علم الفراسة
إنّ مفهوم الفراسة قديم قدم البشرية ويقصد به الاستدلال على الصفات الداخلية والتكوين الخلقي للشخص من خلال البحث في الظواهر الخارجية، حيث نستطيع تحليل شخصية الفرد ومعرفة صفاته ونقاط قوته وضعفه من خلال قراءة ملامح وجهه، وقد عرفت البشرية فكرة الربط بين الملامح والسمات الجسدية للفرد منذ القدم، فقد كان الصينيون القدامى أول من ظهرت عندهم آثار علم الفراسة وذلك قبل حوالي 3000 عام، وقد أطلقوا على هذا العلم اسم ميان شيانج أي علم قراءة الوجوه، وقد كان هذا العلم عندهم يعتبر جزءاً من الطب الصيني حيث كان يستخدم لتشخيص الحالات المرضية بالإضافة لتحليل الشخصية والتنبؤ بمستقبل الفرد حيث يعدّ الميانج شيانج عند الصينيين فرعاً من فروع التنجيم.
عرف العرب القدامى هذا العلم وبرعوا فيه، حيث عرفت الفراسة عند قدامى المصريين حيث تشير أوراق البردى المصرية إلى استخدام الفراسة من قبل العائلة المالكة والذي تزامن مع الأسرة الثانية عشرة الفرعونية في القرن العشرين للميلاد، وأيضا عرفت الفراسة عند اليونانيين حيث كتب الفيلسوف اليوناني فيثاغورس عدة قواعد لقراءة الوجوه، وقد كان يستخدم هذا العلم في مقابلاته الشخصية لقبول تلاميذ جدد في مدرسته، وقد كان لأرسطو دور كبير في الفراسة حيث ربط بين أشكال الحيوانات ووجه الإنسان بحيث إنّ من شابه وجهه وجه أحد الحيوانات فإنّه يتّصف بصفات هذا الحيوان، كشجاعة الأسد ومكر الثعلب وقوة الثور وهكذا، في حين ركّز أبقراط (أبو الطب) على أهمية موقع المكان في التأثير على الشخصية وصحة الشخص، حيث يقول أنّ المظهر الصحي والنضر للمواطنين يكثر عند الذين يسكنون في الاتجاه الشرقي حيث تشرق الشمس والتي تكون صحتهم أفضل من الذين يواجهون الشمال أو الغرب.
وضع أبقراط نظريته عن فراسة الأمزجة ووضع فيها أول التصنيفات للأنماط الجسمية وأشار إلى وجود أربعة أمزجة يعتمد كل منها على نسبة السوائل في الجسم، وهذه الأمزجة هي المزاج الدموي ويمتاز صاحبه بالودّ والتفائل والأمل بالحياة والحيوية والنشاط، والمزاج البلغمي وصفات صاحبه الكسل والبلادة، والمزاج الصفراوي وصفاته سرعة الاستثارة والغضب، والمزاج السوداوي ويغلب على صاحبة التشاؤم والسوداوية. وقد اعتقد أبقراط أن سوائل الجسم الأربعة هي التي تحدد خصائص شخصية الفرد. هذا ويشير أبقراط على أن الشخصية السوية هي التي تتوازن فيها الأمزجة الأربعة بحيث لا يسود أحدها على الباقي.
الجدير بالذكر ان علم النفس الحديث قد وقف موقفا رافضا لفكرة الفراسة، حيث اعتبرها علما زائفاً وأحد الطرق الشعبية لتحليل الشخصية كقراءة الكف والأبراج وغيرها، حيث أثبتت البحوث والدراسات التي قام بها علماء النفس والتي قارنت فيها الصفات السلوكية بالصفات الجسمية اوضحت هذه البحوث أنّ معامل الارتباط بين التكوين الجسمي والمزاج كان دائماً منخفضاً وليس ذا دلالة بحيث لا يمكن اعتماده كوسيلة لمعرفة السمات الشخصية.