قصه:الحب فى المقابر
الحــــ الاولي ــــلقه
ساق فارس سيارته المرسيدس مساءا في شوارع مدينة الناصرة ف طريقه لاحد المطاعم لمقابله اصدقاءه لصفقه عمل جديده ..
توقف فارس على الاشارة الضوئية .. وفي اقل من ثانية فتح باب السيارة وركبت امرأة..قعدت بجانبه وقفلت الباب ورائها بهدوء وثقة …
نظر فارس ف حاله ذهول واستغراب م اللي بيحصل ومش فاهم حاجه …كل اللي شايفو شبح اسود …او كتلة سوداء متحركة ..
قعد يتامل من القدم حتى الرأس يمكن يشوف حاجه تدل على جنس الكائن المختفي ورا الملابس السودا دي …رجل هو ام امراة
ولكن مفيش فايده فلا عيون ولا وجه ولا ايدي تظهر من خلف هذا السواد ..
وف الوقت ده نطق الكائن الساكن خلف الملابس السوداء …بصوت انثوي جميل وهادىء وواثق:
اسفه …ممكن توصلني الى كفر كنا ؟
ابتسم فارس وقال :اسف ..انتي شكلك غلطانه انا مش سواق تاكسي …!
– فقالت بهدوء :عارفه انك مش سواق تاكسي ويلا اوصلني الى كفر كنا …؟!
وبدون مبالاة لقي فارس نفسه يسوق باتجاه كفر كنا ونسي موعده المهم مع اصدقائه
فكل اللي كان شغله هو مين هي صاحبة الصوت الملائكي ده ؟
– واثناء الطريق لف وشه لها وقال :عفوا يا حجة ..!
– راحت بصت ليه وقالت له : انا مش حجة …
– قال : عفوا …قصدي شيخه! –
قالت: ومش شيخة كمان..
– قال: يبقي متدينة لدرجة كبيرة ؟
– قالت:لا..انا مش متدينة…! –
قال: عفوا ..هو انتي مسلمه؟
– قالت: يمكن… ده بيهمك …!؟
– فقال مستفزا :طيب ليه لابسه اللبس ده ؟
– فقالت :انا لبسته لاني لبسته …!!!
– فقال:طيب.. مين انتي ؟ –
فردت عليه: انا قدرك يا فارس
ذهل فارس ..ازاي عرفت اسمه ؟ ..
وبدا يفكر ف حاجات كتيرة
وقالها وهو بيضحك : – قدري انا …قولي لي يا قدري مين سلطك عليّا وقالك عن اسمي ؟
– فقالت: آه .. انا قدرك انت.. وازاي عرفت اسمك ف ده شغلي انا … ايه انت مش بتأمن بالقدر ؟
– فقال: لا مش بأمن …! –
فقالت: لو كده اعمل حسابك م اليوم هتأمن بحاجات كتيره ..!
– فقال: مش مشكله ساؤمن …قوليلي اسمك ايه ولا اناديكي “انسه ” قدرك ام “مدام” قدرك. –
فقالت: قدرك انت …
– قال: طيب يا قدري انا اكشفي عن وشك علشان اشوفك؟
– فقالت:وعشان ايه انت تشوفني؟
– فقال: انتي مش قولتي انك قدري …عايز اشوف قدري ان كان حلو ولا يا ساتر؟
– فقالت: متخافش ..قدرك حلو اوي ومش يا ساتر…ومش هتشوفني الوقتي هتشوفني في الوقت المناسب.
– وقال فارس وهو مستفز والفضول يقتله : وانا عايز اشوفك دلوقتي طالما بتقولي انك قدري ؟ –
فقالت : وقف السيارة …لو عايز تتأكد اني حلوه … اتفضل اكشف عن وجهي وارفع الخمار وهتشوف .. .بس أحسنلك متعملهاش دلوقتي ؟
سكت فارس حائر متردد بين ان يمد ايده عشان يشوف ايه اللي بيخفيه الخمار ده ..
يعملها ولا لا ؟؟.. ولكن ايده متحركتش …!!
اما صاحبة الصوت الجميل صاحبه الخمار الاسود فتحت باب السيارة وخرجت تمشي في شوارع كفر كنا ..
محدش شايف منها حاجه …ورجع فارس الى الناصرة بسرعه يمكن يلحق اصحابه
بس للاسف لقاهم مشيو م المكان
ابتسم وقال لنفسه : يا لقدري وحظي الوحش …اديني خسرت الصفقه ..
خسرتها لأشباع فضولي بالكشف عن سر الكتلة السوداء وما تخفيه خلف ورا الخمار …
كمل فارس المشي في الشوارع يفكر ف سر هذه المرأة وما تخبيه وبص لمكان ما كانت قاعده
فشاف على الكرسي جمجمة بحجم كف الايد وفيها مكان تجويف العينين كره مطاطية لونها احمر
كان بيشع منها نور جامد يمكن بسبب انعكاس الضوء …
مسك فارس الجمجمة وبدأت قشعريرة في جسمه من منظرها ولما بص للجمجمة كان منظر الفكين قريب من الابتسامة …
-ضحك فارس وقال لنفسه : يا لقدري …جمجمة وتبتسم … احتار من احتياجالمرأه لهذه الجمجمة ؟ وليه سابتها معاه ؟ ولا هي نسيتها من غير قصد ؟
اكيد الخمار ده بيخفي قبح مفيش زيه ودا واضح بدليل انها شايله جمجمة … مر يوم وفارس لسه يفكر ف المراة..
شعورٌ غريب بيشده ليها ميعرفش ايه سببه ..! يا تري هو الفضول ولا حاجه تانيه هو مش عارفها ..!؟
وف اليوم التالي
مشي فارس بسيارته دون هدف محدد ، راح الى كفر كنا مكان ما نزلت ، فمن الممكن انه يلاقيها
…ولكن بدون فايده ولما رجع الى الناصرة شاف نفس المراة المقنعه تجلس على ….
