دكتور ربيع عبد العاطي :واقعنا معلول والحوار الوطني بداية وليس لدينا عصا موسى..(1/2)
عدم وجود مؤسسات صحفية بهذه الكيفية يفرق دم الرأي العام بين القبائل…
قطع القيادي بالمؤتمر الوطني والمحلّل السياسي دكتور ربيع عبد العاطي بأن ليس لدى المؤتمر الوطني عصا موسى لإخراج السودان من فك الأزمة الإقتصادية مشدداً على ضرورة تخصيص مؤسسات عدلية تحاكم المشكوك في إرتكابهم فساد وقال إنه دون ذلك نكون كمن يحرث في البحر.
وصوّب دكتور ربيع عبد العاطي في حوار أجرته معه (كوش نيوز) سهامه تجاه الأحزاب السياسية قائلاً إنها لا تقوم بالمهام المرجوة منها رغم كثرة عددها، بإتجاه آخر أكد أن الواقع الصحفي الحالي لا يختلف كثيراً عن السياسي ، واصفاً إياه بالمعلول ، وقال إن الأمر برمته بحاجة لإعادة صياغة ، محرراً روشتة لحل مشكلات الصحافة بما فيها تدني التوزيع الذي أقعد صحف كثيرة ، و زاد أن عدم توفر معايير للعمل داخل المؤسسات الصحفية سيؤدي لتفرق دم الرأي العام بين القبائل ، وقال إن الفرصة متاحة لقراءة الواقع السياسي ووضع قانون يرسي لقيم إيجابية لصالح الصحفيين بعد بروز تحديات كثيرة في مواجهتهم.
*ما هي مطلوبات الصحافة المؤثرة في رأيك؟
لابد أن تكون إدارة المؤسسات الصحفية مقتدرة مع توفر رأسمالي حقيقي وتوفر كتّاب رأي ورأي آخر حقيقيين وعلى مقدرة عالية من المهارة ووجود مادة تحريرية مهنية ثرية تعكس الواقع بكل أبعاده وأن يتم عمل الصحفيين وفق شروط بذلك يمتلك كل صحفي وكل كاتب عمود على قدر معيّن من القراء مع عدم إغفال آراء الأخيرين بكافة تصنيفاتهم سواء كانوا رياضيين أو طلاب أو نساء وغيرهم من فئات المجتمع بكافة التقسيمات المتعارف عليها بحيث تصدر مطبوعة تستهدف كل فئة على أن تصدر الصحف في أربعين صفحة مثلاً وهكذا يتزايد التوزيع كما ينتبه المعلنين ويقبلون على الإعلان.
*كيف يتأتى للصحافة الظهور بكل المثل العليا التي ذكرتها في الواقع المعلول؟
مسئولية الصحافة مشتركة بين الناشرين والصحفيين والدولة والنخب الفكرية وكل المهتمين وحتى القراء الذين يفترض أن يكونوا شركاء في عملية التحرير وإذا قام كل بدوره فإن الحال سينصلح وإذا فسد الرأي فسد المجتمع.
*هل فشلت الصحف التي تصدر حالياً والتي صدرت قبلاً في تلبية إحتياجات القارئ؟
نعم فشلت لكن المشكلة يجب أن لا يتحملها الناشرين فقط فيفترض تخصيص دعم من الدولة للطباعة والورق فتشكيل الرأي العام ليست قضية سهلة إنما قضية معقدة مثله مثل التعليم والمهام الكبيرة التي ينبغي إيلائها إهتمام.
كيف تتوفر مهنية في الصحافة وكلنا نعلم أن عدد من أعضاء المجلس القومي للصحافة يعينهم رئيس الجمهورية فيما يتقلد أعضاء الإتحاد العام للصحفيين.
*السودانيون مناصبهم بعد إنتخابات صورية؟
الأمر برمته يحتاج لإعادة صياغة لتنطبق على الصحافة سمات عديدة وأن تكون قادرة على العطاء ومسئولة وتقوم بالواجب الملقى على عاتقها بعد توفر كل ما ذكرته قبلا بجانب الحرية وإذا لم تقم المؤسسات لتلك الكيفية فلن تكون هناك فائدة من الحرية وتنعدم أمور كثيرة أهمها مراعاة المسئولية وتشكيل الرأي العام الذي سيتفرق دمه بين القبائل وعدم وجود رأي عام سوي لدى الجمهور.
