على العنان رواية يا له من عار؟!
الـــقـــصـــة عـــلـــي
لـــســـان صـــاحـــبـــهـــاإنها حادثة يندى لها الجبين، وحادثةً ليست من نسج الخيال وما
كانت حديثاً يفترى..لقد حزنت والله لتلك المأساة
اتصلت بي بصوتٍ
باكٍ تقطعه الزفرات وظللت فترة طويلة استنطقها فلا أفهم ما تقول حتى هدأت وبدأت
تردد.. أسألك بالله أن تستمع لي وتتصبر علي ولو لحظات.
لقد حدث في بيتنا ما
لم يكن في الحسبان فأعطني من وقتك ولو لحظات لعلك تدلني على الصواب وتسعفني
بالجواب، فوالله ثم والله كل شيء كنت أتوقعه إلا هذا الشيء أن يسقط بيتنا
وينهار.
والسبب من والدي أم والدتي أم هي أختي بل ربما ستقول لي نحن جميعاً
نحن الذين تسببوا في هذه المأساة أسرتي التي كانت مثالاً للأسرة المحافظة وقد
تربينا على الأخلاق الفاضلة ولكن للأسف.. أقولها بكل أسى: أعاتب من؟ هل أعاتب أمي
على تفريطها وتساهلها؟ أم أخاطب أبي على ثقته و إهماله؟
ومع من؟ مع ابنته… أي
أختي ( هـ ) هي التي كانت أصغرنا سناً حتى بعد أن وصلت إلى سن المراهقة لا تزال هي
المدللة لديهم بل هي التي كانت تعامل بمعاملة خاصة فكم تساهلا معها وفرطا في
متابعتها ومراقبتها حتى أصبحت لا تبالي في كل أمورها..
فوالله كنت أخاف من
تساهلهم معها فأصبحت تسهر الليل أمام التلفاز في البيت للساعات متأخرة حتى في أوقات المدارس بل
استطاعت ببكائها وشكواها المستمرة أن تقنعهما بإدخالها مدرسة خاصة فكم تساهلت أمي
معها واستجابت لرغباتها بل حتى لباسها وللأسف كان يسمح لها بارتداء ما تريد وكم كنا
نغضب أنا وأخواتي ونعترض كثيراً ولكن تعاطف والدتي معها حال بيننا وبين أن تستمع
لنا..
حتى بدأ الاختلاف واضحاً بيننا ففي الوقت الذي نستمتع فيه بسماع
أشرطة المحاضرات.. كانت هي الوحيدة التي لا تستطيع المذاكرة إلا مع سماع الغناء..
بل حتى لا تنام إلا مع سماع الغناء والموسيقى حتى بدأ أثر ذلك على لباسها وسلوكها
كم حاولتُ أن أنصحها وأن أوجهها ولكنني يئست منها لقد أتعبتني كثيراً فقد كانت
دائماً تصد عني وتعتبرني معقدة كما تقول دائماً.
بل ولا تريد أن تسمع مني
أي نصيحة أو توجيه والذي كان يضايقني هو رضى والدتي عنها وعدم معارضتها لها بل حتى
والدي كان دائماً يعتبرها صغيرة وبريئة!
فللأسف استطاعت ( هـ ) أن تستحوذ على
قلبيهما وتتحرك تبعاً لعاطفتهما وغفلتهما حتى جاء ذلك اليوم المشئوم عندما طلبت ( هـ )
من أمي أن توافق لها بالذهاب إلى مدينة الألعاب بصحبة صديقاتها، وأخذت تمهد لخروجها
وتلح عدة أيام حتى وافقت لها أمي وحين علمتُ بذلك عارضت كثيراً..
توجهت
لوالدتي فقلت لها كيف تسمحين لها يا أمي أن تذهب مع فتيات لا تعرفينهن و لا تعرفين
حتى أخلاقهن أرجوك لا تتهاوني بذلك يا أمي.. ( هـ ) لا تزال في المرحلة الثانوية كيف
تذهب بمفردها..
والله يا أمي لقد رأيت صديقاتها حين ذهبت لمدرستها والله يا
أمي لو رأيتهن لما رضيت بمنظرهن.. بل حتى العباءة لا يعترفن بها.. رأيتهن والله
يخرجن شبه كاشفات مع سائقهن فكيف تتركينها تخرج معهن؟
حتى صرخت في وجهي
وقالت: ألا تسمعين من المسئولة عنها أنا أم أنتِ دعيها تتسلى مع صديقاتها ساعتين ثم
تعود!.