الحــــ الثانيه ــــلقه
ولما رجع فارس الى الناصرة شاف نفس المراة واقفه عند موقف الاتوبيسات …
قرب منها وكان عايز يكلمها بس كان خايف ان المرأه دي تكون امرأه اخري …
ف ازاي هيميز اذا كانت هيا ام واحده تشبهها ف الملابس … وبحركة غير متوقعة قربت صاحبه الخمار الاسود من شباك السياره
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– وقالت: ليه اتاخرت يا فارس .. انا مستنياك م ساعه ونص ؟
ركبت السياره وقفلت الباب …وهي لسه مستمره ف معاتبته ع التاخير وكانها على موعد مسبق معاه… فضل فارس ساكت وعلامات الاندهاش والتعجب ع وشه والحيرة تقتله لانه مش فاهم اي حاجه م اللي بتدور حوله .
– فقالت له :وصلني لحيفا .
– ضحك فارس وقال :بتؤمري هوصلك لحيفا ولمكان ما تعوزي ..بس قوليلي يا ….
– قاطعته وقالت : ياسمين اسمي ياسمين ، ناديني ياسمين .
– فقال : ياسمين قوليلي بجد كنت بتستنيني ولابتهزري ؟
– فقالت: آه انا كنت بستناك …انت فاكر انا كنت بعمل هنا ايه .. بستني واحد تاني …على العموم لو مش عايز تشوفني نزلي هنا .
فتحت ياسمين الباب وهمت بالنزول ، لولا انه اعتذر لها
-وقال : انا عايز اشوفك..بس مش شايف حاجه منك غير السواد ده !؟
– فردت عليه غاضبة وقالت: مش مصدقني …؟ قلت ليك انا حلوة.. اقسم بحياة ستي اني حلوة وهتشوفني في الوقت المناسب.
– رد عليها فارس بصوت غلب عليه الحزن واليأس وقال: ياسمين قوليلي ..هو انتي واحده بعرفها وحابه انها تهزر معايا من ورا الخماد ده .. ولا ف حد مسلطك عليا عشان تجننيني ؟..
-قالت: لا..انا معرفكشي ومفيش حد سلطني عليك ..بس من اللحظة الاولى اللي شوفتك فيها بقيت قدرك..وبعدها عرفت عنك كل حاجه .
– وقال لها : قصدك ايه…؟!
– قاطعته وقالت له :انا وصلت ولام امشي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذهبت “ياسمين ” الغامضة وبدات تمشي بالشارع حتى اختفت بين الناس .. وعيون فارس مقدرتش بمراقبتها ف قعد يضحك مستسخفا باللي بيحصل واخذ قرار انه ميفكرش ف صاحبه الخمار الاسود اللي عايزه بس انها تثي فضوله ف لعيه ذكيه ..
ف اكيد ان وراها حد .. ورجع لشغله ليشغل نفسه ولكنه فشل فيطرد خيالها من دماغه
وسأل نفسه: ايه اللي بيشدني للمقنعة السوداء؟ ياتري هو الفضول ولا اسلوبها المثير ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شقت السيارة طريقها من تاني للناصرة وبمجرد وصول فارس بدا يقوم باتصالاته لترتيب مواعيد لشغله …بدل من التفكير بسخافة هذه المرأة وبعد مرور عده ساعات واقترب الوقت من منتصف الليل قرر الرجوع الى البيت فتفاجئ بالمرأة “صاحبة الخمار الاسود ” تشير له بيدها ليقف بالسياره …
دق قلب فارس بسرعة وحس بشعور غريب معرفوش قبل كده … شعور يجمع بين خوف رهيب من المستقبل … وسعادة لانه شافها ..توقف بالسياره وقربت المرأة من السيارة وفتحت الباب ورمت بجسمها الملفوف بالسواد على الكرسي
وقالت : فارس ممكن توصلني لبئر السبع ؟
مقدرش فارس انه يجاوب لانه ولقي نفسه ييمشي في الطريق المؤدي لبئر السبع من غير كلام او رفض لانه نسي انه كان عايز يرجع البيت للراحه ونسي اذا كان حد منهم مستنينه …خيم الصمت لدقائق طويلة عليهما كانت كانها سنوات .. محدش اتكلم فيهم .. بص فارس الى المرأة بعد ان استجمع جملة واحدة بعد الذهول اللي كان فيه
وقال-: ياسمين انا في حياتي كلها معرفتش ايه هو الحب … ومش مهم مين بتكوني او مين انتي …انا بصراحة حبيتك من اول مرة سمعت صوتك فيها ..مشوفتكيش ومعرفش مين انتي … بس لاول مرة في حياتي بحس اني مهزوم ، ايوه انا مهزوم بحبك .
– وقالت له ساخرة :انت لسه مشوفتنيش وحبتني .. ربنا معاك بقي لما تشوفني .. ايه اللي هيحصلك …
-فقال فارس: هحبك اكتر ..
-فقالت: بصراحة انا كمان بفكر اني احبك ..وخاصة اني قدرك يا …
– قاطعها فارس وقال : ياسمين بجد انتي مصدقه اللي بقولو ؟
– فقالت: آه يا فارس مصدقاك .. ما انا قولت لك من اللحظة الاولى اني انا قدرك .
– فقال :ياسمين مين انتي ؟
– فقالت : متسألش .. هتعرف لوحدك انا ابقي مين …
وف الوقت ده عدت السيارة من امام حاجز للشرطة كان بجانب الشارع السريع وشاور الشرطي لسيارة فارس بالتوقف لتجاوزه السرعة…وقف فارس ع جنب الطريق وقرب الشرطي م الشباك وطلب من فارس اوراقه الخاصة “الرخصة والتامين ورخصة السيارة ” وبدأ فارس بجمع الاوراق لاعطاءها الى الشرطي ..
