تأخر نمو اللغة ، أسباب تأخر نمو اللغة عند الطفل المعاق
إن الخلل الكروموزومي عند فئة متلازمة داون لا يترك بصمته على النواحي الجسمية فحسب، بل يمتد ليشمل النواحي الصحية والعقلية. مما يؤدي إلى الضعف في النمو في الجوانب الذهنية واللغوية والحركية والعاطفية والإجتماعية.
ويصاحب العديد من أفراد هذه الفئة بعض الإضطرابات، حيث الضعف في البنية اللغوية، وإضطرابات في النطق، والإضطرابات الصوتية.
ومن أكثر هذه الإضطرابات شيوعاً تأخر نمو اللغة عند الأطفال، والذي يؤثر فيما بعد على الطلاقة والإسـتـرسـال في الـكلام، ومـن ثم يؤثر بالسلب على العملية الـتـربـويـة و التعليمية، حيث ظهور بعض السلوكيات غير المقبولة – أحياناً – عند الأطفال نتيجة لهذا التأخر كالعدوانية، وكذلك الصعوبة في القراءة والكتابة بطريقة صحيحة. لذا يجب علينا التعرف على المقومات التي تساعد على إكتساب اللغة حتى نستطيع أن نؤهل من لديهم متلازمة داون لإكتساب المهارات الإكاديمية بطريقة جيدة.
مقومات نـشـأة اللـغـة:
اللغة لها مراحل نمو ثابتة إلى حد ما عند الأطفال وهناك أسباب عديدة لتأخر نمو اللغة تتضمن وجود إعاقة في أي من مقومات نشأة اللغة والتي يمكن تلخيصها كالآتي:
1. سلامة القنوات الحسية ووظيفة الحواس.
2. الــــــمـــــــقـــــــــومـات الـــفـــكـــريـة.
3. صحة وظائف الدماغ والجهاز العصبـي.
4. ســــــلامــــة أعــــضـــــاء الـــنــطـــق.
5. الـــــــصـــــحـــــة الــنـــفـــــســـــيـــــة.
6. الــــبــــــيـــــئـــــة الــــــمــــنـــــبــهــة.
1. سلامة القنوات الحسية ووظيفة الحواس:
لإكتساب اللغة بطريقة سوية يجب أن تعمل كل الحواس بكفاءة عالية. وأهم هذه الحواس هي حاسة السمع والتي تسبق دائماً حاسة البصر ففي القرآن الكريم يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الملك “قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع، والأبصار، والأفئدة، قليلاً ما تشكرون” [آية 23].
وأيضاً حاسة البصر لا تقل أهمية عن حاسة السمع وخاصة في السن المبكرة جداً حيث يميز بها الطفل الأشياء المحيطة ويصنفها وبالتالي يسميها. وهي أيضاً جهاز التغذية الأولى عندما يبدأ الطفل في تعلم القراءة، وكذلك الإحساسات السطحية للفم، والإحساسات العميقة لجهاز النطق وهي إحساسات الوضع والحركة.
2. المقومـات الـفـكـريــة:
اللغة خاصية بشرية تعتمد على نشاط مخي فكري (إنتباه، إدراك، ذكاء)، لذلك فإن تكامل النمو الفكري للطفل يساعد كثيراً في إكتساب اللغة بشكل جيد وسريع.
3. صحة وظائف الدماغ والجهاز العصبي :
أن تجسيد اللغة في شكل أصوات تخرج من بين الشفاه إنما هو في الواقع نتاج لنشاط عضلي عصبي وقدرة ذهنية على أعلى مستوى من التنسيق والدقة، لذلك كانت أهمية الجهاز العصبي فـي نـمـو اللغة. حـيـث أن الـدمـاغ هــو موضع إدراك وفهم وتداخل عمليات الكلام.
4. سلامة أعضاء النطق: والتي تتكون من:
1. الحجاب الحاجز
2. الرئتان.
3. القصبة الهوائية
4. الحنجرة
5. لسان المزمار
6. البلعوم
7. التجويف الفمي
8. التجويف الأنفي
9. اللسان
10, سقف الحلق
11. الأسنان
12. الشفاه
13. اللثة
5. الصحة النفسية:
تؤثر الإضطرابات النفسية عند الطفل ذاته في النمو السوي للغة، ومنها فصام الطفولة، الإنطوائية الذاتية، السلبية.
