ذوى الاحتياجات الخاصة ، اسباب كثرة وانتشار ذوى الاحتياجات الخاصة
لإعاقة أسباب عدة تختلف باختلاف الأفراد فقد تحدث لأسباب وراثية (كالطفرة الجينية مثلا) ، أو لأسباب تتعلق بصحة الجنين أثناء الحمل ( تعرض الجنين إلى أمراض تصيب الأم فتؤثر على المناخ الصحي للجنين ) أو بسـبب إدمان الوالدين أو أحدهما ( المخدرات ، الحشيش ، الأفيون ، الخـمور ، عقاقير الهلوسة ، كثرة شرب المنبهات ) أو لأسباب تحدث أثناء الولادة ( الولادة المبكرة أو الأطفال الخدج ، العقاقير التي تعطى للأم أثناء الولادة لتخفيف الآلام قد تؤثر في العمليات الوظيفية لمخ الجنين) ، وهناك أسباب تحدث بعد ولادة الطفل ناتجة عن عوامل تسمم محددة أو التعرض للأشعة ومن أسباب حدوث الإعاقة التعرض للحوادث التي تقع في البيت أو في العمل أو حوادث الطرق والسيارات أو بسبب الحروب .
ولقد وقف الإسلام من أسباب الإعاقة مواقف تقوم على الوقاية والابتعاد عن مسبباتها :
1 – الوقاية من الأسباب الوراثية :
من أهم ما تدعو الشريعة الإسلامية إلي المحافظة عليه هو (النسل) ، ويعتبر أحد الضرورات الخمس التي جاء الإسلام للمحافظة عليها ، وقد دعا الأنبياء (عليهم السلام ) ربهم أن يرزقهم ذرية طيبة ، ويدعو المؤمنون ربهم قائلين : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) (الفرقان:74) ولا تكون الذرية قرة عين إذا كانت مصابة بإعاقة ما ناقصة بعض الأعضاء أو متخلفة العقل ، وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال ” تخيروا لنطفكم فإن العرق دسـاس ” ، وقد تنبه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) إلى مخاطر الزواج من الأقارب إذا تكرر فقال : ” اغتربوا لا تضووا ” أي تزوجـوا الغريبات حتى لا يضعف النسل ، بل أن بعض علماء الدين قد كرهوا زواج الأقارب لهذا السبب ومنهم الإمام الشافعي وخاصة إذا انغلقت الأسرة أو القبيلة على نفسها لا تزوج أحد إلا من أفرادها فذلك أدعى لظهور الأمراض الوراثية المتنحية .
لذا فلا مانع من الفحص الطبي قبل الزواج خشية أن يحمل الزوجان نفس العامل المرضي فتزيد نسبة احتمالات إعاقة عند الأطفال .
2– رعاية الأم الحامل :
إن رعاية الأم الحامل رعاية صحية دقيقة أثناء الحمل يمنع كثير من المضاعفات والإصابات والتشوهات والأمراض التي قد تصيب الجنين بالإعاقة .
3 – الوقاية من الأمراض :
إن الدين الإسلامي دين إيجابي يطالب الإنسان الصحيح أن يحافظ على صحته ويحمله مسئولية هذه المحافظة ، كما يطالب المريض بالبحث عن الدواء ويحثـه على أن يتطبب ، و ولقد دعا الإسلام إلى القوة وحـفظ الصحة الوقائية والعلاجية وحارب الضعف سواء أكان قاصراً أم متعدياً إلى السلالات ولاسيما ما ينشأ من الآفات التي تتصل بوهن البدن أو ضياع العقل ،
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : ” فر من المجذوم فرارك من الأسد ” .
4 – النظافة :
كثير من أسباب الإعاقة التي تصيب الإنسان تكون نتيجة إهمال النظافة : نظافة البدن أو المأكل أو المشرب أو الملبس أو البيئة والأدلة على اهتمام الإسلام بالنظافة كثيرة ولا تحصى وفيما يلي ذكر لبعض منها :
يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) : ” الطهور شطرُ الإيمان ” ، ويقول : ” خمس من الفطرة : الختان ، و الإستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر،وقص الشارب ” ونهى الرسول (صلى الله عليه وسلم ) عن التبول في الماء الراكد والجاري ، كما نهي عن التغوط في الماء وقارعة الطريق وفي الظل .