وف الوقت ده طلبت منه ياسمين انه مينفذش طلب الشرطي وان يمشي بسرعة … مشي فارس وهومش مهتم بعواقب اللي عمله مع الشرطة …وقعدت ياسمين تضحك ولكن مفيش لحظات و كانت سيارات الشرطة تطارد سيارة فارس وتنادي عليه عشان يقف على يمين الطريق …
لقي فارس نفسه متورط ف ورطه كبيره وتوقف رغم ان ياسمين طلبت منه انه ميهتمش بيهم .. واتهمها بالجنون
وقال لها :انت مجنونة فعلا ..مجنونة وعايزه تقتلينا
حاصرت الشرطة بالسيارة بعد وقوف فارس ووقرب الضابط منها وعلى وشه علامات الغضب … واول ما قرب
سألته ياسمين قائلة : عايز ايه ؟
بانت علامات الذهول على وش الشرطي وقال : مفيش حاجه … مفيش حاجه ..!
– فقالت له : طالما كده يبقي ابعد م هنا !!
ابتعد الشرطي وركب السيارة العسكرية من غير ما يكلم حد …والظاهر ان واحد من زمايله اثاره الفضول فقرب من سياره فارس … بس اول ما شاف يا سمين بعد هو كمان بسرعه وكأنهم شافو “رئيس دولة” او شيئ مهم او شيئ غريب …
وبسرعة لف فارس راسه ناحيه ياسمين وشافها ماسكه ف ايديها “جمجمة ” و شعاع احمر باهت وبسرعه اختفي ، فحرك فارس عينيه من تاثير الشعاع وبدا يشوف بعينيه منين مصدره ، وهو متاكد انه شافه صادر من تحت النقاب الاسود …
كمل فارس طريقه مذهولا وهو يفكر ف اللي حصل ، وياتري منظر النقاب هو اللي اخاف الشرطة ؟ ولا الجمجمة ؟ ولا ف حاجه تانيه ؟
لم يخفي على المرأة ذات النقاب خوف وذهول فارس فكان ظاهر جدا عليه وعلى وجهه وعلى حركات ايديه وعلى توليعه سيجارة بعد سيجاره بسرعه شديده .
– قالت له :ايه يا فارس ف حاجه ؟
-فقال: اللي حصل مع الشرطه غريب ..؟
– فقالت :وايه الغريب ف انك تسأل الشرطي هو عايز ايه…فيقول لك مفيش حاجه ..ده بيحصل 100 مره ف اليوم بس انت اللي تعبان وانا السبب ف تعبك ده …اسفة ، اسفة يا حبيبي مكنش لازم اخليك تسوق المسافه الطويله دي كلها …
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وصلت السيارة مدينة بئر السبع وهناك طلبت منه المشي بالسياره في طريق جانبي ، مشي بيها فارس اكثر من ساعةكل مااد يبدا الرعب يدخل لقلبه وخوفه يزيد اكتر واكتر وكان الطريق ده معزول عن العالم فمفيش حاجه قدامه او على الجنبين غير الصحراء المظلمة والكتلة السوداءاللي قاعده جنبه واصوات عواء الذئاب يملأ المكان وتزيده رهبة …تنهدت المراة الغامضة
وقالت : وقف السيارة ..احنا وصلنا .
وقف فارس السيارة وهو مش لاقي اي حاجه تدل ع عنوان .
– فقال فارس وعلامات الذهول ظاهره على وشه :لفين ؟ انا مش شايف غير الصحراء .. لفين انتي بتهزري ؟
– قالت :لا انا مش بهزر نمشي ع رجلنا وبعد دقايق هنوصل …
– قال :على رجلنا !! انتي مجنونه ؟
– قالت :انت خايف ؟
– قال :ايوه انا خائف ، وهو ف حد عاقل يوافق انه يمشي هنا ولو مترين تلاته حتي ؟
– قالت مفيش مكان للحب والخوف مع بعض لاما الحب يقضي ع الخوف او العكس .. ولو عايزني اشيل الخمار عشان تشوفني تعالي معايا واوعدك انك هتسعد طول حياتك
– قال :وانا ايش عرفني ايه اللي هيكون تحت الخمار ؟
– قالت :تعالي وهتعرف بنفسك …!!
– قال :انا خايف …
– قالت :انا ماشيه وانت ارجع مكان ما جيت لو عرفت او تلحقني ، بس بسرعة ومتتأخرش عشان متتوهش ف الصحراء دي طول حياتك .
