التعليمي

بحث عن البطاله الحقيقة والبطاله المقنعه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد ..
لقد دعا الدين الإسلامي الحنيف إلى العمل وإعمار الأرض ، وذلك لأن العمل من الضروريات الهامة لحياة الإنسان .
فهو من الناحية الاقتصادية الوسيلة لأن يحصل الإنسان على قوته ومتطلبات عيشه ، ومن الناحية الاجتماعية هو معيار لقيمة الإنسان الاجتماعية ومكانته ، ووسيلة في الوقت نفسه للتفاعل الاجتماعي مع العديد من الأفراد والجماعات ، أما من الناحية النفسية فالعمل يفضي على حياة الإنسان معنى هو سبيل لنيل الرضا عن الذات .
وعلى الرغم من ذلك كله إلا أنه لا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية على مر العصور يخلو من وجود ظاهرة البطالة ، فالبطالة مشكلة قديمة وليست طارئة ، لها آثار مدمرة على المجتمع ، إلا أن نسبة البطالة تختلف من مجتمع إلى آخر ، كما أن كيفية التعامل مع العاطلين علن العمل أخذت أساليب مختلفة من التجاهل التام لهم إلى الدعم الكلي أو الجزئي لوضعهم .
وقد ارتأيت في بحثي هذا إلى أن أعرف البطالة وأسبابها وآثارها على مجتمع ماء ، ثم في النهاية وضع العلاج الناجح لهذه الظاهرة ، وذلك من منظور شرعي إن أمكن.
هذا وأرجو أن أكون وفقت في عملي والله ولي التوفيق ،،

بعض الآيات التي وردت في الحث على العمل :
1) قوله تعالى : ” هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ” سورة الملك (15) .
2) قوله تعالى : ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ” التوبة (105) .
3) قوله تعالى :” فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون ” الجمعة (10) .
4) قوله تعالى : ” إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ” آل عمران (105) .
5) قوله تعالى : ” قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون ” الأعراف (129) .
الأحاديث التي وردت عن النبي r في الحث على العمل وكسب اليد :
1) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال : ” والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من يأتي رجل فيسأله أعطاه أو معنه ” أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الزكاة – باب الاستعفاف عن المسألة (1/454) حديث رقم (1470) .
2) عن خالد بن معدان عن المقدام رضي الله عنه عن رسول الله r قال ” ما أكل أحد طعاماً قط خير من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ” أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب البيوع – باب كسب الرجل وعمله بيده (3/11-12) حديث رقم (2072) .
3) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r ” أن داود النبي عليه السلام كان لا يأكل إلا من عمل يده ” أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب البوع – باب كسب الرجل وعمله بيده (3/11-12) حديث رقم (2073) .
4) عن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عن رسول الله r قال ” من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له ” أخرجه الطبراني في الأوسط – من اسمه محمد (7/289) حديث رقم (7020) .
5) عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله r قال ” إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ” أخرجه الترمذي في سننه – كتاب الأحكام – باب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده (3/139) حديث رقم (1278) .
6) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r أنه قال ( خير الكسب كسب العامل إذا نصح ) أخرجه أحمد في مسنده – باقي مسند المكثرين – باب باقي المسند السابق – حديث رقم (8060) .
7) عن جميع بن عمير عن خاله قال سئل النبي r عن أفضل الكسب فقال ( بيع مبرور وعمل الرجل بيده ) أخرجه أحمد في مسنده – مسند المكيين – باب حديث أبي بردة بن نيار رضي الله عنه – حديث رقم (15276) .
8) عن رافع بن خديج قال : قبل يا رسل الله أي الكسب أطيب ؟ قال ( عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور ) أخرجه أحمد في مسنده – مسند الشاميين – حديث رافع بن خديج رضي الله – حديث رقم ( 16628) .
9) عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الزكاة – باب الاستعفاف عن المسألة (1/454) حديث رقم (1471) .

