قضاء وقتي بدون ملل
يعاني كثيرٌ من النّاس من وجود الفراغ في حياتهم ، و بالتّالي يشعرون بالملل في أوقاتٍ كثيرةٍ و لا يعرفون كيف يتعاملون مع هذا الفراغ ، و الحقيقة إنّ الفراغ كما بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم في حديثه هو إحدى النّعم التي يغبن عليها الإنسان ، حين قال نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من النّاس ، الصّحة و الفراغ ، فبلا شكٍ بأنّ الفراغ نعمةٌ و ذلك لأنّ الكثيرين يفتقدون إليه بسبب انشغالاتهم بتربية أبنائهم أو كسب قوت عيالهم ، فتجدهم يتمنّون لحظة فراغٍ يجلسون فيها مع أنفسهم لعمل شيءٍ مفيدٍ نافع ، و الفراغ في ذاته نعمة و لكن قد يتحول إلى نقمةٍ حين يستخدمه الإنسان بما لا يرضي الله تعالى من القول أو العمل ، فكثيراً ما نرى في شوارعنا شباباً يقضون السّاعات على الأرصفة يمارسون الأفعال المشينة و يتلفّظون بالألفاظ المعيبة بسبب شعورهم بالفراغ و عدم معرفتهم كيفيّة استغلاله على الوجه الحسن ، فتكون قد اجتمعت لديهم أسباب الفساد في الأخلاق و الدّين ، و كما قال الشّاعر
الشّباب و الفراغ و الجدة *** مفسدةٌ للمرء أيّ مفسدة
و لكي يتعلّم الإنسان كيفيّة استغلال وقت الفراغ عنده عليه أن يدرك أنّ حياته و وقته محسوبان عليه ، و من الأمور التي يسأل عنه الإنسان يوم القيامه شبابه و حياته ، و هل سخرهما فيما يرضي الله أم كانتا في سخط الله ، و على الإنسان أن يسعى بعد ذلك لأن يشغل وقت فراغه بالصّالح من العمل ، فيضع نصب عينيّه هدفاً يسعى لتحقيقه ، و كم نرى من النّاس الطّموحين الذي يعرفون كيفيّة استغلال أوقاتهم منشغلين بتحقيق أهدافهم بدون كللٍ او مللٍ ذلك لأنّهم ذاقوا طعم النّجاح و استمرؤوا نكهة الإنجاز .
و إنّ التّنويع في الأعمال له دورٌ كبيرٌ في قضاء الوقت بدون ملل ، ذلك أنّ النّفوس تملّ و تكلّ كما تكلّ الأبدان ، فوجب التّرويح و التّرفيه عنها ، و إنّ البعد عن الرّوتين في العمل ، و السّعي باستمرار لتنويعه دورٌ في القضاء على الملل عند انجاز الأعمال ، و يبقى أن نقول أنّ تلك الأساليب تسهم في الحدّ من الملل بشكلٍ كبيرٍ ، و قد يتسلّل الملل إلى النّفوس بسبب طبيعة الحياة الدّنيا و تقلّباتها .