الحــــ الثالثه ــــلقه
فضلت ياسمين ف طريقها في الظلام وفي عتمة الصحراء ، وكل ما تمشي خطوة يحس فارس بان روحه تبعد عن جسده …
واختفت ياسمين المرأة الغامضة …وكان نفس فارس ف انه ينط من السيارة عشان يلحقها بس الخوف كان ماليه …
فهو ميعرفش حقيقه اللي بيحصل وبسرعه فاق فارس م ذهوله ليشعر بخوف كبير ممزوج بالحزن والآسى والاحباط بسبب خوفه م ياسمين اللي اتعلقت روحه بيها بسرعه غريبه جدا …وخوفه انها مترجعش تاني وانه ميشوفهاش بالرغم م انه مشافهاش فعلا …
ميعرفش غير صوتها اللي جاي م ورا الخمار الاسود .. كن خوف فارس الاكبر من المجهول اللي هتوديه ليه المراه المقنعه المسماه “ياسمين”…
وفي وسط تردده وخوفه انه يلحقها او ميروحش وراها ، بدأ يسمع عواء ذئاب جاي من بعيد، تعالى صوت العواء اكثر واكثر ، ازداد صوت العواء وبدأ الصوت يقرب … دور فارس محرك السيارة عشان يهرب من المكان بسرعة لشعور بالخطر اللي مستنيه .. .وصوت الذئاب حوالين منه ف كل جانب …
رفضت السيارة انها تتحرك..وحاول مرة تانيه بس مفيش فايده فمحرك السيارة مش شغال زي ما يكون عطل ، وبحركة لاشعورية وسريعة قفل فارس شبابيك السيارة واحكم قفل الابواب وفضل مستني وصول الذئاب اليه
وهو بيسأل نفسه : ياتري تقدر الذئاب كسر الزجاج والدخول الى السيارة ؟ وياتري هكون وجبه عشاء لذيذه للذئاب ؟!!وهعمل ايه ؟؟ وازاي هقاومهم ؟؟ وهما اد ايه عددهم ؟؟ لازم يكون عشرات من الذئاب الصوت بيقول كده …الصوت قريب جدا وعلى بعد مترين او ثلاثة امتار بالكتير …ولكن ليه مش بتقرب م السياره…؟
لازم انها عارفه انه صعب تقتحم السياره .. يبقي هي مستنيه خروجي م السياره عشان ابقي هدف سهل …يا لغباء الذئاب …هي متخيله اني ممكن اخرج بسهوله واقدم نفسي ليها ..
واخذ فارس يتلفت حوله مره للخلف ومره للامام…شمالا ويمينا عشان يشوف الذئاب هجمت ولا لسه …وفي وسط الخوف الرهيب من الموت الشنيع اللي حواليك م كل جهه افتكر (ياسمين الغامضة ) وتمتم وقال :لعنه الله على ………….”الله يسامحك يا ياسمين على اللي عملتيه” .
فرك فارس عينه وقعد يبص للسما لتعود الطمأنينةالى قلبه بعد ما شاف خيوط النور تظهر وسط الظلام معلنة عن بدء شروق الشمس وعن الفرج القريب لخلاص فارس من “الموت “ومع انتشار النور سكت صوت الذئاب اللي مشافهاش .. بص فارس حوله ليشف نفسه وسط صحراء جرداء …وعلى مدى نظره مشافش اي حاجه تدل ع وجود حياه او بشر …ازداد فضول فارس حول المكان الذي ذهبت اليه ياسمين
…فتح باب السيارة ومشي في نفس الاتجاه اللي مشيت فيه ياسمين ، وبدأ يكلم نفسه
ويقول :لازم انها قريبه من هنا ، فهي قالت ان المكان اللي هنروحه ع بعد دقايق بس .. بص فارس حوله بكل الاتجاهات وفهم انه لو مشي عدة ساعاتمش هيوصل لاي مكان … فبص الى الارض وشاف اثار خطواته ع الرمل ،ف قعد يدور ع خطوات ل ياسمين الغامضة ولكنه مشافش اي اثر
فقرر انه يرجع الى السيارة ليصلحها ويرجع الى الناصرة بعد ان يأس من وجود أي امل يدله على ياسمين ذات الخمار ، وفي طريقه الى السيارة شاف من بعيد شيئا يثير الانتباه في وسط الرمال فمشي ناحيته لدقائق واول ما وصل واقترب بدأت القشعريرة في جسمه
لانه شاف قبر قديم يدل شكله على انه موجود من مئات السنوات وكان لون حجارته من اللون الاسود والبني ولون الغبار الموجود عليه …
فسال فارس بينه وبين نفسه :يا ترى ايه هي حكايه لقبر ده؟؟ولمين هو ؟ وليه هو ف المكان ده بالذات ؟..لازم اللي بناه احتاج لوقت طويل ..عشان يبنيه بهذه الطريقة البارعة ؟…ولكن ليه ؟..
وبدأت عشرات الاسئلة تدور في دماغ فارس ولكن من غير اجوبة …وبالرغم من الخوف الذي كان يصيبه الا انه وضع يده على القبر ليتحسسه ، ورفع يده اللي لصق الغبار بيها ، وحس فارس ان على القبر كتابة معينة فقعد يزيل الغبار عن القبر يمكن يقدر يقرأ الكلمات المكتوبة ، فهزت بجسمه قشعريرة الموت والخوف…لما قرأ
.. افتح القبر لا مكان للحب والشك معا .. اما ان يقضي الحب على الشك واما ان يقضي الشك على الحب (افتح القبر وسترى ما يسعدك )
وما ان قرأ فارس الكلمات المكتوبة على القبر حتى اخذ يهرول مسرعا الى السيارة وهو يتمتم : يا الهي…ماذا يوجد داخل هذا القبر ومن هو الشخص الذي دفن فيه ..ومن يكون صاحبه ؟!
فتح فارس بوابة السيارة ودور المفتاح وتحرك بسرعة وهو لسه يتمتم : ياالهي مين هو صاحب القبر …مين هو؟ وافتكر فارس ان السيارة التي كانت عطلانه امبارح اشتغلت دلوقتي ……
هدأ روع فارس فابطءالسرعة وبدأ يكلم نفسه بصوت مسموع : انا مش هخلي المراة دي تلعب في حياتي ..انامشوفتهاش ومسمعتش غير صوتها ومعرفش هي مين ..ليه وهمت نفسي اني بحبه وليه سيبتها تلعب ف مصيري …اقسم بالله وبكل شيء عزيز انا مش عايزها ومش هفكر تاني فيها حتى لو جات وتطلع زي ما تطلع ، فهي لا شيء …لا شيء ..ومش هخلي خيالي يعمل منها شيئ.
