فن التفكير
منا لا تأتيه لحظات في حياته يختلي فيها بنفسه فينصت إلى أحاديث عقله و منطقه…
ويطلق الجماح لآفاق فكره ..
تلك اللحظات في حياتنا تسمى التفكير
وهي التي نخرج بعدها للحياة بقرارات واعتقادات قد تغير مسيرة حياتنا وحياة من حولنا ..
فأهميتها إذن من أهمية تحديد مسلكنا ووجهاتنا
لذلك عني العلماء قديما وحديثا باستحداث خطوات علمية أسموها فن التفكير لتعين الإنسان
على اختيار وجهته وعلى تخطي ما يعيق تقدمه وتوفر عليه الجهد والوقت
التفكير في اللغة :
جاء في المعجم الوسيط : فكر في الأمر فكْرا فهو يفكْر فيه أي أعمل العقل فيه
وأفكْر في الأمر فكَر فيه فهو مفكر وفكّر مبالغة من فكر وهو أشيع في الاستعمال
طرق تحسين التفكير:
1- المقارنة : أي إبراز أوجه الاختلاف والاتفاق بين فكرتين أو أمرين أو أكثر
2- التلخيص : وهذه تتطلب فهما دقيقا للموضوع وتحويله إلى عدة نقاط ليسهل بعدها اتخاذ القرار
3- الملاحظة : وهي أساس المنهجية العلمية لكل العلوم وبها تدرك ماهية الأشياء والأحداث والعلاقات
ويمكن تطوير هذه الميزة من خلال التدريب والمران .
4- التصنيف : هو القدرة على تجميع الأشياء او الوحدات إلى مجموعات وفقا للتشابه
والاختلاف بحيث تتضمن كل مجموعة وحدات ذات خواص أو صفات مشتركة
5- التفسير : وفيه يستخدم الفرد حصيلته المعرفية في تفسير الأشياء والظواهر والأحداث
ليصوغ فرضيته الخاصة نحو ما يريد تفسره
6- التخيل : يؤدي الخيال القائم على بعض الأسس العلمية وظيفة المحرك الرئيسي الذي ينسج
الحدث , ومنه ينبع الإبداع والابتكار والتقدم والتطور وخلق حلول غير مألوفة
قد توفر الكثير من الوقت والجهد .
7- نقل الخبرة من موقف إلى آخر : المقصود بذلك هو الاستفادة من الخبرات المخزنة
لدينا في الظروف والتحديات المماثلة لهذه الخبرات ووضع خطط لتخطي العقبات المستقبلية المشابهة
8- التأمل : وقد سماه القرآن الكريم التفكر وهو عبادة مهجورة وفوائدها لا تقتصر
على الكم المعرفي الهائل فحسب بل يجد الإنسان نفسه بعدها وقد صفى ذهنه وهدأت
بلابله وتلمس آفاقا جديدا لطموحاته وإجابات وافية لتساؤلاته وأيضا طرقا جديدة لحل مشكلاته
من أخطاء التفكير
1- إساءة التعميم : وهو ان تأخذ ملاحظة لجزئية ثم تنقلها إلى صيغة أو قاعدة عامة كلية
فتطبقها على باقي الخبرات
ويروى في الأثر أن نبيا قرصته نملة فاحرق قرية النمل بأكملها فأوحى الله إليه :
إنك من جراء نملة أخطأت ، أحرقت أمة ً من الأمم تسبح
2- الاعتماد على العقل النظري دائما : أن الاعتقاد بأن الإنسان قادر على استنباط الحقائق
والوقائع بالنظر العقلي وحده وهمٌ من أقدم الأوهام في التفكير البشري
إذ أن التفكير السليم يأتي بداية من الفهم السليم للواقع وليس من إطلاق الأحكام العقلية
دون النظر إلى أحداث ومستجدات هذا الواقع .
3- تدخل الهوى والعواطف في الحكم : يقول تعالى :
( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن)
والهوى : هو الحكم على الأمر مقدما رغم الاستدلالات والأدلة التي قد ترجح العكس ,
مما يجعلنا نبالغ في تقدير جانب ونتجاهل الآخر وفق ما يماشي ما يميل له القلب والمصالح
4- استغناء الفرد برؤيته عن الشورى : إذ انه مهما كان الإنسان حكيما فتمام حكمته تكمن
في جمع الآراء واستقرائها والتعرف على الأمر من مختلف زواياه وقد أمر
بها الله رسوله رغم انه مؤيد بالوحي فقال له وشاورهم في الأمر)
5- عدم التفريق بين النص وتفسير النص : وهذا شائع في زماننا وفي كل زمان و في الأحكام الشرعية خصوصا …
إذ يعمد البعض إلى التشبث بأحكام ويدعمونها بنصوص من القرآن والسنة معتمدين على احد تفسيرات
هذا النص غير معترفين بما سواه مجابهين كل من يعترض بجملة : أن الحق واحد لا يتعدد
والرد عليهم بضرب مثل لقبلة المسلمين فهي واحدة ولكن الالتفاف حولها يكون من جميع الجهات
ويصلى إليها من جميع الزوايا
وأخيرا إن إتقان فن التفكير ليس حكرا على من قرأ أو اطلع فيه فحسب , بل سنجد من يوفق فيه حتى
صار يشار إليه بالبنان دون علم ولا معلم له إلا الله عز وجل وهي ما اسماها القرآن الحكمة
( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )