الاخبار

خمول العقول ..!!

%name خمول العقول ..!!

:: وكأنهم سُكان دولة أخرى، فالمآسي التي يعيشها الأهل بالنهود و كسلا – منذ مساء الإثنين الفائت – لم تحركاً ساكناً بالمركز.. وليس في الأمر عجب، فالبعيد عن السلطات المركزية جغرافياُ دائماً ما يكون بعيد وجدانياً أيضاً عن ردود أفعالها لحين وقوع المزيد من الكوارث.. ثم منذ الأمس، تدق وحدة الإنذار المبكر بالهيئة العامة للأرصاد الجوية (جرس الإنذار)، وتتوقع هطول أمطار – ومصحوبة برياح قوية – بولايات كسلا، القضارف، الخرطوم، نهر النيل، سنار، الجزيرة، النيل الأبيض، كردفان واقليم دارفور.. ثم طالبت الوحدة أهل هذه الولايات بتوخي الحذر..!!

:: هي من بشائر الخريف، ولكن عدم تحسب المسؤولين يحول بشائر الخريف إلى مآسي ..فمن نسميهم بالمسؤولين لايتحسبون ، ليرهقوا المواطن .. وفي ذات خريف، كتبت عن فرق التفكير الإستباقي ما بين المجتمع والمسؤولين .. ( القُسيبة أو المطمورة)، لم تكن ترمز للثراء ولا الإكتفاء الذاتي، ولكنها كانت ترمز للأمن الغذائي والمخزون الإستراتيجي للأسرة.. أي، بالمطامير كانت عبقرية البسطاء تسبق موسم شح المحاصيل..ولذلك، لم يكن هذا الموسم يفاجئ عقول الناس بآثار الغلاء والجوع .. فالمطمورة – بكل بساطتها – كانت بمثابة تفكير إستباقي لكيفية مواجهة ..( أزمة مرتقبة)..!!

:: وبكردفان، يتم تجويف أشجار التبلدي ( الوفية والأمينة)، لتحتفظ بمياه فصل الخريف في جوفها طوال فصول الربيع والشتاء و الصيف ؟..لا يتغير لونها ولا رائحتها ولا طعمها، بل تزداد عذوبة ونقاء لتروي عطش الأهل.. بهذا التفكير الإيجابي كانت الفرقان والوديان والأرياف – بكل كثافتها السكانية – تتجاوز أزمة العطش بلا موت أو مرض أو إرتباك يوحي أن بالناس لم تتحسب.. نعم، لحظة تجويف سواعد البسطاء لتلك الأشجار العظيمة هي لحظة التفكير الإستباقي لكيفية تجاوز ..(أزمة مرتقبة)..!!

:: وبالجزيرة وغيرها، تنثر الأيدي بذور (أب سبعين)، ثم تنصب منصات خشبية تحيط بها أسوار من الأشواك، بحيث يصبح المكان آمناً لحفظ حزم أب سبعين بعد تجفيفها.. وبهذا التفكير الإيجابي تنعم الأنعام بالأمن الغذائي طوال موسم الجفاف.. وكثيرة هي النماذج التي تعكس أن العقل الشعبي قادر على تجاوز مخاطر أزمات مرتقبة بالتفكير الإيجابي.. وهو المسمى في مراجع الإدارة ب ( التفكير الإستباقي). وهذا النوع من التفكير هو المفقود في عقول من نسميهم بالمسؤولين، ولذلك تتجلى في الخريف من مشاهد وأحوال الناس والبلد ما تبكيك دماً ودموعاً..!!

:: ( نبصم بالعشرة)، لم تبادر أية سلطة ولائية أو محلية – طوال الاشهر الفائتة – بالتفكير في تقديم نموذج واحد من نماذج التعامل الجيد مع مخاطر أمطار وسيول خريف هذا العام.. كلهم ينتظرون السيول والأمطار ثم الكوارث.. فالخريف لم يكن في موسم من المواسم، ولا في بلد من البلاد، رمزاً للخراب والموت .. كان – وسيظل – الخريف رمزاً للخير والنماء.. ولكن هنا – حيث موطن العقول المتواكلة وليس المتوكلة- صار الخريف رمزاً للكوارث..وهكذا دائما الحال بالدول ذات الأجهزة العاجزة عن (التفكير الإستباقي)..!!

:: ليس بالنهود وكسلا وحدها، بل بكل ولايات السودان، فالسادة يجمدون عقولهم وينتظرون الكوارث ، ليتعاملوا معها بردود الأفعال المرتبكة..(إفتح الخور دا) و (إقفل الترس داك)، أو هكذا تكون التوجيهات، ولكن بعد الدمار و وقوع الكوارث و دفن الضحايا..ثم يُحملون القضاء والقدر مسؤولية عجز عقولهم عن التفكير الإستباقي..وليس الأهل بكسلا والنهود فحسب، بل كل أهل السودان، لن يغادروا محطة البؤس الراهن، ما لم تتخلى السلطات المسماة بالمسؤولة عن نهج اللامبالاة، وترقب الأزمات لتضطرب و.. تستجدي ..!!

زر الذهاب إلى الأعلى