6. البيئة المنبهة:
تلعب البيئة دوراً هاماً في نمو اللغة عند الطفل، ويتجسد هذا الدور هنا في التنبيه العام عن طريق إعطاء النموذج اللغوي السليم، وعن طريق إغراق حواس الطفل بالمنبهات اللغوية، حتى يستطيع الطفل أن يكون نموذجه اللغوي ويغير ويصحح في شكله ومساره تقليداً للنموذج الصحيح من البيئة.
كذلك يجب أن تشعر الأسرة إبنها بالحنان والإهتمام والتشجيع على المشاركة في النشاط العام في البيئة، لذلك نجد أن إهمال الأم المنهمكة والمشغولة عن أطفالها، أو وجود الإبن في بيت تعصف به المشاكل الأسرية قد يؤدي إلى تأخر نمو اللغة لديه.
ومما سبق ذكره يتبين لنا أن بعض أفراد فئة متلازمة داون لديهم ضعف في معظم مقومات نشأة اللغة حيث:
1. الضعف في القنوات الحسية:
أ. حـــاســــة الـــســـمــــع:
يعاني بعض الأطفال ممن لديهم متلازمة داون من الضعف السمعي نتيجة:
– وجود عيوب خلقية في الأذن الخارجية، حيث تكون حلزونية الشكل، وأحياناً تكون ملتصقة بالرأس.
– تكرار إلتهابات الأذن الوسطى مما يؤدي إلى ضعف سمعي توصيلي.
– صغر حجم الجمجمة يؤدي إلى صغر مساحة الأذن الداخلية والوسطى عن الحجم الطبيعي الأمر الذي يؤثر على كفاءة حاسة السمع.
ومن أهم المؤشرات على وجود ضعف سمعي:
- إفرازات وإلتهابات الأذن المتكررة.
- عـدم الإلتفات تجاه مصدر الصوت.
- عـدم إتـبـاع التعـلـيـمـات الـلـفـظيـة.
- عـــــــــدم الإنـــــــتــــــــبـــــــــــاه.
- الإسـتـجـابـة بـطـريقة غـير مناسبة.
- الســــــلــــوك الإنـــســـحـــــابـــي.
- الــــتــــنـــفــــس مــــن الـــــفـــــم.
لذا يجب على الأهل إجراء فحص للأذن ومقياس سمعي بصفة دورية منتظمة.
ب. حـــاســــة الــبــصـــر:
يؤثر الخلل في حاسة البصر على إكتساب المفاهيم اللغوية، وبعض الأطفال ممن لديهم متلازمة داون يعانوا من مشاكل في الإبصار نتيجة:
– قــــــصــــــــر الــــــنــــــظـــــر.
– ترأروؤ العين وإهتزازها [9%].
– إلـــتــــهــــــاب الــجـــفـــنــيـــن.
– الـقـرنـيـة الـمخـروطية [15%].
ومن أهم المؤشرات على وجود
ضعف في الإبصار:
إلـتـهـاب الـجـفـــون وإحــمــــرارهــا.
إغلاق أو تغطية العينين بشكل متكرر.
الـــدّمـــاغ بــــشــــكـل مــــــــفــــرط.
فـــــرك الـعـيـنــيــن الـــمـســـــتــمــر.
عـدم الــقــــدرة عـلــــى رؤيــــة الأشـــياء الـبعـيـدة بـوضــوح.
مواجهة صعوبات عن تأدية الأعمال التي تتطلب حاسة البصر.
ج. حـــاســــة الـلـمـس:
تلعب حاسة اللمس دوراً في إكتساب بعض المفاهيم اللغوية مثل خشن، ناعم، بارد، ساخن …
ويعاني البعض من أفراد متلازمة داون من خشونة وجفاف وتشقق بالجلد، وبعض أمراض الجلد المختلفة نتيجة لنقص المناعة وقلة العناية بالنظافة العامة ومنها:
– داء الأظــافـــر الـــفـــــطــــري.
الإلتهاب الفطري بين أصابع القدمين.
د. حـــاســــة التذوق:
أيضاً يؤثر الضعف في هذه الحاسة على إكتساب بعض المفاهيم مثل حلو، مالح، لاذع … إلخ.
وبعض أفراد هذه الفئة يعانوا من الضعف في هذه الحاسة مما يؤثر على إكتساب هذه المفاهيم وذلك نظراً:
– لتشقق اللسان وخشونته، بسبب بروزه خارج الفم لكبر حجمه وصغر حجم الفم، فعند الولادة يكون اللسان طرياً وناعماً ولكن مع تقدم السن – وكون الفم مفتوحاً لصعوبة التنفس أحياناً من الأنف- فإن اللسان يبدأ بالتشقق ويكون ذلك أكثر وضوحاً في عمر السنوات الست الأولى.
