مقدمة بحث
إنّ لكتابة البحوث العلميّة في اللغة العربية وغيرها قواعد وأسس علينا أن نتبعها حتّى نستطيع أن نخرج بحثاً كاملاً وشاملاً، ومراعياً لكل أسس البحث العلمية وضوابطه. في مقالنا هذا سنتحدّث عن مقدمة البحث وكيف نكتبها، ولتسهيل الأمر أكثر وتوضيحه نجد لدينا مقدمة لإحدى البحوث العلمية المكتوبة في مشروع تخرّج من إحدى دوائر اللغة العربيّة.
إنّ مقدمة البحث مهمّة جداً ولا يمكن إغفالها أبداً، سواء أكان بحثاً جامعياً أو تقريراً أو موضوع تعبير أو مقالاً أو أيّ كان. فالمقدمة مهمّة لأنّها عنصر لجذب القارئ، كما أنّها بداية تأسيس البحث بطريقة علمية صحيحة، وهي التي تعطينا إنطباعاً جيّداً عما يحتويه البحث بشكل عام.
لكتابة المقدمة علينا أن نحرص على الآتي:
- أن تكون اللغة العربيّة سليمة، وأن تكون خالية من الأخطاء اللغوية والنحوية والإملائيّة.
- أن نتبع الأسس الصحيحة في كتابة المقدمة، وهي:
- نبدأ المقدمة بحمد الله سبحانه والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسولنا الكريم – صلّى الله عليه وسلّم -.
- بعد الحمد والثناء، علينا أن نحدد الموضوع العام للبحث، ونذكر من تناول هذا الموضوع سابقاً بجانب أو بآخر، ونذكر سبب اختيار البحث في هذا الموضوع.
- نذكر هدف البحث.
- نذكر أقسام البحث وفصوله، وطريقة تقسيمه.
- نذكر الصعوبات التي واجتهنا في إعداد البحث.
ومما يجدر ذكره أنّ مقدمة البحث لا تكتب في بداية العمل عليه، وإنّما في المرحلة الختامية للبحث. وتأتي في الترتيب بعد صفحة الإسم، وصفحة الإهداء، وصفحة التمهيد.
وفيما يلي مثال عمليّ على مقدمة لبحث تمّ تقديمه كمشروع تخرّج من دائرة اللغة العربيّة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فإن بحثي يتناول الأخطاء اللغوية الشائعة في اللغة العربية، ولم يكن هذا الموضوع جديدًا بل تناول القدماء والمعاصرون كلٌ منهم من منطقه، ومن أهم القدماء الذين تناولوه ابن الجوزي في كتابه تقويم اللسان، والكسائي في كتابه “ما تلحن فيه العامة”، وأيضا هناك كتاب “لحن العوام” للزبيدي وكتاب “إصلاح المنطق” وغيرهم من الكتب. لم يترك المعاصرون هذا الموضوع أيضًا، فكان من أهم المواضيع التي تناولها علماء العربية في علم اللغة وخصصت له معاجم خاصة به. فقد حاولوا أن يهذبوا اللغة العربية ويحافظوا عليها ويحموها من كل دخيل حتى يبقى رونقها وعبيرها كما ألفناه دائمًا.
يهدف هذا البحث إلى دراسة مسألة الأخطاء اللغوية الشائعة ووضع اليد على مناطق الضعف في القضايا التي سأناقشها فيه والتي تشمل جميع جوانب الأخطاء اللغوية، حيث يقترح دراسة نماذج من مقالات كتبها طلاب التخصص. فقد طلبت من طلاب دائرة اللغة العربية في جامعة بيت لحم من السنة الأولى حتى الرابعة كتابة مقالات بعنوان “وسائل الإعلام ودورها في تغيير وجهات النظر”، وجمعت 40 نموذجًا عشرة نماذج لكل سنة، ثم قمت بدراسة هذه النماذج من ناحية اللغة ثم قمت باستخراج الأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية فيها، وقد استعنت بكتب ومراجع تناولت هذا الموضوع سابقًا.
ولا بد لي من الإشارة إلى نقطة مهمة جدًا، هي أن هذا البحث لا يهدف لتقويم الطلاب في كل سنة على حدة بقدر ما يهتم بتحديد نوع الأخطاء الشائعة الأكثر ورودًا في مقالاتهم ووضع خطة علاجية تستدرك هذه الأخطاء.
وقد قسمت بحثي هذا إلى ثلاثة فصول رئيسة. الفصل الأول يتناول الأخطاء الإملائية الشائعة التي وقع بها الطلاب والتي تضم همزتي الوصل والقطع، والهاء والتاء، وواو العطف، ورسم تنوين الفتح، وأخطاء أخرى متفرقة. أما الفصل الثاني فقد ضم الأخطاء النحوية الشائعة عند الطلاب مع تصويب لهذه الأخطاء. وأما الفصل الثالث والأخير كان بعنوان الأخطاء التركيبية الشائعة والتي تشمل أخطاء الطلاب في دلالات الألفاظ والمفردات، والاستخدام الخاطئ لأحرف الجر، والاستخدام الخاطئ للأفعال والأسماء. ومن ثم سأتحدث في الختام عن النتائج التي توصلت إليها من خلال بحثي. وقد أضفت ملحقًا للإحصائيات التي قمت بها لجميع الأخطاء الواردة عند طلاب كل سنة.
وأما الصعوبات التي واجهتني خلال البحث، فقد كانت في البداية مرحلة تجميع المقالات والنماذج، وأيضًا مرحلة عمل الإحصائيات فلم يكن عملًا سهلًا. وواجهت صعوبةً في تحديد بعض الأخطاء إن كانت صحيحة أم لا حسب ما ورد في بعض الكتب، فبعض الكتب ذكرت أن استخدامَ كلمة ما خاطئٌ ولا يجوز في اللغة وكتب أخرى اعتبرتها صحيحة، وقد كان الفصل في الأمر عندي هو أن الرأي المتكرر الأكثر هو الصواب مع اقتناعي بالحجة والدليل.
وفي الختام أريد أن أوجه شكري وامتناني الخالص لأستاذي ومعلمي الفاضل الدكتور خليل عيسى، لما قدمه لي من إرشادات ومساعدة خلال عملي.