واهتمام الإسلام بالنظافة الشخصية ونظافة البيئة تزهر به كتب فقه الطهارة والغسل والوضوء ، فمن حق الإنسان أن يعيش في مجتمع نظيف وأن يحيا في مكان طاهر تتوفر فيه شروط الحياة السليمة : مثل الإضاءة الجيدة ونظافة الأثاث والأرضيات والأكل والبيئة .
5 – الغذاء :
لابد من التأمين الغذائي للأم الحامل وللأطفال ولجميع الأفراد وذلك حتى تجنبهم الإصابات بأي نوع من أنواع الإعاقة ، يقول الله تعالي : (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ .. ) (طـه:81) ، ويقول تعالى :
( يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) (المائدة:4) ، ونهى الإسلام عن الإسراف في الطعام قال الله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (لأعراف:31) ، كما أنه حرم أنواعا من الطعام ضـارة ومؤذية ، يقول الله تعالى :
( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَ ةُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدِّي َةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) (المائدة:3)
6 – اجتناب العلاقات غير المشروعة :
قال الله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) (الاسراء:32) ، وقال سبحانه : ( وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) (الأنعام:151) إن هناك أمراضا كثيرة تنتشر بسبب العلاقات غير المشروعة وأشهرها وباء (الإيدز) ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ” وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشى فيهم الطاعون والأوجـاع التي لم تكن في أسلافهم ” والطاعون في اللغة العربية هو المرض الفتاك .
7 – اجتناب الخمور والمخدرات :
حرم الدين الإسلامي الخمر لما فيها من أضرار جسيمة على الإنسان ، قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) وقد نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن كل مسكر ومفتر ، والمخدرات بجميع أنواعها وسـائر أسمائها من أخطر الأمراض التي تضر الفرد والمجتمع ، وإدمان الخمر والعقاقير المخدرة من أهم أسباب الإعاقة سواء للشخص الذي يتعاطاها أو لما تبين من آثارها على الذرية ، وموقف الإسلام واضح في منعها .
8 – الوقاية من الحوادث المختلفة :
لقد تطرق الإسلام إلى وجوب اتخاذ الحـذر للسلامة من الحوادث التي تسبب الإعاقة للإنسان عموما وللأطفال خاصة ، قال عليه الصلاة والسلام : ” إذا مَّر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها بكفه أن يصيب أحدا من المسلمين منها بشيء ” .
ومن المعروف أن إصابات الحوادث بأنواعها من أسباب الإعاقة ، وقد وضع الإسلام القواعد الأساسية للوقاية من الحوادث في المجتمع ، ويقوم علم السلامة على قاعدة أن الحوادث لا تقع مجرد قضاء وقدر بل هي نتائج لأسباب يمكن تلافيها ، والإسلام لا يكتفي بأن لا يكون المسلم مصدر ضرر للآخرين بل يطالبه بأن يتخذ موقفا في إزالة الأسباب التي قد ينتج عنها الضرر ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ” وإماطة الأذى شعبة من شعب الإيمان ” ، وفي حديث آخر يقول عليه السلام : ” إرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة ، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة ” ، إن وقاية النفس من الأذى قاعدة إسلامية صريحة وردت في القرآن الكريم وفي سنة رسوله ، قال الرسول (صلى الله عليه وسلم :
” لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون ” .
9 – الوقاية من حوادث الحروب :
يجب على الدول التي تقع بينها الحروب إبعاد الأطفال تماما عن ميادين القتال مشاركة فيها أو السكن والإقامة بالقرب منها ، كما يجب الاتفاق عالميا على منع استعمال الألغام لأنها سبب رئيسي في انتشار المعاقين في العالم ، ولقد ثبت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يبعد ويمنع الأطفال من المشاركة في الحروب والغزوات وذلك لعدم قدرتهم على القتال و لتجنبهم الإصابات المختلفة التي قد تسبب الإصابة .