عدالة الشهادة السودانية بين العلمي والأدبي
كثيراً ما ألحَّ عليَّ سؤال قديم حول المساواة بين درجات طالب المساق العلمي ونظيره الأدبي في الشهادة السودانية، أو قُل تحديد ترتيب المئة الأوائل بمجموع الدرجات أو النسبة المئوية للطالب بغض النظر عن نوعية المساق الذي يختاره.
أقول هذا على خلفية أن من يجلس للامتحان في المساق العلمي يمتحن في مواد علمية أكثر صعوبة وتحتاج إلى جهد أكبر ولا أقول قدرات ذهنية أكبر .
معلوم أن طالب المساق العلمي يمتحن في الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات (تخصص)، بينما يجلس طالب الشهادة الأدبية في مواد أدبية أسهل بكثير، ولا تحتاج إلى قدرات ذهنية كالتي تتطلبها مواد المساق العلمي.
يحضرني في هذا الصدد أن هناك شهادات أخرى مثل الزراعية والصناعية ونحوهما لا تُعلن مع الشهادة الأكاديمية باعتبار أنها تختلف في محتواها بالرغم من تداخل بعض موادها مع المساق الأكاديمي، فلماذا تُخصص لها شهادة مختلفة ويُعلن طلابها المتفوقون في قائمة مختلفة، ولا يُطبّق ذلك على الشهادتين الأدبية والعلمية؟!
مجرد ملاحظة تُثبت علو كعب الشهادة العلمية أن الحاصل على الترتيب الأول في الشهادة الثانوية لو كان أدبياً لا تُمكّنه شهادته تلك رغم عظمتها من دخول كلية الطب أو الهندسة أو حتى الكليات العلمية الأدنى، بينما يستطيع الطالب العلمي الحاصل على الترتيب رقم مائة مثلاً أن يختار أياً من الكليات النظرية التي يرغب فيها نظراً لتميّزه في كل المواد سواء كانت أدبية أو علمية.
إذن فإن العدالة تقتضي إعادة النظر في الأمر بما يُنصف العلميين ولا أرى حلًّا سوى فصل الشهادتين العلمية والأدبية، سيما وأن عدد طلاب الشهادة يتزايد باستمرار، فعلى سبيل المثال، فإن عدد طلاب الشهادة الثانوية قبل نحو عشرين سنة يقل بنسبة تتجاوز الـ (50) في المئة عن عدد طلاب اليوم فلماذا نستكثر إعلان قائمة لكل من المساقين العلمي والأدبي، وهل كثير على المساقين الاعلان عن (200) متفوق بما يحقق العدالة التي رُوعِيت عند فصل المساق الأكاديمي عن المساقات الأخرى؟
إني لأرجو من القائمين على أمر التعليم وأخص وزيرة التربية الاتحادية ووزيرة التعليم العالي بأن يُقدّموا مبادرة في هذا الشأن تُحقّق العدالة لطلاب وطالبات الشهادة السودانية.