رجعت الثقة لنفس فارس ورجع الى حياته الطبيعية ليمارس العمل والنجاح بعيدا عن الاوهام وبالرغم من نجاح فارس في قدرته على طرد (ياسمين المرأة ذات الخمار) من عقله وافكاره ، الا انه عرف ان الحياة مبقتش زي الماضي وانه مش قادرانه يخلص من شعور الآسى والحزن لفقدانه شيئ مهم في حياته
وقعد يكلم نفسه قائلا: يا رب …ايه اللي بيربطني بهذه المرأة الغريبة ؟ هل هو الحب ؟ فانا مش باؤمن بالحب… ولن اؤمن به …وان كان هناك حب ف ليه معرفتوش م قبل كده …؟ ليه هي ؟ فانا اعرف عشرات الفتيات الجميلات ، ليه هي وانا مشوفتهاش ولا اعرف ايه شكلها ؟ سوداء ، بيضاء ، شقراء ، قبيحة او جميلة …
ليه اربط نفسي بامرأة الخمار والقبور والجماجم والذئاب والصحراء، والخوف والجنون ..؟ ليه ؟ وايه اللي يجبرني على ده ، اي حب ده ،لازم يكون ده الفضول ، ولكن منذ اللحظة الاولى اشعر بالشعور ده …ياربي هل هو الحب؟! هل الحب مجنون لهذه الدرجة ، ولا هي لعنة اتعلقت بها لتدمر حياتي ،لا مش هخليها …مش هفكر فيها …كفايه جنون وغباء وضعف …كفايه !
مشي فارس في شوارع الناصرة ، مرة يشعر بالفرح والثقة لخلاصه منها ومره يشعر بالحزن والاحباط لفقدانه لها …
وفجاة لمح فارس في اخر الشارع عن بعد امرأة تلبس السواد والخمار وتمشي في الشارع مبتعدة …دق قلب فارس بقوة ولم يتمالك نفسه ومشي وراها بسرعة ليلحقها وكأن في قوة بتمشيه ناحيتها من غير ارادته…اقترب فارس وميفصلوش عنها سوى عشرة امتار او اقل ، ودخلت ذات الخمار لمحل م المحلات التجارية في الشارع ووقف فارس يستني خروجها ..
وبنفس اللحظة كانت هناك يد خبطت على كتفه وبصوت جميل هادىء يقول له :اثقل يا مجنون …
فالتفت فارس لوراءه ناحيه مصدر الصوت فشاف (ياسمين ذات الخمار الاسود ) واقفة تضحك .
-فقال فارس :ياسمين حبيبتي ، كنتي فين ؟ اختفيتي فين …؟ روحتي فين ..؟ مجيتيش ليه…؟ انا احبك ومش عارف اعيش م غيرك …مش قادر اعيش م غير ما اسمع صوتك او اشوفك …مع اني مشوفتش غير الخمار …ارجوك ارحميني .
– قالت ياسمين ذات الخمار : فارس انت ليه ماشي ورا هذه المرأة … تعرفها منين ، وعايز منها ايه ؟ ..انت كذاب انت مش بتحبني …ولو كنت بتحبني ف ليه ماشي خلف امراه اخري … –
قال فارس :ياسمين ، حبيبتي افتكرت انها انتي ، وبالذات انها شبهك فا للبس والخمار. –
قالت ياسمين :لا يا حبيبي ، انا احلى منها بكثير ، ايش جاب لجاب ، انا يا حبيبي مفيش واحدة احلى مني.
-قال فارس :ياسمين انتي عايزه تجننيني ، هو انا شايفك ولا شايفها ، هو في حد بقدر يشوف من تحت العبايه والخمار دول …انا يا دوب سامع صوتك ازاي هعرف ان كنتي احلي منها ولا هي احلي منك …و انتي لو واثقة من جمالك ارفعي الخمار علشان اشوفك . –
ضحكت ياسمين وقالت :انا موافقة على رفع الخمار ، وهتشوف اني احلي م كل بنات الناصره …واحلى من البنت اللي انت مشيت وراها كمان …بس بشرط الاول بتنادي عليها وبتخليها ترفع الخمار وبتشوفها، اتفضل ادخل المحل وراها وشوفها …
-قال فارس :ايه هي القصة بالبساطه دي …عيزاني ادخل واقول لواحدة متدينة بالله عليكي ارفعي الخمار ، علشان اشوف وشك …ايه المناسبة …ولا عيزاني اتبهدل ؟
-فقالت ياسمين :ايه هي احسن مني ؟ ، انت فاكرني ايه …ولا بس عايز …
-فقال :حبيبتي انا بحبك ومن حقي اشوفك ولكن هي مش بتهمني ، اشوفها ليه
-فقالت :انا قولتلك اني جميلة جدا …والله العظيم انا حلوة اوي ..عايزني اوصفلك نفسي …انا شعري طويل وناعم ، وعيوني واسعه ، وبشرتي …
قاطعها فارس وقال :ياسمين اناميهمنيش ان كنتي جميلة ولا لأ ، وعلى فكرة مفيش واحده بتقول عن نفسها مش حلوه.
-فقالت :انا حلوة، صدقني ومتستعجلش الامور ، وستفخر بي فانا لما شوفتك اول مره قررت ان اكون زوجه ليك …”ولأ انت مش واثق بذوقي “.
