موضوع عن كوكب عطارد, بحث عن كوكب عطارد, صور كوكب عطارد
عُطَارِد (رمزه☿) هو أصغر كواكب المجموعة الشمسية وأقربها إلى الشمس، وسمي بميركوري (تلفظ [ /ˈmɜrkjəri/]) في اللاتينية نسبة لإله التجارة الروماني، وتسميته الكوكب عطارد: مصدر التسمية – لسان العرب – طارد ومطّرَد أي المتتابع في سيره، وأيضاً سريع الجري ومن هنا اسم الكوكب عطارد الذي يرمز إلى السرعة الكبيرة لدوران الكوكب حول الشمس.
يبلغ قطره حوالي 4880 كلم وكتلته 0.055 من كتلة الأرض ويتم دورته حول الشمس خلال 87.969 يوم. لعطارد أعلى قيمة للشذوذ المداري من بين جميع كواكب المجموعة الشمسية، ولديه أصغر ميل محوري من بين هذه الكواكب وهو يكمل ثلاث دورات حول محوره لكل دورتين مداريتين. يتغير الحضيض في مدار عطارد في حركته البدارية بمعدل 43 دقيقة قوسية في كل قرن، وشُرح ذلك من خلال النظرية النسبية العامة لألبرت أينشتاين في مطلع القرن العشرين.
يظهر عطارد بشكل متألق عندما يراه الناظر من الأرض، ويتراوح القدر الظاهري له بين -2.3 إلى 5.7، لكن ليس من السهل رؤيته عندما يكون في زاوية الاستطالة العظمى بالنسبة إلى الشمس والتي تبلغ 28.3 درجة. وبما أنه لا يمكن رؤية عطارد في وهج النهار إلا إذا كان هناك كسوف للشمس لذلك يمكن مشاهدته في الفجر والشفق.
المعلومات المتوفرة حول عطارد قليلة نسبياً إذ أن التلسكوبات الأرضية لم تكشف سوى الأجزاء الهلالية من سطح عطارد. إن أول مسبار فضائي زار كوكب عطارد هو مارينر 10 والذي أسقط خرائطاً لحوالي 45% من سطحه منذ عام 1974 حتى 1975، أما الرحلة الثانية فكانت بواسطة المسبار ميسنجر الذي أضاف 30% من الخرائط لهذا الكوكب عندما مر بقربه في 14 كانون الثاني 2008.
يشبه عطارد قمر الأرض في شكله، إذ يحوي العديد من الفوهات الصدمية، ومناطق سهلية ناعمة، ولا يوجد له أقمار طبيعية أو غلاف جوي، ولكنه يملك نواة حديدية على عكس القمر مما يؤدي إلى توليد حقل مغناطيسي يساوي 1% من قيمة الحقل المغناطيس للأرض. وتعتبر كثافة هذا الكوكب استثناء بالنسبة إلى حجمه نظراً للحجم الكبير لنواته، أما درجات الحرارة فهي متغيرة بشكل كبير وتتراوح بين 90 إلى 700 كلفن.
يبلغ من صغر عطارد أن بعض الأقمار الضخمة، من شاكلة غانيميد وتيتان، أكبر منه حجمًا. تتكوّن تركيبة عطارد من 70% معادن و 30% سليكات،[12] وكثافته هي ثاني أكبر كثافة في المجموعة الشمسية وتقل عن كثافة الأرض بحوالي 5.515 غ/سم³ فقط.[1] يلجأ العلماء إلى كثافة عطارد لتحديد بنيته الداخلية، حيث يقولون أنه بسبب حجم الكوكب الصغير وعدم انضغاط مكوناته الداخلية، فإنه لا بد من أن تكون نواته ضخمة الحجم ومكونة بمعظمها من الحديد.
