول العالم الخارجيّ، وبذلات أخرى يرتديها الرائد خارج الكرة الأرضيّة بعد وصوله للفضاء، وملابس يرتديها داخل المركبة، وأخرى خارجها في المحطة الدوليّة الفضائيّة، وكلها تعتمد على “الحماية”، و “الراحة”.
وهناك أنواعٌ عديدة من هذه البذلات منها: بذلة “EVA” وقد ابتكرتها ناسا “وكالة الفضاء الأمريكيّة”، وهي ملابس بيضاء اللون، تزوّد الرائد بحياة كما لو أنّه على كوكب الأرض، وهناك أيضاً بذلة النجاة “ACES”، والبذلة الروسيّة “PENGUIN”، وبذلة “SOKOL”، وبذلة “ORLAN”. كما أنّ الصين دخلت هذا المجال في محاولة لمنافسة الأمريكان والروس في مجال الفضاء، فاخترعت بذلة “FEITIAND”، وهي الأكثر استخداماً حالياً.