-ضحك فارس بصوت عال وقال ساخرا :انتي اخترتي نفسك زوجة لي ، جميل انا موافق …يلا بينا بقي نتزوج…
-فقالت :لكن لازم تصبر عدة اسابيع لحد ما انهي بعض المشاكل العائلية وبعدها نتزوج فورا ان وافق اهلي او لم يوافقوا ولكن الاهم من ده لازم اتاكد انك بتحبني فعلا …ودلوقتي يلا تعالي وصلني …
-فقال فارس ساخرا : ولفين المره دي عايزاني اوصلك …الى صحراء سيناء ام الى جنوب لبنان ؟
-فقالت ياسمين بنبرة حزينة :اسفة …انا اسفة اللي طلبت منك توصلني. ومشيت بسرعة واختفت وسط الزحام وفارس وراها يناديها ولكنهمقدرش يلحقها
رجع فارس الى سيارته وهو حزين وخائف من ان تكون ياسمينغضبت ومترجعش تاني …قعد فارس في سيارته وهو مش عارف يعمل ايه وفي لحظة رأى ياسمين ذات الخمار تقترب من السيارة –
وتقول له :انا اسفة اللي دخلت في حياتك …خلاص دي اخر مرة بتشوفني فيها . وهمت ياسمين بالذهاب لولا ان فارس مسكها واصر على ان تركب السيارة،
وقال لها : حبيبتي انا بضحك معاكي مش اكتر ، والله لو طلبتي مني اوصلك الى اخر نقطة في العالم هعملها ، متبقيش مزاجيه للدرجه دي …ودلوقتي عيزاني اوصلك فين ؟
فهزت المرأة الغامضة راسها وقالت :وصلني الى طبريا .
فتحرك فارس باتجاه طبريا وقال لها :ياسمين ايه حكاية تحركك من مكان لمكان وفي اوقات مختلفة وايه حكاية القبور والجماجم؟ –
فقالت غاضبة :انهي قبور …وانا دخلي ايه بالقبور ، وعن انهي جماجم تتكلم ، فين الجماجم دي ؟
فمد فارس يده الى جيب السيارة وفتحه واخرج منه الجمجمة الصغيرة وقال : …….
لحــــ الرابعه ــــلقه
فتحرك فارس باتجاه طبريا وقال لها :ياسمين ايه حكاية تحركك من مكان لمكان وفي اوقات مختلفة وايه حكاية القبور والجماجم؟ –
فقالت غاضبة :انهي قبور …وانا دخلي ايه بالقبور ، وعن انهي جماجم تتكلم ، فين الجماجم دي ؟
فمد فارس يده الى جيب السيارة وفتحه واخرج منه الجمجمة الصغيرة وقال : …….
انا بتكلم عن الجمجمة دي وعن الجمجمة التانيه اللي مسكاها بايدك وقصدي بالقبور القبراللي روحتيه في الصحراء … انتي نسيتي ولا ايه ؟
-قالت ياسمين :انت مجنون قبر ايه اللي في الصحراء …؟ انا مروحتش اي قبر …انت فاكرني ايه …هو انا مش طلبت منك عشان تيجي معايا وتشوف انا ساكنه فين وانت اللي خوفت ومردتش تيجي …ودي مش جمجمه …بص عليها ، دي مش جمجمه ده مجرد حجر بيجيب الحظ .
-فقال فارس:لا يا حبيبتي دي جمجمه صغيره ، ويا اما جمجمه طفل صغير لسه مولود او حاجه تانيه مش عارف ايه هي …
فقالت :لو انت مصمم انها جمجمه ف خليها جمجمه…انها دي بتجيب الحظ .. بص ليها .. بذمتك مش حلوه ؟؟ انت خايف م ايه ؟ انت خايف م حجر او زي ما بتقول جمجمه ؟؟خليها معاكك وهتجيبلك الحظ السعيد صدقني يا فارس…
-فقال :ياسمين ايه السر اللي مخبياه ورا الخمار ده …انتي منين ومين انتي ؟
-فقالت :انت ليه خايف ؟…انت بتحبني وانا بحبك …فيهمك ايه انا مين ولا منين ؟قولتلك هتعرف كل حاجه ف الوقت المناسب …ولو انت خايف ومستعجل تعرف انا مين اقضي ع خوفك ده واصبر لحد ما تعرف…وكل اللي اقدر اقولهولك اني اسمي ياسمين واني جميله ، جميلة جدا ولو عايز تشوف صورتي ،دور عليا في حلمك القديم …
-فقال :حلم ايه اللي بتتكلمي عنه؟
-فقالت :انت عارف انا قصدي ايه ، متهربش م الحقيقه ودلوقتي وقف السياره ونزلني ومتتحركش غير لما ارجعلك …بعد خمس دقائق هرجعلك …
خرجت ياسمين بسرعة واختفت بين المباني في شوارع طبريا …واكثر حاجه لفتت انتباه فارس انها ماشيه بين الناس ومحدش بيتلفت ليها او بيستغرب منها وم لبسها ، بالرغم من ملابسها الغريبة والخمار الملفت للانتباه ,فقليل لما يشوفو في شوارع طبريا اللي معظم سكانها من اليهود اللبس الغريب ده …
عدت دقائق وساعات ومرجعتش المرأة الغامضة و فارس لسه مستني لحد ما زهق وخرج م العربيه وقعد يدور عليها ف الشوارع لحد ما وصل لشارع وكان جنبه مقبره …
فقال لنفسه: اللي زي المجنونه الغريبه دي مش بعيد انها تكون ف المقبره دي ..
فقرر فارس انه يدخل المقبرة بعدما غلب خوفه ، فدخل وقعد يمشي بين القبور لحد ماشاف قبر قديم كأنه نفس القبر اللي شافه ف الصحراء …
دفعه الفضول انه يقرب م القبر وبدا ينضفه م التراب اللي عليه يمكن يعرف يقرأ اسم صاحب القبر .