هـ. حـــاســــة الـشــم:
أيضاً يؤثر الضعف في هذه الحاسة على إكتساب المفاهيم الخاصة بمعرفة طبيعة الروائح ومدى شدتها مثل الروائح الطيبة والكريهة بمختلف أنواعها، مما يؤثر على الحصيلة اللغوية بالنسبة للطفل.
وقد تتأثر هذه الحاسة عند البعض من فئة متلازمة داون وذلك بسبب:
– العيوب الخلقية في الأنف، كذلك لعدم كفاءة الموصلات العصبية.
– أمراض الجهاز التنفس المتكررة وذلك نظراً لضعف المناعة.
2. المقومات الفكرية:
تتأثر القدرات العقلية للطفل نتيجة للإضطراب الكروموزومي، مما يؤدي إلى الضعف في القدرات الذهنية مثل الذكاء، التذكر، الإدراك، الإنتباه، التخيل، التفكير، وكذلك فإن الخلايا العصبية لهؤلاء الأفراد تكون أبطأ في نقل المعلومة إلى المخ وأبطأ في توصيل الأمر من المخ إلى الجسم بالإستجابة، مما يترتب عليه البطء في الفهم والبطء في التعلم.
ولكن لا يؤثر هذا البطء في عملية التعلم بدرجة كبيرة، فمنحنى التعلم لدى هؤلاء الأفراد لا ينتهي عند مرحلة معينة، ولكنه يزداد إذا إهتمت الأسرة بطفلها منذ الصغر وتلقى التربية الملائمة.
3. صـحـة وظائف الدماغ:
يؤثر الخلل الكروموزومي على صحة وظائف الدماغ عند بعض أفراد هذه الفئة فيؤدي إلى :
– الضعف في الأداء لأجزاء الدماغ المسئولة عن إستقبال وتصنيف وتخزين وإسترجاع المعلومة السمعية.
– تأخر في نمو المناطق الحركية بالدماغ المسئولة عن تنسيق الحركات العضلية الدقيقة المطلوبة لإصدار الكلام.
– إضطرابات في المناطق البصرية والتي تؤثر على ربط اللغة مع الأحداث البيئية.
4. سلامة أعضاء النطق:
والتي تلعب دوراً رئيسياً في الأداء اللغوي السليم. ويعاني معظم أفراد فئة متلازمة داون من وجود عيوب خلقية في أعضاء النطق، والتي تؤثر على كفاءة الأصوات الملفوظة، فمثلاً:
– الرئتين:
أحياناً يوجد بهما عيوب مثل نقص في عدد الحويصلات الهوائية، وأحياناً يكون الصدر مقعر 18% أو نائي 11% ، أو وجود نقص في الأضلاع لتكون إحدى عشر بدلاً من اثنى عشر ضلعاً، أو تكون صغيرة الحجم.
– صـــــغــــــر حــــجــــــم الــــحــــنــــجــــــــرة والـــــــفـــــــــــك.
– يتسم سقف الحلق بالضيق والقصر وأحياناً يكون مصحوباً بشق فيه.
– عـــدم كــفــاءة عــمــل الـــصـــمـــام الــلـــهــائــي الــبــلــعــومـي.
– كــبــر حــجــم الــلــســان وأحــيــانــاً تــكــون هــنــاك رابطـة بـه.
– جـــفـــاف الــشــفــاه وتـــــشـــقــــقــــهـــا وكــــبـــر حـجـــمـــهــا.
– عدم تطابق الأسنان وتعرضهم الدائم للتسوس وتعرض اللثة للإلتهابات.
– الأنف يوجد العديد من المشاكل بالتجويف الأنفي نظراً لصغر حجمه وضيق فتحاته، وأحياناً توجد لحمية خلفه.
5. الصـحة النفسية:
يعاني القليل من بعض أفراد هذه الفئة من الإضطرابات النفسية مثل الإنطوائية حيث يتميز الطفل برفضه التام للإتصال بالبيئة، أو يعاني من السلبية والتي تكون نتيجة لسلوك تربوي خاطئ إكتسبه منذ طفولته من بيئته المحيطة.
6. البيئة المنبهة:
من البديهي أن الطفل السوي السليم تماماً (أي بلا حرمان حسي أو إضطرابات عصبية أو نفسية) إذا عزل تماماً أو عاش في بيئة غير منبهة فإن قدراته اللغوية ستكون محدودة.