ماذا نقول ؟!!
*ما عاد هناك ما يمكن أن يُقال..
*كل شيء قلناه… وكتبناه… ورسمناه….. ونزفناه..
*فعلناه بمداد الحرص أولاً… ثم الأسى… فالألم… فالدمع؛ وهذه أسوأ المراحل..
*أسوأ مرحلة تعبر عن أسوأ وضع في تاريخ السودان..
*وتحرياً للدقة نقول: لم يفقه وضعٌ سوءاً إلا ما كان أيام الخليفة… مجاعة سنة (6)..
*والآن بلغ السوء ذروته… كل شيء انهار..
*الاقتصاد… الجنيه… السوق… الصحة… التعليم… المعيشة…. والنفسيات..
*ونفسيتي لم تسمح لي البارحة بكتابة أي شيء..
*فكل شيء قلناه… وكتبناه… ورسمناه… ونزفناه؛ فكان صيحةً في وادي الصمت..
*لا أستطيع أن أكتب؛ خاطبت رئيس التحرير بذلك..
*أكتبوني عندكم محتجباً… أو معتذراً… أو منسحباً…. أو حتى متمرداً؛ قلت..
*فضحك – التاي – ثم طفق (يلاوي)… غير متقبل للفكرة..
*أكتب أي حاجة… فإن تعذر فأي كلام… فإن تعذر فأي كلمة من الأرشيف..
*وإذ يقول ذلك؛ فهو يتمنى أنْ لو يحتجب هو نفسه..
*فالذي يغيظ – أكثر من سوء الأوضاع وانهيارها – (تخانة) جلود بعض أهل الحكم..
*فهؤلاء أغرب مسؤولين أنجبتهم السياسة على مر التاريخ..
*لا إحساس… لا شعور… لا حياء… لا اهتمام… لا كفاءة… ولا قدرة على التصرف..
*لا أحد منهم يتصرف الآن؛ فقط يتفرجون… وهم (مستمتعون)..
*فما دامت أمورهم (ماشية) فلا شيء يهم..
*لا وقود ينقطع عنهم… ولا غاز… ولا خبز… ولا ماء… ولا كهرباء… ولا (مصاريف)..
*وكل الذي قدر عليه وزير المالية الجلوس مع (الكذابين)..
*ثم يعود من عند كلِّ كذاب بخفي حنين… لا دعم… لا منحة… ولا حتى (سلفية)..
*وجزاه الله خيراً – على أية حال – على هذا التعب..
*فآخر زمنك – يا بلادي – يصير وزير ماليتك متسولاً بعبارة (لله يا محسنين)..
*أما الآخرون فلا يشغلون أنفسهم حتى بهذا الهم..
*الخزانة فارغة… الخزانة ملآنة… لا يهم؛ المهم أن جيوبهم غير فارغة..
*ونثريات أسفارهم جاهزة في أية لحظة… بالدولار..
*أما الشعب فهو أصلاً (لا في الحيري ولا في الطيري)… بتعبير أهلنا الشوايقة..
*وأقسم بالله أن حكم المستعمر لم يكن بهذه اللامبالاة..
*والدليل؛ البنى التحتية – في زمنهم – التي ما زالت باقية إلى الآن..
*وذكريات كنا نسمع الكبار يجترونها عنه… باحترام..
*وقصاصة أرشيفية من إدارة الكهرباء تحوي اعتذاراً عن قطع مؤقت ليوم واحد..
*الآن الشعب لا يستحق حتى مجرد إخطار لبرمجة (شهور)..
*فماذا نقول؟!… كل شيء قلناه… وكتبناه… ورسمناه…… و(نزفناه)..
*والجلود حين تكون في سمك جلد التمساح لا تحس..
*و(التماسيح) حين تلتهم كل شيء – وهي بمأمن من العقاب – لا تحس..
*ورئيس تحريرنا حين نعتذر له لا يحس..
*ويضطرنا إلى أن نقول اليوم (حاجة)…….. وننزفها..
*فماذا نقول غداً ؟!!.