وفاةُ سيدنا زكريا حسب الروايات
الأنبياء
اختار اللهُ عزّ وجل الصفوة من عباده من بني البشرِ لتبليغِ الرسالةِ الربانيةِ وهم الأنبياءُ والرسلِ عليهم أفضلُ الصلاةِ والسلام، والنبيُ في اللغةِ هو من أخبره وأوحى إليه اللهُ عزّ وجلّ، والأنبياءُ أشرفُ خلق الله والأعلامُ التي يهتدي بها الناس فتصلُحُ بها دنياهم وأُخراهم ،والرسلُ هم المكلّفون بحمل وتبليغ الرسالة وقت بعثها، وعليه الفرق بين الرسول والنبي هو تبليغُ الرسالة فالنبيّ عليه السلام غير مكلفٍ بتبليغ الرسالة ولكنّ الرسول مكلفٌ بتبليغ الرسالة .
وقد ذُكر عددٌ من أنبياء الله ورسله في القرآن الكريم وعددٌ منهم لم يتمّ ذكرهم بأسمائهم، والدلالةُ على ذلك من خلال قول الله تعالى (ورُسلاً قد قصصناهم عليك ورُسلاً لم نقصصهم عليك)، وسيّدنا زكريا هو أحدُ الرسل الّذين تمّ ذكرهم في القرآن الكريم سبعُ مرات.
حياةُ زكريّا عليه السلام
يُنسب سيّدنا زكريا إلى بني إسرائيل، ويعود بالنسب إلى يعقوب ابن إسحاق عليهم أفضل الصلاة والسلام، وكان سيدنا زكريا من كبارِ الربانين الذين خدموا الهيكل في بيت المقدس، وكان عمران (أبو السيدة مريم العذراء) رئيسهم والكاهن الأكبر فيهم، وقد منّ الله على عمران وزوجته بمولودةٍ أسموها مريم عليها السلام ونذرتها أمُّها لخدمة بيت المقدس.
وبعد ولادتها أحضرتها لبيت المقدس لتفي بنذرها، وأعطتها للعُبّاد والربانيّن، وقد تنافسوا في كفالتها لأنّها ابنة رئيسهم عمران، وبعد حصول القرعة وقعت كفالتها على سيّدنا زكريا كما أخبرنا القرآن بذلك، وقد نشأت مريم نشأةً دينيةً وتفرغت للعبادة، وقد كان سيدنا زكريا يجد عنها رزقاً لم يأتها به، وهذا من إكرام الله عزّوجلّ لها، وقد وقع حبُ الذرية في نفس سيدنا زكريا، وقد دعا ربّه أن يرزقه غلاماً يرثه وأن يتولّى الرئاسة الدينية في بني اسرائيل خوفاً من المتلاعبين بالدين والجهلة، وقد استجاب الله تعالى له وبشره بالنبي يحيى وهو قائم بالمحراب يُصلّي.
وفاةُ سيدنا زكريا حسب الروايات
عاش سيدنا يحيى مع أبيه الشيخ الكبير سيدنا زكريا عليهم السلام حياةً مليئةً بالدعوة والتقرب إلى الله تعالى، ولكن بنو إسرائيل الذين قتلوا الأنبياء والرسل قد تآمروا على قتل سيدنا زكريا، وقد تبلّغ سيّدنا زكريا بأنّ القوم تآمروا عليه لقتله، فهرب منهم ودخل الغابة يركضُ بين الأشجار وبنو إسرائيل خلفه معهم منشار يريدون قتله وقطعه عليه السلام.
رأى سيّدنا زكريا شجرةً كبيرةً في الغابة قد فُتحت له بعد أن أذن الله عزّ وجل لها أن تُفتح ليختبئ بها، ولما دخل سيدنا زكريا بها واختبأ كان إبليسُ حاضراً فأمسك بجزء من ثوب سيدنا زكريا وأخرجه خارج الشجرة، وأغلقت الشجرة على سيدنا زكريا، وبذلك دلَّ إبليسُ بني إسرائيل على مكانه فجاء بنو إسرائيل حول الشجرة وبدؤوا ينشرونها ونبيُ الله فيها، فلما وصل المنشار لجسد سيدنا زكريا أصبح يُصدر أنيناً عليه السلام من الألم، فقال له الله عزّوجلّ يا زكريا لإن لم يسكُتن أنينك لأقلبنّ الأرض بمن فيها فسكت زكريا رحمةً بأمّته حتى لا يهلكهم الله عزّوجلّ ونُشر سيدنا زكريا إلى نصفين، وبذلك كانت وفاته عليه السلام.
وقتل بنو إسرائيل سيّدنا زكريا والأنبياء والرسل إنما لعندهم وتكبرهم، ولأنّ أنبياء الله أتو بما لا يتناسب مع أهوائهم لقوله تعالى ( أفكلما جاءكم رسولٌ بما لا تهوى أنفُسَكم استكبرتم ففريقاً كذّبتم وفريقاً تقتلون).