ومن الأثر :
ما ورد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يكره أن يكاتب العبد إذا لم يكن له حرفة ، ويقول : ( تطعمني أوساخ الناس) . أخرجه عبد الرزاق في مصنفه – باب وجوب الكتاب والمكاتب يسأل الناس (8/374)
ما هي البطالة ؟

تعرف البطالة بأنها الحالة التي يكون فيها الشخص قادراً على العمل وراغباً فيه ولكن لا يجد العمل والأجر المناسبين .
إن التعريف عام ويشمل الأنثى والذكر ، ولكن عندما يطبق في ظروف البلاد العربية التي تعزف فيها المرأة عن العمل فإن التعريف يجعلها تخرج من زهرة العاطلين .
أنواع البطالة :
قسم العلماء البطالة إلى نوعين :-
الأول : البطالة الظاهرة
وتعنى أن الأفراد لا يجدون فرص العمل التي تتناسب مع قدراتهم وتخصصاتهم ومؤهلاتهم التي حصلوا عليها .
الثاني : البطالة المقنعة

وتظهر من خلال تعيين بعض الأشخاص في وظائف لا تعود بفائدة إنتاجية من ورائها ، فالعمل الذي يمكن أن ينجزه خمسة يوكل إلى عشرة ، أو خلق فرص عمل روتينية هامشية لا يجد فيها الإنسان قدراته وخبراته .
مفهوم البطالة في الشريعة الإسلامية :
فطنت الشريعة الإسلامية الغراء إلى مشكلة البطالة ، وبينت مفهومها وطرق الوقاية منها ومنهج الحد منها في إطار دقيق عز أن نجد له فلقد حث الإسلام أهله على العمل والكسب ونهى عن البطالة بقوله r فيما رواه أبو هريرة ( لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيتصدق منه ، فيستغني به عن الناس خير من أن يسأل رجلاً أعطاه أو منعه ذلك فإن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول )
وبناءً على هذا فغن الفقير الذي يستحق سهماً في باب الزكاة قد ضبط الفقه الإسلامي تعريفه على النحو الذي يخرج منه القوي الجلد القادر على الكسب والذي يجد عملاً .
أسباب البطالة :
ترجع الدول الحديثة أسباب البطالة إلى : –
1- الزيادة السكانية : حيث أن تزايد عدد السكان سنوياً يسبب ضغط على موارد الدولة ، ومن ثم فمن الصعب تحقق فرص عمل لهذه الأعداد المتزايدة .
2- ندرة الموارد الاقتصادية .
3- أدت ندرة الموارد الاقتصادية إلى عدم وجود فرص وظيفية للعاطلين خاصة مع التحويلات الكبيرة التي يمر بها الاقتصاد العالمي وانعكاساته على الاقتصاد الوطني ، وهو الأمر الذي يشكل عبئاً إضافياً على الدولة في تمويل عمليات التنمية .
4- عجز سوق العمل عن استيعاب الخريجين فهناك أعداد هائلة من الخريجين الحاصلين على مؤهلات بأنواعها المختلفة ومع ذلك يعجز سوق العمل عن استيعابهم .
5- تفشي البطالة في الوطن العربي : لقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربي ( 16) مليون شخص ، ويتوقع أن تصل إلى ( ثمانين ) مليون شخص بحلول عام 2020م ، حيث تحتسب نسبة البطالة وفق المعادلة التالية : نسبة البطالة = عدد العاطلين / إجمالي القوى العاملة × 100 ، وهنا ينبغي الإشارة على أنه ليس كل عاطل يعاني من البطالة ، فقد يكون العاطل لا يبحث عن عمل على الرغم من قدرته عليه ، لأنه لديه إمكانات مادية توفر له حياة رغيدة ، فلا يحتسب ذلك الشخص من ضمن فئة البطالة
والجدير بالذكر هنا قيام دول الخليج العربي وكنتيجة لارتفاع متوسط دخل الفرد ، فقد رحبت حكومات هذه البلاد باستقبال العمالة العربية وغير العربية والتي تتدفق إلى هذه البلاد بشكل سريع من مختلف الحرف والتخصصات المهنية تحت تأثير الأجور والمرتبات المرتفعة وكان من نتيجة ذلك ارتفاع نسبة الوافدين إلى إجمالي السكان .