فشاف كلام وتاريخ مكتوب (1790) دفن هنا ابن “……..” والكلمات التانيه اتمسحت مع الوقت وفي وسط القبر مكتوب بلغة عربية منقوشة على الحجر:
يا زائري لا تخف وانت تنظر قبري
يا زائري انا قدرك وانت قدري
يا زائري انا منك وانت مني
يا زائري احفر التراب ولا تتركني لوحدي
يا زائري اغلق قبرك يفتح قبري
يا زائري افتح القبر فانت مخلصي
واول ما فارس قرأ الكلمات دي سقطت دموعه وجاتله حالة من الهستيريا وبدأ يرفع بلاطه القبر بايديه الاتنين …ويحاول ولكن مفيش فايده ، ف وزن البلاطة تقيل جدا ومينفعش يرفعها لوحده واستمر فارس في المحاولة لحد ما تعب وبدا انه ييأس وقعد يدور حول “القبر” يمكن يلاقي حاجه يفتح بيها القبر ، وتأكد انه بايديه مش هيعرف يفتحه
وقرر فارس انه يروح ويجيب المعدات الازمة لفتح القبر من فأس وشواكيش …الخ ..ورجع الى سيارته بعد ما بقي متغطي بالتراب م راسه لرجله ووتحرك بالسياره بيدور ع محل عشان يشتري الحاجات اللي محتاجها…
بس ملقاش ولا محل مفتوح راح قرر انه يروح لمدينة مجاورة لطبريا لشراء المعدات ومكنش بيفكر ف اي حاجه غير انه ازاي يفتح القبر ويشوف اللي جواه واحساس قوي جدا كان جواه ان جوه القبر ده شئ يعرفه اوانه جواه قصه غريبه
…كانت السيارة بيسوقها بسرعة جنونية وهو حاسس انها مش بتتحرك للوصول الى اقرب مكان يقدر يشتري منه فأس ، ولكن الطريق بعيد ، وصبر فارس بدأ ينفد ، وجت ف دماغه فكره فرحته اوي …لف بالسيارة وراح الى الورش القريبة من الشارع ونادى على العامل اللي بيحرس الورش وطلب منه فاسا وطورية ، ولكن العامل شك في فارس وخاصة ان الليل بدا م غير ما فارس يحس …
وسأل العامل فارس. -انت عايز ايه م الطوريه فالليل كده ؟
-قال فارس :ايه الغريب في الموضوع ؟
-قال الحارس :لا بس واحد زيك كلو غبار وتراب وراكب مرسيدس وجاي في الليل عايز طورية وفاس يعني مش شايف انه غريب ….؟!
-فقال فارس وهو يضحك :اسمع انا قتلت واحد وعايز اروح ادفنوا خد (200) شيكل واديني اللي طلبتوا وخليني امشي .
-فضحك الحارس أيضا وقال :لا شكلك قاتل عشرة مش واحد .
-فقال فارس :يا عمي انت عامل فيها قصة عايز تبيعلي فأس وطورية هات مش عايز خلاص .
-فقال الحارس :اسمع يا حبيبي لا انا عامل فيها قصة ولا عايز اعمل اعمل قصة الحاجه اللي انت عايزها بتاعت صاحب العماره روح اطلبها منو وسيبني ف حالي .
-نظر فارس الى الحارس نظرة اشمئزاز ومشي شويه امتار ناحيه السيارة ولكنه رجع الى الحارس وقال له :انت اسمك ايه ؟
-فقال الحارس :وانت عايز تعرف اسمي ليه ؟؟
-فقال فارس :اي انت خايف تقولي اسمك ؟
-فقال :اسمي محمد …
-فقال فارس :اسمع يا محمد انت باين عليك راجل محترم وانا عايز اقولك الحقيقه :انا رايح اجيب كنز مدفون قريب من هنا لو جيت تساعديني هديلك ربع الكنز !!
-فقال الحارس :ايه انت هتستهبل عليا ؟
-فقال فارس :يا محمد انت مش زكي ليه ..يعني واحد زيي راكب مرسيدس هيعوز ايه م الفأس والطورية الا علشان (الكنوز )المدفونة ، وعلى فكرة حتى السيارة دي انا اشتريتها من ورا الكنوز اللي بطولها في الليل وباين ان انت كمان طاقه الفرج اتفتحتلك …ها هتيجي معايا ولا اروح اشوف واحد غيرك .
ودور فارس ظهره للحارس ومشي راح الحارس حصله ومسكه
وقال له : هاجي معاك بس تدييني نص الكنز …
-ابتسم فارس وقال له: لا يا حبيبي الربع بس …ولو انت مش عاجبك هشوف غيرك .
وافق الحارس عشان متضيعش منه فرصه العمر ورجع الى الورشة واحضر معدات كثيرة وحطها في السيارة واخد عهدا من فارس انه ميغدرش بيه بعد ما يطلع الكنز .
مشيت السيارة لحد ما وصلت جنب المقبرة واستني فارس الفرصة المناسبة عشان يدخل القبر م غير ما حد يشوفو ، ونط فارس والحارس مع المعدات جوه المقبرة وكان باين على وش الحارس الخوف من رهبة المكان ولكن حلمه في الكنز المنتظر كان اقوى من الخوف وبدأ فارس يمشي ووراه يمشي الحارس بين القبور بيدورو علي القبر الغريب ومكنش سهل انهم يدوررو ع قبر ف عز الليل وخاصة ان القبر قديم، وعن بعد قدر انه يلاقي القبر من بين عشرات القبور اللي حواليه ومشي باتجاه القبر بس الحارس متحركش م مكانه ..
-التفت فارس الى الحارس وقال له :يلا يا محمد اتحرك يا حبيبي وتعالي نفتح القبر ونطلع الكنز ،يمكن ربنا يفتحها عليك زي ما فتحها عليا.
ولكن الحارس متكلمش كلمة واحدة متحركش من مكانه واستمر فارس في حديثه ولقاها فرصة للانتقام واشفاء غليله من الحارس واللي عمله فيه ..
وقال له : يالله يا محمد انت خايف ليه هو انت لسه شوفت حاجه م اللي انا شوفته مانا قولتلك اديني الفاس والطورية وما تعملهاش قصة بس انت باين امك داعيالك … -وبص الحارس لفارس بنظرة مرعوبة ورمي العده اللي شايلها ع الارض
وقال :مبروك عليك الفأس ومبروك عليك الطورية والكنز.. وكمان مش عايزك توصلني انا عندي عيال وعايز اعيشهم .
