تغذية الطفل ، طرق تغذية الطفل
د. فايز قنطار
شهدت الأبحاث المتعلقة في مسألة تغذية الطفل تزايداً كبيرا.وساهمت هذه الأبحاث في اتساع معارفنا عن طبيعة العناصر المختلفة وتركيبها البيوكيماوي وقيمتها الغذائية بالنسبة للصغير,وساهم ذلك مساهمة كبيرة في تحسين شروط التغذية,وفي توفير النمو المناسب للطفل,إلا أن معظم الأبحاث تخلص الى مايلي: بالرغم من التقدم الهائل في صناعة الحليب والأغذية الخاصة بالأطفال يبقى لبن الأم أفضل مايمكن توفيره للطفل وأكثر غنى في تركيبه وفي ملاءمته للطفل خاصة في الأشهر الأولى.
فحليب الأم يفوق في قيمته الغذائية الحليب الاصطناعي فحسب,بل يمكن الطفل من اكتساب المناعة ضد العديد من أمراض الطفولة.
إن إرضاع الصغير يعني قبل كل شيء مسألة علاقة بين الأم والطفل,ويعني تجسيد المحبة التي تكنها الأم لطفلها ووضع هذه المحبة موضع التطبيق.
وكل مايشاع من أن أرضاع الطفل قد يضعف الأم جسدياً ويشوه صدرها,لايستند الى أساس من الصحة.بل على العكس,فالإرضاع يزيدها نضارة,وإشراقا.فإعطاء الثدي للوليد يعزز شعور الأم بالنجاح والتحقق ويكمل دورها كأم ويبعث في نفسها السعادة والحبور,ويشعرها براحة الضمير,وهذا ينعكس على وضعها الجسدي وتوازنها النفسي.
فالأم المرضع يجب أن تدرك أن إعطاء الثدي في الأشهر الأولى يعتبر على قدر كبير من الفائدة بالنسبة للطفل وبالنسبة لها أيضاً,إذ يلعب دورا هاما في تدعيم العلاقات العاطفية بين الاثنين,ويساهم في انطلاقة جيدة بالنسبة لهما.
فالوضع المتمثل بأخذ الطفل بحنو,وإعطائه الثدي يعتبر مصدر رضى وسرور جسدي وروحي بالنسبة للأم والطفل معا.
إن حليب كل نوع من الأنواع يتلاءم ونمو صغار هذا النوع.فحليب الأم هو أكثر مناسبة للطفل,إذ يتناسب مركباته وحاجات الطفل خاصة في الأشهر الأولى.
فمحتويات حليب الأم من مواد دهنية وسكرية وأملاح معدنية وفيتامينات..تتلاءم تماما وعضوية الطفل,وتضعه في مأمن من اضطرابات عسرالهضم.لأنه يتضمن عناصر سهلة للهضم ومساعدة في الدفاع عن العضوية ضد المراض المختلفة التي تهدد الطفل,لذا يعتبر حليب الأم أكثر طزاجة وأطيب مذاقا وأقل كلفة من كل أنواع الحليب.
بالإضافة الى ماسبق يعتبر اللبن رابطة فيزيولجية محسوسة بين الطفل والأم وامتدادا لحبل الولادة.فعلاقة الطفل بالثدي محل علاقته بحبل الولادة.
وخلال المراحل المختلفة من الحياة البشرية كان الإرضاع بواسطة الثدي يمثل الطريقة الحيوية في تغذية الصغار.
إذ كان في ذلك الإمكانية الوحيدة التي تسمح للطفل بالبقاء.لذا فإن قابلية الأم لتغذية طفلها متأصلة جدا,وقديما كان من أصعب الأشياءعلى الأم ألا يكون لديها الحليب الكافي لتغذية صغيرها.
بالإضافة الى الدور الحيوي للرضاعة في التغذية,فهي تأخذ الكثير من المعاني الرمزية,وتتشكل حولها جملة من الطقوس والمعتقدات ومنها مايشير الى أن الخصائص الوراثية غير مكتملة عند الطفل بعد الولادة,ومع الحليب يمكن أن ينتقل الى الطفل شيء ما من خصائص الأم,لأن نقل الخصائص لايتم فقط عن طريق “الدم” بل عن طريق”الحليب”.
ومن هنا تأخذ المرضعة أهمية خاصة في الثقافة العربية,فالأمومة لاتقتصر على الحمل والولادة بل تستمر اثناء الرضاعة.
إذ تعتبر الأم المرضعة بنفس الدرجة كالأم الوالدة,حتى أصبحت الرضاعة في ترتيب الأخوة الحقيقية إذ تحرم أكثر المذاهب الإسلامية زواج الأخوين في الرضاع.
ومن خلال الأمثال الشعبيةيمكن إدراك أهمية حليب الأم وعلاقة ذلك بالقوة الجسدية لرجل المستقبل “فالبطل المنقذ” من يرفض الظلم ويقيم العدالة يصفه الناس بأنه قد سبق له أن “شبع من حليب أمه”