فاستسلمت وسكت على مضض وقلبي يشتعل من الألم لأني والله بدأت أشعر
بأن أختي ستضيع من بين يدي إن استمر هذا التهاون من أمي والغفلة من والدي فخرجت وهي
تنظر إلي بنظرة وكأنها تقول ذهبت رغماً عنكِ..
وقد حشرت
نفسها في عبائتها الضيقة وترتدي تنورتها الجينز وتضرب الأرض بكعبها والمكياج يملأ
وجهها
خرجت وهي والله لا تعلم ما يخبئ لها القدر؟
نظرت إليها وأنا أحدث
نفسي يا حسرتاه والله لم تخلقي لهذا الضياع ولم تخلقي لهذه الغفلة.. وعند المساء
ونحن جلوس نتناول العشاء نظرت والدتي للساعة وهي تقول الساعة التاسعة والنصف و( هـ )
لم تعد.. فالتفت والدي إلينا وهو يقول لم تعد إلى الآن.. متى قالت أنها
ستعود ؟؟
فقالت أمي إنها قالت ستعود قبل العشاء فيرد عليها والدي بغفلته اتركيها فربما
استمتعت وتريد اللعب أكثر.
كنت أنظر إليهما وأنا صامته فقررت أن لا أسأل
عنها صمت والدي قليلاً وهو ينظر إلي وقال مع من قالت أنها ستعود فترد أمي أنها قالت
ستعود مع سائق صديقاتها..
فصرخ والدي في وجه أمي وهو يقول سائق ؟!!
لماذا
لم تقولي لي من قبل كيف ترضين أن تعود مع سائق لوحدها وهي في هذا السن ؟؟
ثم صعد إلى
غرفته وهو غاضب حتى بدأ الوقت يمضي بسرعة ونحن جلوسٌ في الصالة والساعة تصل إلى
الحادية عشر وهي لم تعد..
حتى بدأ القلق يتسرب إلى بيتنا بشكل مخيف.. خرج
والدي وهو يردد ويصرخ ألم تعد إلى الآن.. قلت لكِ كيف تتركينها تذهب دون أن تأخذي
منها جوال صديقتها؟؟
فردت والدتي عليه
وبدأ التلاوم فحضروا إخوتي كلهم ثم ذهبوا إلى
مدينة الألعاب ووجدوها قد أغلقت.. والدتي جالسة ويديها على رأسها ولم تستطع الوقوف
ولم تتوقف عن البكاء بحثنا بين معارفها ومعلماتها ولكن للأسف..
حتى فزع أخي
لإبلاغ الشرطة عند الساعة الواحدة ليلاً لكننا للأسف لم نملك خيطاً واحداً يدلنا
عليها أو اسم صديقتها أو جوالها فكيف نعرف أين تكون وماذا ستفعل الشرطة
لنا!.
مكثنا كلنا في البيت والدتي منهارة وتبكي وأخي يرفع يديه إلى السماء
ويدعوا الله ولا نعرف ماذا تفعل؟ ( هـ ) مختفية والوقت يمر بسرعة
والخوف والقلق يلازمنا وفي تلك الساعة المتأخرة إذا برقم غريب يتصل على أبي وحين رد عليه كانت الطامة!.
الطامة التي لم نتوقعها كان أحد رجال الهيئة يتصل
على أبي ليخبره أن أختي وجدوها مع شاب في سيارة بمفردهما ليلة أمس وأنها انهارت وأغمي
عليها من شدة الصدمة ولم تفق إلا قبل قليل ففوجئت وأنا أرى أبي يسقط على الأرض
جربنا عليه لنفهم ماذا حدث له ولكنه لا يرد أخذت الهاتف من يده وسألت ما الأمر فأخبرني الرجل وطلب أحد يأتي ليأخذها
ياللعار
ياللفضيحة
أبي نقله أخي إلى المستشفى وذهب أخي الآخر ليحضر أختي
فلحقت به أمي وهي تقول له أسألك بالله ألا تفعل شيئا وألا تقتلها وهي تبكي حتى سقطت
على الأرض..