أثار البطالة على الفرد والمجتمع :
تظهر آثار البطالة في عدة جوانب :
أولاً : الجانب الأمني
يتركز هذا الجانب في بحث العلاقة بين البطالة والجريمة ، إذ استقطب هذا الجانب اهتمام كثير من الباحثين في مجال علم الجريمة وعلم الاجتماع .
ولقد عثرت على دراسة نشرتها الرئاسة العليا لمدينة الرياض في موقعهم بشبكة الإنترنت تحدد علاقة البطالة بالجريمة ، حيث أشارت هذه الدراسة إلى وجود درجة مقبولة من الارتباط بين هذين المتغيرين فكلما زادتا نسبة البطالة ارتفعت نسبة الجريمة ..
ومن أهم ما ورد في تلك الدراسة :-
1- تعد جريمة السرقة من أبرز الجرائم المرتبطة بالبطالة ، حيث تبلغ نسبة العاطلين المحكومين بسبب السرقة (27.1% ) من باقي السجناء المحكومين لنفس السبب ، وهذه النسبة بازدياد كل سنة .
2- وأكدت هذه الدراسة أيضاً أنه كلما ازدادت نسبة البطالة ازدادت الجرائم التي تندرج تحت الاعتداء على النفس ( القتل ، الاغتصاب ، السطو ، والإيذاء الجسدي ) حيث أوردت في هذه المقام نتائج دراسة أمريكية سابقة تؤكد أن ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة الأمريكية بمعدل (1%) يؤدي إلى الزيادة في جرائم القتل بنسبة (6.7% ) ، وجرائم العنف بنسبة (3.4%) ، وجرائم الاعتداء على الممتلكات بنسبة (2.4%) ولا يمكن القول أو الحكم هنا بأن البطالة هي السبب المباشر للجريمة وإلا صار كل عاطل وكل فقير مجرماً ، وهذا أمر مرفوض ولا يحتاج إلى أي تدليل عليه ، وإنما نقول وكما تشير الدراسات إلى أن البطالة تحتوي على بذور الجريمة إذا صاحبتها عوامل معينة بظروف معينة .

ثانياً : الجانب الاقتصادي

الإنسان هو المورد الاقتصادي الأول ، وبالتالي فإن أي تقدم اقتصادي يعتمد أول ما يعتمد على الإنسان بإعداده علمياً حتى يتحقق دوره في الإسهام في نهضة المجتمع .
وتضعف البطالة من قيمة الفرد كمورد اقتصادي ، ويتحول كم من المتعطلين إلى طاقات مهدرة وبالتالي يخسر الاقتصاد هذه الطاقات ، كما أنهم يعدون عبئاً إضافياً على الاقتصاد القومي يسبب خسارة تتمثل في توفير الأجور لهؤلاء مع عدم وجود عمل فعلي يستحقون عليه هذا الأجر .
ثالثاً : الجانب السياسي

نستطيع القول أنه في عالم اليوم لم تعد الحقوق والحريات العامة التقليدية كافية للحكم على ديمقراطية النظام السياسي بل ينضم إلى ذلك معايير اقتصادية واجتماعية كثيرة في هذا المجال ، ووجود البطالة وآثارها من شأنه أن يخل بهذه المعايير .
وكم أحرجت هذه المشكلة كثير من حكومات الدول وسياساتها ،
رابعاً : جانب الصحة النفسية