يرجع تاريخ رصد عطارد إلى الألفية الأولى قبل الميلاد. كان علماء الفلك الإغريق يعتقدون أن هذا الكوكب عبارة عن جرمين منفصلين، وذلك قبل القرن الرابع قبل الميلاد، وأطلقوا على أحد هذين الجرمين تسمية “أبولو”، واعتقدوا أنه لا يظهر للعيان إلا عند الشروق، وأطلقوا على الآخر تسمية “هرمس”، واعتقدوا أنه لا يمكن رؤيته إلا عند الغروب. يُشتق الرمز الفلكي لعطارد من شكل الصولجان الأسطوري لإله التجارة الإغريقي هرمس.[14]
يُعتبر عطارد الكوكب السائد في فلكيّ برج الجوزاء وبرج العذراء وفقًا لعلم التنجيم، حيث يُقال أن تأثيره الفلكي يكون في أوجه عندما يمر ضمن هذه الكوكبات،[15] مما يؤثر على حظوظ الناس المولودين خلال هذا الزمن (حسب رأيهم). وكان الفلكيون القدماء يعتقدون بأن “برية هرمس الهرامسة” (باللاتينية: Solitudo Hermae Trismegisti) تُشكل ميزة أساسية من ميزات الكوكب، حيث قيل بأنها تغطي تقريباً ربع ربعه الجنوبي الشرقي.[16]
مراقبة عطارد
يتراوح القدر الظاهري لعطارد بين -2.3 (أكثر لمعاناً من الشعرى اليمانية) إلى +5.7، وأقصى مقدار للقدر الظاهري عندما يكون قريباً من الشمس في السماء.[7] إن مراقبة عطارد مُعقدة بسبب قربه من الشمس، بحيث تصعب مراقبته بسبب وهجها، ويمكن مشاهدته لفترة قصيرة عند الفجر والغسق، ولم يستطع مرصد هابل الفضائي مشاهدته إطلاقاً حتى الآن، بسبب الإجراءات الوقائية التي تمنع من توجيهه بالقرب من الشمس.[17] ويمكن رؤية عطارد من النصف الجنوبي للكرة الأرضية بشكل أسهل من رؤيته من النصف الشمالي.
عطارد عند القدماء
نموذج لرصد ابن الشاطر لعطارد.
تعتبر جداول “مل أبن” (Mul.Apin) أقدم الملاحظات الفلكية حول عطارد. ويُعتقد أن هذه الجداول وُضعت بواسطة الفلكيين الأشوريين على الأغلب، في القرن الرابع عشر قبل الميلاد،[18] وكانت ترجمة الكتابة المسمارية لاسم هذا الكوكب في الجداول بمعنى الكوكب القافز.[19] تعود سجلات البابليين لعطارد إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، وقد أطلقوا عليه اسم نابو وهو إله الحكمة والكتابة وفقاً لميثولوجيتهم
عَرف الإغريق في زمن هسيود كوكب عطارد، وقد أطلقوا عليه اسمي “ستيلبون” (باليونانية: Στίλβων) و”هيرماون” (باليونانية: Ἑρμάων) ظناً منهم بأنه عبارة عن جرمين سماوييّن منفصلين. وفي وقت لاحق أعطوه اسم أبولو عندما يكون مرئياً في الفجر، وهيرميز عندما يكون مرئياً في الغسق. وفي القرن الرابع قبل الميلاد أدرك الفلكيون الإغريق أن الاسمين يعودان لجرم واحد. أطلق الرومان فيما بعد اسم “ميركوري” (باللاتينية: Mercurius) على الكوكب والذي يُقابل الإله هيرمز عند الإغريق، وذلك لأنه يتحرك في السماء أسرع من أي كوكب آخر، كما يفعل الإله سالف الذكر وفقاً لمعتقداتهم. وقد كتب العالم الروماني – المصري كلاوديوس بطليموس حول عبور عطارد أمام الشمس، وقد اقترح أن العبور لا يُلاحظ بسبب صغر عطارد وأن هذا العبور غير متكرر.
عُرف عطاردٌ عند الصينيين القدماء باسم “شين إكسينغ” (بالصينية: 辰星)، وهو مرتبط باتجاه الشمال وهو في طور المياه حسب مبدأ العناصر الخمسة (بالصينية: 五行) التي اعتقد الصينيون أنها تكوّن العالم.
حسب الميثولوجيا الهندوسية استخدم له اسم بوذا، كما هو الإله أودن حسب الميثولوجيا الإسكندنافية، في حين مثَّل المايا عطارد بالبومة وأحياناً بأربع بومات، اثنتان منهما للظهور الصباحي واثنتان للظهور الليلي، وكلهم يَخدمون كرسل للعالم السفلي. وفي القرن الخامس حدد نص فلكي هندي يُدعى ثريا سيدهانتا قطر كوكب عطارد بثلاثة آلاف وثمانية أميال، أي بخطأ أقل بنسبة 1% من القيمة الحقيقة البالغة 3,032 ميل.
كان العرب يُطلقون على هذا الكوكب اسم عطارد نسبة إلى “طارد” و”عَطرَدَ” أي المتتابع في سيره، ويَرمز هذا إلى السرعة الكبيرة التي يَدور بها الكوكب حول الشمس. أما عن علماء الفلك المسلمون، فقد وصف في القرن الحادي عشر الميلادي الفلكي الأندلسي إبراهيم بن يحيى الزرقالي مدار عطارد بأنه إهليلجي وبأنه يشبه البيضة. وفي القرن الثاني عشر رصد العالم ابن باجة بقعتين مظلمتين على سطح الشمس، واقترح فيما بعد قطب الدين الشيرازي أن هاتين البقعتين ما هي إلا عبور عطارد والزهرة. وذلك في القرن الثالث عشر.