جلسنا ننتظر وما هي إلا لحظات حتى وصل أخي وفتح الباب وإذا
بأختي تدخل علينا وهي مطأطئة رأسها ووجهها شاحب لا يٌرى.. تغطيه دموعها دخلت ترتجف
مسرعة فرمت نفسها عند قدمي أمي.. وهي تردد والله ما عملت شيء ولم أكن أعلم أنني
سأتأخر..
فصدت عنها أمي وصرخت عليها وقالت أهكذا ربيناكِ أهكذا تستغلين
ثقتي بك أذهبي لا أريد أن أراك.. فأنت لا تعلمين ما حجم مصيبتنا فأبوك يحتضر في
المستشفى بسببك يا ليتك متِّ.. ولم نرى فيك هذا اليوم..
يا من أضعتي سمعتنا
يا من جلبت لنا الفضيحة والعار.. انصرفي عني
وبعد يومين مات أبي إثر أزمة قلبية
وعندما علمت أمي ارتفع لديها الضغط وأصيبت بشلل
تدمرت أسرتنا
انتهى كل شيء بسبب غفلة أبي وإهمال أمي واستهتار أختي
تدمرت أسرة من 7 أفراد بسببهم
ضاعت الابتسامة وضاع نبض الحياة في بيتنا.. حتى أخواتي المتزوجات لم
يعدن يزرننا كثيراً وكأنهن يخشين من مواجهة الحزن والكآبة في هذا البيت.. جلست في
غرفتي التفت يمنة ويسره توضأت وبدأت أصلي..
ثم نظرت إلى السماء.. اللهم
اكشف ما بنا من كرب.. وأرجع البسمة إلينا..
بدأت أفكر وأتصل بالمشايخ وأستشيرهم حتى أوصوني بأن أكون بقربها..
فأحسست أن علي أفعل شيئاً أن أرفع هذا الحزن المقيت الذي هيمن على قلوبنا.. دخلت
غرفتها بهدوء فوجدتها صامته على سريرها تستمع للقرآن!.
فقلت في نفسي يا
سبحان الله.. الآن تستمعين للقرآن وقد كنت لا تنامين إلا على صوت الغناء.. يا لله
ما أجهلك أيها الإنسان (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك
فعدلك).
الآن تستمعين للقرآن بعد استمتاعك بالغناء وقد كان سبب تهاونك
بالحرام.. جلست بقربها ثم نظرت إليها وأنا أقول لها أخيتي أتسمحين لي أن أسألك؟
سكتت قليلاً فقالت لي:
والله يا أخيتي لقد خدعني كنت أعتقد أنه متعاطفاً
معي ويزعم أنه سيتزوجني؟ والله يا أخيتي لقد تعاطفت مع كلماته وعباراته.. ولكن
حينما بدأ رجال الهيئة بملاحقة السيارة فوجئت به وهو يقف بي كي أنزل..
بل
أخذ يدفعني بقوة ولم أشعر إلا وأنا أقف في منتصف الشارع لوحدي فهرب وتركني ولم أدري
حينها أين أنا.. فقلت لها: أصدقيني يا أخيتي هل سبق وأن خرجت معه من قبل؟
فقالت: مرةً واحدة خرجت من المدرسة وتناولنا الغداء ثم
أعادني!.
فنظرت إليها وقلت لها إلى هذه الدرجة تخدعين فبدأت دموعها تنهمر
وهي تردد أكرهه وأكره نفسي.. فبدأت تبكي وتأن بحرقة وحزنت من أجلها اقتربت منها
شعرت بعطف شديد عليها فأخذت أبكي معها.. وأنا أردد لا تكرهي نفسك يا أخيتي فإن باب
التوبة مفتوح.. والله – سبحانه – يفرح بتوبة عبده فاهتزت بين يدي وأخذت
تبكي بكاءً مراً وقالت أستغفر الله وأتوب إليه يارب اقبلني واغفر لي
نسأل الله أن يغفر لها ولنا ويتوب علينا
ونصيحتي لكل أب وأم مسؤولين اتق الله في أهلك واعلم أن االتهاون والغفلة عاقبته الخسران والندامة
ولكل فتاة اتق الله في نفسك وفي والديك
فلا تستغلي حبهم لك وتخوني ثقتهم فيك