تؤدي حالة البطالة عند الفرد إلى التعرض لكثير من مظاهر عدم التوافق النفسي والاجتماعي ، إضافة إلى أن كثيراً من العاطلين عن العمل يتصفون بحالات من الاضطرابات النفسية والشخصية فمثلاً ، يتسم كثير من العاطلين بعدم السعادة وعدم الرضا والشعور بالعجز وعدم الكفاءة مما يؤدي إلى اعتلال في الصحة النفسية كما ثبت أن العاطلين عن العمل تركوا مقاعد الدراسة بهدف الحصول على عمل ثم لم يتمكنوا من ذلك يغلب عليهم الاتصاف بحالة من البؤس والعجز .
ويعد من أهم مظاهر الاعتلال النفسي التي قد يصاب بها العاطلون عن العمل :-
1- الاكتئاب : تظهر حالة الاكتئاب بنسبة أكبر لدى العاطلين عن العمل مقارنة لولئك ممن يلتزمون أداء أعمال ثابتة ، وتتفاقم حالة الاكتئاب باستمرار وجود حالة البطالة عند الفرد ، مما يؤدي إلى الانعزالية والانسحاب نحو الذات ، وتؤدي حالة الانعزال هذه إلى قيام الفرد العاطل بالبحث عن وسائل بديلة تعينه على الخروج من معايشة واقعه المؤلم وكثيراً ما تتمثل هذه الوسائل في تعاطي المخدرات أو الانتحار .
2- تدني اعتبار الذات : يؤصد العمل لدى الإنسان روابط الانتماء الاجتماعي مما يبعث نوعاً من الإحساس والشعور بالمسؤولية ، ويرتبط هذا الإحساس بسعي الفرد نحو تحقيق ذاته من خلال العمل ، وعلى عكس ذلك فإن البطالة تؤدي بالفرد إلى حالة من العجز والضجر وعدم الرضا مما ينتج عنه حالة من الشعور بتدني الذات وعدم احترامها .
خامساً : جانب الصحة الجسمية والبدنية
إن الحالة النفسية والعزلة التي يعانيها كثير من العاطلين عن العمل تكون سبباً للإصابة بكثير من الأمراض وحالة الإعياء البدني كارتفاع ضغط الدم ، وارتفاع الكولسترول والذي من الممكن يؤدي إلى أمراض القلب أو الإصابة بالذبحة الصدرية إضافة إلى معاناة سوء التغذية أو الاكتساب عادات تغذية سيئة وغير صحية .

ما هو الحل للمشكلة

ينبغي على الدولة أن تكثف الجهود للقضاء على غول البطالة ، فتستعين بأهل الخبرة والاختصاص لمعالجة هذه المشكلة والتحول من الركود إلى الانتعاش ، وقد رأيت أن الترياق لهذه المشكلة ينحصر في عدة أمور أهمها :-
1- الاهتمام بتوجيه أموال الصدقات والهبات في توفير فرص عمل واكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل .
2- التوسع في سياسات التدريب وإعادة التدريب للمتعطلين لمساعدتهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم .
3- تشجيع التقاعد المبكر حتى يتمكن توفير فرص عمل جديدة بدلاً من هؤلاء الذين أحيلوا إلى المعاش .
4- تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات القطاع غير الرسمي وإزالة كل ما يعترضها من عقبات .
5- التركيز على المشروعات والفنون الإنتاجية ذات الكثافة العمالية نسبياً .
6- اهتمام الحكومات بإقامة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل الحقيقية أمام كل قادر وراغب فيه .
7- ترشيد عملية استخدام العمالة الأجنبية وذلك من خلال حصرها في مهن محددة .
8- تفعيل بعض الدول العربية لبرنامج يحث المواطن نفسه على القبول بالعمل البسيط فصرنا نسمع عن السعودة والبحرنة و التكويت
9- العمل على تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور وذلك لدفع مؤسسات القطاع الخاص لتوظيف القوى العاملة الوطنية .
10- أقامت دولة الكويت بصرف أموال للعاطلين الذين لم يجدوا فرص عمل وظيفية بواقع مائة دينار لمدة سنة ، سيقوم العاطل بدفعها للدولة بعد توظيفه .
11- إعادة النظر في مكونات سياسات التعليم والتدريب بحيث يلبي سوق العمل .
12- الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك بخلق فرص عمل منتجة .

زر الذهاب إلى الأعلى