فاسدون.. يعرقلون استثمارات أمريكية
في الأسابيع الماضية تقدمت شركة كيوماكس الأمريكية للعمل في مربع (B2) للدخول في المناقصات الخاصة المصاحبة لحفر آبار النفط.. بعد أن اشترت شركة كانت تساهم فيها الشركة الافريقية لسوائل الحفر
( ADF )
African Drilling Fluids المملوكة لشركة أساور للنفط والغاز وهي شركة حكومية، علماً بأن شركة أساور نفسها في سبيل تذويب قضية شركة ADF المتورط فيها عدد من النافذين منهم الفريق طه الحسين واللواء معتقل عبدالغفار الشريف ومحمد كورتي… قامت وبدون تنسيق لغياب المتنفذين في المعتقل، بالتقاطع مع كيوماكس وذلك بإستدعاء شركة بيكر هيوج (أمريكية) لذات الغرض، الناتج هو عملية تضليل واسعة بهدف اخفاء ملايين الدولارات التي تم الحصول عليها من بيع أسهم أساور للشريك الهندي أحمد رضوان في شركة (ADF)، واخفاء الارباح التي حققتها شركة أساور من العمليات الخارجية.
وكانت وزارة النفط قد تنازلت عن أسهم شركة أساور في الشركة الأفريقية سوائل الحفر ADF لصالح المستثمر الهندي، الذي يدعي انه سدد المقابل لنافذين في عام 2013م تقدر المبالغ المتنازل عنها دون وجه حق بحوالي 20 مليون دولار.
تم بيع فرع الشركة في العراق بمبلغ حوالي 25 مليون دولار ولم تورد قيمة البيع الشركة (أساور) ولا لأي جهة حكومية بما فيها وزارة النفط.
فاسدون ونافذون، المشترك بينهم انهم أعضاء في المؤتمر الوطني وحركته (الإسلامية)، وتجمع بعضهم اواصر القربى مع كبار النافذين، وهم من رموز النظام الذي حكم البلاد لمدة 28 عاماً، بعضهم من آل كرتي، وآل الجاز، وآل بدرالدين محمود، وأصهارهم وقرابة تجمع الفريق طه واللواء عبد الغفار الشريف، وابناء الخالات والأعمام والابناء، وآخرين.
الفاسدون ذوي ثراء فاحش، ويزدادون شراهة في اقتناء الشركات والعقارات والسيارات وتهريب الأموال للخارج، في ظروف قاسية تمر بها البلاد حيث ينعدم الوقود والدواء بفعل المضاربات، وانتهاك حرمة المال العام، باعمال يمكن وصفها بالاستهبال على الدولة والشعب، بدر الدين أتقن فن تعلية الفواتير منذ أن كان نائباً لمحافظ بنك السودان ورئيساً لمشتروات المحالج في قضية الأقطان الشهيرة، وخرج منها خروج الشعرة من العجين، فما الدهشة في أن يتفنن في تعلية فواتير الجازولين وهو وزير للمالية يعاونه (16) فاسداً، وطه ترك له العنان ليعلن قطع العلاقات مع ايران من الرياض، ويعقبها بإعلان مشاركة القوات السودانية في عاصفة الحزم، (قلنا مراراً اننا مع مشاركة القوات السودانية في حرب اليمن ولكن عبر اجراءات وقرارات تشريعية يصادق عليها البرلمان لمنح هذه القوات ميزة الحصانة الجزئية)، هذه الأسر التي تجمع بينها علاقات المصاهرة والعلاقات الخفية في مال (الحركة الإسلامية)، تناسلت في الابناء والأحفاد وضخت للمجتمع المئات من الذين تجري في دمائهم الميول المنحرفة واستسهال الاعتداء على الأموال العامة، والتعالي والغرور وتسفيه المجتمع وعدم الاكتراث لآلامه ومعاناته.
في كل يوم يعلن فيه عن القبض على فاسد أو مشتبه به يزداد احساس الناس بالغبن والغضب وفي ذات الوقت تحمل تبعات الانتظار الطويل لتبدأ اجراءات التقاضي بعد(سل روح)، وتباطؤ البرلمان وتعلثم قادته وهم يتذرعون بالاجراءات وهم في الحقيقة يضمرون مؤازرة الفاسدين، الحملة ضد الفاسدين تسير ببطء نتيجة العرقلات التي تتعرض لها مما يهدد بتراجعها، كثيرون لا ينتظرون كثيراً من هذه الحملة اذا سارت بهذه الطريقة، ولعل الأوجب بعد أن أصبحت ظاهرة كشف الفاسدين كل يوم أهم حدث ينتظره الشعب، أن تقوم محاكم خاصة باجراءات خاصة مع ضرورة توفر التقاضي العادل وفقاً لقاعدة المتهم برئ حتى تثبت ادانته، وإن كانت دنانير الفساد تأبى إلا أن تفر من ايادي الفاسدين تطاولاً في البنيان وتفاخراً بالنساء والسيارات الفارهة.
أما آن للشعب الذي تسرق أمواله في وضح النهار أن يخرج في مسيرات هادرة للدفاع عن حقه في الحياة والمطالبة بتوقيع اقصى العقوبات على مصاصي دمائه من القطط السمان، المعارضة للأسف تفوت فرصة جاءتها هدية (تجرجر آذيالها) من الحكومة لتحويل قضية ملاحقة الفساد والفاسدين لحراك جماهيري وجعله قضية الساعة، ربما ستجد تجاوباً وتفاعلاً من الجماهير، بدلاً من طرح سقف للعمل المعارض لا يأبه به أحد.
الحقيقة أن هذا النظام لن يسقط لا بالضربة القاضية ولا بالهبوط الناعم، إلا بعد سقوط الفاسدين أولاً.