*هل تتفق معي بأن قانون الصحافة المقترح حالياً يمعن في إذلال الصحفي؟
حتى الآن لا يوجد قانون وما يتم تداوله مقترحات فقط لكني أرى أن الفرصة متاحة لقراءة الواقع السياسي وما تعكسه الصحافة لمعرفة ما هو القانون الملائم بعد بروز التحديات التي تواجه الصحفيين وما هي تحديات الصحافة والدولة ليتسنى بالفعل صياغة قانون صحافة يستجيب للمرحلة والمتغيرات وبدلاً من الحديث عن مقترح لدى جهة معينة علينا أن نوضح مالذي ينبغي أن يكون وذلك يحتاج لورش عمل وإشراك كافة العاملين في المجال وأن لا تستبعد الدولة من ذلك حتى يتم التوصل لصيغة من شأنها أن تصحح الواقع المعلول.
*كيف يشخّص دكتور ربيع عبد العاطي الواقع السياسي؟
الواقع السياسي لا يختلف عن الواقع الصحفي والإقتصادي وغيره من القطاعات بطغيان السرطانات عليه فرغم العدد الكبير للصحف إلا أنها لا تقوم بالمطلوب هناك عدد كبير من الأحزاب السياسية حيث يزيد عددها عن المائة حزب يشتمل بعضها على عضوية تتكون من ثلاثة أشخاص فقط وبعضها أسماء لا وجود لها على الواقع بجانب أخرى تقليدية عفا عنها الزمن وهناك أحزاب قامت لتحقق مكتسبات شخصية فهل ذلك واقع سياسي؟.. أعتقد أن الوضع الأمثل ينبغي أن يتنافى مع ذلك كله ونحن بحاجة إلى إصلاح سياسي وإعلامي وإصلاح العلاقات الدولية مع مراعاة تشابك الحياة المعاصرة وأنه إذا إختل قطاع واحد فإنه يؤدي لإختلال بقية القطاعات.
*لماذا لم تلبي مخرجات الحوار الوطني التطلعات؟
الحوار الوطني كطرح ومشروع لبناء الدولة وتبادل الرأي يمكن التعويل عليه وفي تقديري أن تلك بداية والأمر لم يتنه ونحن لم نقطف ثمار الحوار والعبرة ليست بالمقدمات إنما بالنتائج ونتيجة الحوار مربوطة بإستمراره.
*النخب السياسية تعمل بمعزل عن المواطن. إتهام كيف ترد عليه؟
النخب السياسية تتكون من مواطنين وإذا كان هناك خلل فيهم يكون ناتج عن خلل في المجتمع و(كيفما تكونوا يولى عليكم) وينبغي رد الخطأ إلى كيفية إصلاح المجتمع فهو الذي يفترض أن يقود الدولة وعليه غرس قيم وتقاليد ليتقدم الأجدر لقيادته.
*هل فقد المؤتمر الوطني مقدرته على إخراج السودان من فك الأزمة الإقتصادية؟
المؤتمر الوطني مثله مثل أي حزب آخر مثل أي كيان يعتريه الضعف وتصاحبه القوة وليس لديه عصا موسى ولا يضم ملائكة وقد صاحبته فترات قوة وفترات ضعف كما صاحبته فترات سيولة وأعتقد أن المرحلة الحالية فترة الأخيرة.
*ماذا تعني بالسيولة؟
أعني أن المؤتمر الوطني كان تنظيماً صغيراً وكان من السهولة مراجعة فكرته وكوادره والملتزمين بضوابطه ثم إتسعت الدائرة قليلاً قليلاً ليقود الدولة في مرحلة لاحقة منفرداً ثم إنفتح وصار كل من هبّ ودبّ ينتمي إليه وأضحى متضخماً وكلما تضخمت الأحزاب كلما كثرت فيها الأمراض والعلل وأنا ليس ضد التوسع لكن مع مركزية القوة.
*ما هو ردك على ترديد كثيرين أن المؤتمر الوطني فقد ما يمكن أن يبقيه على سدة السلطة؟
على العموم مهما كان لا نستطيع أن نقول أن أي جهة إعتبارية ما كلها شر وهناك خير وشر داخل أي كيان وذلك ينطبق على الأحزاب السياسية لكن هناك مفاضلات كما أن الخير يمكن أن يغلب في مرات وفي أخرى يُغلب الخير والقول لا ينبني على أساس علمي.
*هل يمكن أن تقود العبارات على شاكلة (القطط السمان) الرنانة لمحاربة الفساد؟
محاربة الفساد تحتاج لمؤسسات وتطبيق قاعدة بسيطة وعميقة إذا خالف الشخص يحاكم وكل ما يتم تداوله عن الفساد يتسبب في تشويه وخوض في أعراض الناس وذممهم وبدلاً من ذلك أرى الأجدى أن يتم تخصيص مؤسسات عدلية لمحاكمة المخالفين وما عدا ذلك فنحن نحرث في البحر.
حنان كشة
الخرطوم (كوش نيوز)