مجلس الشعب… امتحان الشرعية
لم تكن المرة الأولي التي ينزعج فيها البرلمان من تسليط أضواء السلطة الرابعة عليه وأظهار بعض المعلومات التي يخفيها ويتذرع بأنها تدخل ضمن مشاريع كلية صادقت عليها الدولة ، أو كما يحلو لإدارة الإعلام وصفها ” بالمعلومات السلبية “، عدد من المعارك التي خاضها البرلمان في ذات السياق ضد الإعلام كسبها عبر قوانين ولوائح مرت مرور الكرام بين أيادي النواب ممثلو الشعب دون “اعتراضها” ، ولكن كانت هذه المرة بمثابة الامتحان الصعب وربما الأخير الذي يجلس إليه البرلمان مجبراً حينما قرر تعيين لمستشار رئيس البرلمان عبد الماجد هارون ليتخذ قراراً بمنع كافة مندوبي الصحف من دخول حرمه لتغطية أنشطته وفرض طوق من الضوابط المشددة لممارسة السلطة الرابعة مهمتها في مجلس الشعب المكون من أحزاب وقوى سياسية مختلفة.
اصل الحكاية …
حمل حديث رئيس البرلمان إبراهيم احمد عمر تهديدات للصحفيين باتخاذ إجراءات ضدهم حال عدم العدول عن طريقة العمل التي تعمل بها الصحافة في نقل أخبار البرلمان أو أنشطته مجتمعة ، وعبر عن رأيه في جلسات متعددة وبواسطة لجنة الإعلام بالبرلمان التي التقت بالصحفيين في اجتماعات مخصصة لتنقل لهم رؤية نظر المجلس في مايتم نقله في وسائل الإعلام خاصة الصحافة ، وعندما باءت جميع المحاولات بالفشل لم يجد رئيس البرلمان إلا الاستعانة بعبد الماجد هارون الذي تولى حقيبة وكيل وزارة الإعلام في وقت سابق ليكون السيف الذي يحارب به الإعلام ولكن لم يفلح ذاك السيف في تحجيم السلطة الرابعة إلا أن وجدت ضالته في خبر نقلته صحيفة “الانتباهة ” يفيد بتركيب شاشات بقاعة البرلمان الرئيسية بمبلغ (9) مليار جنيه بالقديم لعرض إنجازات الوزارات وبيانات الوزراء التي يقدمونها أمام البرلمان ، بجانب مراقبة النواب لمنعهم من النوم والانشغال بالهواتف والأحاديث الجانبية .
منع مع سبق الإصرار …
وجاءت خطوة عبد الماجد هارون بإبعاد الصحفيين عن مجلس الشعب وتكميم الأقلام التى تنقل ما يدور داخل القبة للمواطن والرأي العام بضوابط للدخول وتلقى المعلومات بإصدار قرار ممهور بتوقيع إدارة الإعلام بالبرلمان بحظر الصحفيين والوكالات، واستثنى القرار الأجهزة الإعلامية الرسمية ( تلفزيون السودان ، قناة الخرطوم ، الشروق ، وكالة السودان للأنباء) ، إلا أن مستشار الرئيس وضع نفسه في مأزق كبير لجهة اتخاذ قرار ضد الدستور والقانون الذي تمت اجازته من داخل البرلمان بإتاحة أعمال البرلمان إلى الأعلام وعامة الشعب .
جدل دستوري …
واثأر قرار منع الصحفيين من تغطية أعمال البرلمان جدل قانوني حول دستورية القرار وقانونية تعيين عبد الماجد هارون ، إلا أن الأمانة العامة للمجلس الوطني سارعت ببيان بررت فيه تعيين المستشار للرئيس وقالت أن المادة 94(2) والمادة 18(أ) (ح) تعطيان رئيس البرلمان الحق في تعيين من يرى أنه من ذوي الكفاءة بوظيفة مستشار أو أي وظيفة أخرى.
دعوى دستورية …
واعلن مجموعة من النواب عزمهم رفع دعوى دستورية لإبطال تعيين مستشار رئيس البرلمان عبد الماجد هارون ، وطالبوا باسترداد المخصصات التي مُنحت له، طوال الفترة السابقة.
واكد البرلماني المستقل مبارك النور ان النواب بصدد رفع دعوى بشأن قانونية تعيين رئيس البرلمان مستشاراً له عن طريق التعاقد الشخصي، ويرى كثيرون أن تعيينه فساد إداري ، وأشار إلى تكليف مستشارين قانونيين، لرفع الدعوى أمام المحكمة الدستورية، التي تُعد أعلى سُّلطة قضائية في البلاد، لإبطال تعيين المستشار .
احتجاجات …
وعبر مندوبو الصحف الذين تم منعهم من تغطية أنشطة البرلمان عن رفضهم لمسلك البرلمان وطالبوا قيادة البرلمان الرجوع عن قرارها ، ونفذوا وقفة احتجاجية أمام البرلمان لمنعهم من دخول البرلمان على خلفية إعلانهم لمقاطعة أنشطة البرلمان ليومين اعتراضا على ايقاف مندوبة “الانتباهة ” ، ودفعوا للبرلمان بمذكرة احتجاجية رفض الأخير استلامها ، ويظل البرلمان الآن أمام تحدي أثبات شرعية قراراتها الخاصة بمنع مندوبو الصحف من أداء مهامهم وتعيين مستشار لرئيس البرلمان.
الخرطوم (كوش نيوز)