سيرة ” الزمخشري ” رائد علم الحديث
من هو الزمخشري ؟ اسمه بالكامل أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، وُلد العلامة الزمخشري في مدينة زمخشر والتي يرجع إليها نسبه وذلك في يوم الأربعاء السابع والعشرون من شهر رجب عام 467 هجريا الموافق عام 1074 ميلاديا، كما توفى في يوم عرفة سنة 538 هجريا الموافق 1143 ميلاديا.
برع الزمخشري في علم الحديث وتتلمذ على يده الكثير من العلماء والراغبين في دراسة علم الحديث بالعديد من البلدان، كما أثنى عليه وعلى الأثر الذي تركه في علم الحديث العديد من علماء جيله والأجيال التي لحقتها، كما له إسهامات عديدة في علم التفسير وغيره من العلوم الدينية، بالإضافة إلى مؤلفاته العديدة.
وعلى الرغم من كون الزمخشري فارسي الأصل إلا أنه كان يفضل التعلم باللغة العربية، كما أضاف إليه الكثير في مختلف مجالاتها كالنحو، البلاغة، الادب وغيرها.
إسهامات الزمخشري : أضاف الزمخشري لعلم الحديث الكثير حيث قام بناءا على استنادات من القرآن الكريم وما قدمه علماء وفقهاء السلف، بتنقيح العديد من الاحاديث الموضوعة على علم السنة، فقد اشتهر عن الزمخشري حبه لاستخدام العقل في اقرار صحة وتحديد الاحاديث المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم، من الأحاديث الموضوعة.
كما استخدم الزمخشري في تفسيره لكتاب الله نفس المنهج الذي استخدمه في تنقيح السنة النبوية، حيث قام باستخدام وتحكيم العقل في تفسير آيات كتاب الله وتتلمذ على يده في علم التفسير العديد من العلماء. برع الزمخشري أيضا في الشعر حيث له بيوت شعر عديدة كتبها في عدة مناسبات مختلفة وتم نقلها عن تلامذته والمؤرخين.
قالوا عن الزمخشري :
يقول السمعاني عن الامام الزمخشري في أحد ترجماته “برع في الآداب، وصنف التصانيف، وَرَدَ العراق وخراسان، ما دخل بلدا إلا واجتمعوا عليه، وتتلمذوا له، وكان علامة نسابة”.
كما كان معروفا عن الزمخشري تواضعه الشديد حيث أرسل إليه الحافظ أبا الطاهر السلفي من الاسكندريه يطلب منه إجازة لرواية أحد كتبه على التلاميد، فأرسل إلى الزمخشري قائلا (ما مثلي مع أعلام العلماء إلا كمثل السُّها (نجم صغير) مع مصابيح السماء.. والجهام الصُفر والرّهام (المطر الخفيف) مع الغوادي (المطر الغزير) الغامرة للقيعان والآكام، والسُّكيت المخلَّف مع خيل السباق، والبُغاث (طائر صغير) مع الطير العَناق.. وما التلقيب بالعلامة، إلا شبه الرقم بالعلامة.. والعلم مدينة أحد بابيها الدراية، والثاني الرواية، وأنا في كلا البابين ذو بضاعة مزجاة، ظلي فيها أقلص من ظلّ حصاة، أما الرواية فحديثة الميلاد، قريبة الإسناد، لم تستند إلى علماء نحرير ولا إلى أعلام مشاهير، وأما الدراية فثمد لا يبلغ أفواهاً، وبرض (الماء القليل) ما يبلّ شفاهاً.. ولا يغرنّكم قول فلان وفلان في.. (و عدد قوماً من الشعراء والأدباء)؛ فإن ذلك اغترار منهم بالظاهر المموِّه، وجهل بالباطن المشوه).
أشعار الزمخشري : كان الإمام الزمخشري كاتبا للشعر محبا للإلقاء، ومن أهم وأبرز أشعاره التي نقلها المؤرخين عنه عندما كان يعيش بمكة، وجاءه أنباء قدوم الإمام أبي منصور بن الجواليقي للحج، فاستقبله الزمخشري بشعره قائلا
كانَتْ مُسَاءَلَةُ الرُّكْبَانِ تُخْبِرُنِي عنْ أحمدَ بنِ عليٍّ أطيبَ الخَـبرِ
حتّى التَقَيْنَا فلا واللهِ مـا سَمِعَتْ أُذْنِي بأحْسـَنَ مِمَّا قَدْ رَأَي بَصَـرِي
وفي رثاء معلمه (مضر) عالم النحو قال الزمخشري
وقَائِلَةٍ ما هذه الدُّرَرُ التِي تُسَاقِطُهَا عَيْنَاكَ سِمْطَيْنِ سِمْطَيْنِ
فَقُلْتُ هو الدُّرُّ الذي قَـدْ حَشَا بهِ أبُو مُضَرٍ أُذْنِي تَسَاقَطَ مِنْ عَيْنِي
أشعار أخرى للزمخشري يقول بها
أَلاَ قُـلْ لِسُـعْدَى ما لنَا فِيكِ مِنْ وَطَرْ ومَا تَطَّبِينَا النُّجْلُ مِن أَعْيُـنِ البَقَرْ
فإنَّا اقْتَصَرْنَا بالذين تضَـايَقَتْ عُيُونُهُم واللهُ يَجْـزِي مَنِ اقْتَصَـرْ
مَلِيحٌ ولكنْ عِنده كُـلُّ جَـفْوَةٍ ولمْ أرَ في الدُّنْيَا صَفَـاءً بِلا كَدَرْ
ولمْ أَنْسَ إِذْ غَازَلْتُهُ قُـرْبَ رَوْضَةٍ إلى جَـنْبِ حَوْضٍ فِيْهِ للماءِ مُنْحَـدَرْ
فقلـتُ له جِئْنِي بِوَرْدٍ وإِنَّمَا أَرَدْتُ به وَرْدَ الخُـدُودِ ومَا شَـعَرْ
فَقَالَ انْتَظِرْنِي رَجْعَ طَرْفٍ أَجِـيءْ بِهِ فَقُلْتُ لهُ هَيْهَاتَ مَا في مُنْتَظَـرْ
فقَالَ ولا وَرْدٌ سِـوَى الخَدِّ حَاضِرٌ فقُلْتُ له إنِّي قَنَعْتُ بِمَا حَـضَـرْ
مؤلفات الزمخشري : للزمخشري العديد من المؤلفات أبرزه المفصل في صنعة الإعراب، مشتبه أسامي الرواة، المستقصي في الأمثال، الرائد في علم الفرائض، كتاب الامكنه والجبال والمياه، أطواق الذهب في المواعظ، تفسير الكشاف المشهور، كما للزمخشري في علم الأدب مؤلفات يطلق عليها (مقامات الزمخشري).