وجري الحارس مرعوب ورغم عتمة الليل الموحشة ورائحة الموت المنتشرة بين القبور ورهبة المكان قعد فارس يضحك من تصرفات الحارس ضحكة خرجت من اعماق نفسه واول ما سكت صداها ف سكون الاموات ، رجع الخوف والذعر الي قلبه بعدما لقي نفسه وحيدا ومع كل خرفشة ورقة او صوت جاي من بعيد او قريب تخيل له عشرات الصور ..ف مره يخيل له ان القبور هتفتح وهيخرج الاموات من قبورهم زي ما بيحصل في افلام الرعب …استجمع فارس شجاعته وشال المعدات واقترب من القبر اكثر واكثر .. فشاف جمجمة صغيرة اخرى محطوطه على القبر .. استجمع قوته ووآسى نفسه فهو اتعود على انه يشوفها . وبص الى الكتابة الموجودة على القبر وحس ان ف حاجه اتغيرت …اشعل ولاعة السجائر ليشوف ع نارها ان الكتابه المنقوشة واللي قرأها من شويه اتغيرت وان الكتابة الجديدة ايضا منقوشة على الحجر وبقت مكانها وبدأ بقراءتها :
اظلمت الدنيا ومخلصي
عاد ولم يعد
حكم علي ان ابقى
وحدي لايام جدد
حلمي في مخلصي
كان على غير ما اعتقد
كنت اظن ان مخلصي
قبل الغروب سيعد
مقدرش فارس انه يقف فقعد ع طرف قبر تاني وقعد يبص للقبر مشدود مش قادر يتحرك ولا عارف يعمل ايه وليه هو موجود ف المكان ده ، وشعور قوي حاسس بيه بانه اتأخر و فات الاوان على فتح القبر وهوميعرفش ليه كان عايز يفتح القبر وبدأ يشعر فارس بايدي الاموات تمسك به من الخلف ليتجمد من الخوف ويكاد يغمي عليه م الخوف من الاموات الذين احاطوا به من كل جانب وبدأ قلبه يدق بسرعة معلن ان يوم القيامة قد قام وان الاموات مسكوه ، وان عزرائيل هياخد روحه …
مقدرش فارس الصراخ او انه يتكلم مقدرش غير انه يقفل عنيه مستسلما للموت والاموات اللي حواليه . وفي هذه اللحظات شعر فارس بان حد منهم قد رش ع وشه مياه وفتح عينيه فشاف ضوءا موجها الى وجهه ويسمع صوتا يقول له بلغة عبرية : ماذا تفعل هنا ؟
مقدرش فارس النطق من الصدمة وبدأ فارس يستعيد وعيه شويه بشويه لحد ما لقي نفسه ع كرسي في مركز “شرطة طبريا ” وان الاموات اللي اتخيلهم كانو افراد الشرطه .
يقترب احد ضباط الشرطة من فارس ، وهو ماسك ف ايده فنجان قهوه ويناولها لفارس ويجلس بجانبه ويقول له
:اشرب القهوة …اصحي يا …
…ويشعر فارس براحه كبيرة لما شاف ان الضابط هو “ابن عمته ” سعيد العامل في شرطة طبريا . يشرب فارس القهوة ، ويبدأ الكلام مع سعيد ليقاطعه ويقول له : ممنوع عليا الكلام الوقتي معاك ..هنتكلم بعد ما يخلص الظابط المسئول التحقيق معاك … وتم التحقيق مع فارس لعدة ساعات . ليحضر بعد كده سعيد ويقعده
ويقول له فارس :لماذا كل هذه القصة ، هل القانون يمنع الجلوس في المقابر…
-فقال سعيد : فارس لما قبضت عليك الشرطة ، واغمي عليك كانوا فاكرين انك احد (مدمني المخدرات) ولكن بعد ما شافو هدومك المتبهدله بالتراب وبالغبار والمعدات اللي معاك الموضوع بقي اخطر م كده بكتير ، فانت الوقتي تواجه مشكلة كبيرة هيبدأو فحص المقبرة الصبح ولو لقو اي تخريب هتكون انت المتهم الاول ولو ملقوش هتتهم بتهمه محاوله تدنيس مقبر يهوديه ، ودي عقوبتها مش بسيطة …
ذهل فارس من كلام سعيد ، ومن الورطة الكبيرة التي وقع فيها ..
-فقال لسعيد :ينفع انك تخرجني بكفاله …؟
-طبطب سعيد على كتف فارس وقال له :خلينا نشوف ايه اللي هيحصل بكره وعلى العمومانا بلغتهم ف البيت عندك انك موجود عندي ف البيت ف حيفا عشان ميقلقوش عليك .
مرت (48) ساعة ووجهت لفارس تهمة محاولة تدنيس وتخريب مقبرة وتم اخراجه من الحجز بكفالة مالية لحين المحاكمة ، ورجع فارس الى البيت وهو يفكر في القدر الغريب اللي بتوديه ليه المرأه الغامضه اللي تعيش فالقبور وتلعب بالجماجم .
مرت الساعات وحل المساء وفارس في حالة شرود وذهول ، يفكر ف اللي حصل معاه ويفكر في (ياسمين الغامضة )ومخرجهوش من ذهوله الا صوت الجرس المتقطع على الباب الخارجي للبيت
وراح “علاء” الاخ الاصغر لفارس باتجاه الباب وفتحه … لحظات وعاد الى فارس وقال له بلهجة ساخرة :
– فارس في “نينجا” بره عيزاك …!
-ف بصله فارس بنظرة تعجب وقال لعلاء :قصدك ايه ؟
-فرد علاء :بره ف واحده مقنعه بتسأل عليك ……