دعاء قبل الافطار
دعاء قبل الإفطار
يسنّ للصائم وغيره عند تناوله للطعام أن يسمّي الله تعالى، فإذا أفطر قال عقب فطره:” ذهب الظمأُ، وابتلَّت العروقُ، وثبت الأجرُ إن شاء اللهُ “، وهذا ورد في حديث صحيح رواه أبو داود.
وكان يقول أيضا:” اللهم إنّي أسألُكَ برحمتِكَ التي وسِعَتْ كلَّ شيءٍ أن تغفِرَ لي “، رواه ابن ماجه من دعاء عبد الله بن عمرو بن العاص، وحسّنه ابن حجر في تخريج الأذكار. ويمكن للصائم أيضاً أن يقول:” اللهمَّ لكَ صمتُ، وعلى رِزْقِكَ أفطرتُ “، رواه أبو داود مرسلاً.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – كان إذا أفطر عند أهل بيت قال لهم:” أفطرَ عندَكمُ الصَّائمونَ، وتنزَّلت عليْكمُ الملائِكةُ، وأَكلَ طعامَكمُ الأبرارُ، وغشيتْكمُ الرَّحمةُ “، رواه أحمد.
وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنه إذا أفطر، يقول:” اللهمَّ إني أسألكَ برحمتكَ التي وَسِعَتْ كلَّ شيٍء أن تغفرَ لي ذنوبي “،رواه ابن ماجه، وصحح إسناده الكناني في مصباح الزّجاجة.
حكم الدعاء قبل الإفطار
الدّعاء مشروع في كلّ وقت، وهو مؤكّد في حال الصّوم وعند الإفطار، وجاء في الموسوعة الفقهيّة:” ضمن المواطن التي يستحبّ فيها الدّعاء، حال الصّوم وحال الإفطار من الصّوم، أمر الله بصوم رمضان وذكر إكمال العدّة، ثمّ قال:” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ “، البقرة/186، وفي ذلك إشارة إلى المعنى المذكور “.
وقال ابن كثير:" في ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدّعاء متخللةً بين أحكام الصّيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدّعاء عند إكمال العدّة، بل وعند كلّ فطر، لما روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول:"للصَّائمِ عِندَ إفطارِهِ دَعوةٌ مُستجابةٌ "، فَكانَ عبدُ اللَّهِ بنُ عَمرٍو إذا أفطرَ دعا أَهْلَهُ وولدَهُ ودعا، ولما روي أيضاً:" إنَّ للصائمِ عند فِطْرِهِ دَعْوَةً ما تُرَدُّ "، رواه الألباني ".
وقال النّووي في شرح المهذّب:” يستحبّ للصائم أن يدعو في حَالِ صَوْمِهِ بِمُهِمَّاتِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا لَهُ وَلِمَنْ يُحِبُّ وَلِلْمُسْلِمِينَ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:” ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالْمَظْلُومُ“، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ ـ وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ حَتَّى بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ فَيَقْتَضِي اسْتِحْبَابُ دُعَاءِ الصَّائِمِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَائِمًا فِي كُلِّ ذَلِكَ “.
أخطاء في الإفطار
هناك بعض الأخطاء التي يقع فيها النّاس عند الإفطار، حيث أنّ وقت الإفطار في رمضان هو الوقت الذي يكون فيه الصائم قد استنفد الكثير من طاقته الجسميّة، والفكريّة، والعاطفيّة، ومن هذه الأخطاء:
- تأخير الإفطار بعد دخول وقته، وهذا مخالف للسّنة النبويّة، والدّاعية إلى تعجيل الإفطار في حال دخول وقته، كما ثبت عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال:” لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر “، متّفق عليه.
- عدم الإفطار حتى انتهاء المؤذّن من الأذان احتياطاً، وهو من التنطّع والتكلّف، ومن الأمور التي لم يُطَالَب بها العبد.
- انشغال بعض الصّائمين بالإفطار عن إجابة المؤذن، والسّنة للصائم وغيره أن يتابع المؤذّن في حال سماعه، وأن يقول مثل قوله، لما ثبت عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – أنّه قال:” إذا سمعتُمُ النداءَ، فقولوا مثلَ ما يقولُ المؤذنُ“، متّفق عليه.
- نسيان الصّائمين للدعاء عند الإفطار، مع أنّه موطن من مواطن إجابة الدّعاء، ومن الحرمان أن يضيّع الصّائم على نفسه هذه الفرصة العظيمة، حيث يقول صلّى الله عليه وسلّم:” ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصّائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ “، رواه أحمد وصحّحه الألباني، وكان – صلّى الله عليه وسلّم – إذا أفطر قال:” ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله “، رواه أبو داود.
- الإكثار والتّوسع في أنواع الطعام والشراب في وقت الإفطار، وذلك دون حاجة، ممّا قد يؤدّي إلى الإسراف الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه، كما أنّ الإكثار من الأكل والشّرب قد يثقل الإنسان عن العبادة وأداء الصلاة، وهو خلاف ما شرع من أجله الصّيام.
- الإفطار على ما حرّم الله مثل السّجائر وغيرها من الخبائث.
هدي النبي في الإفطار
هناك مجموعة من الأمور التي كان النّبي – صلّى الله عليه وسّلم – يقوم بها، ولنا أن نستنّ بها من بعده، ومنها:
- كان – صلّى الله عليه وسلّم – يفطر على رطب، فإن لم يجد فتمراً، فإن لم يجد شرب ماءً، ودليل ذلك ما رواه أبو داود، عن ثابت البناني، أنّه سمع أنس بن مالك يقول:” كانَ رسولُ اللَّهِ – صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ – يُفطِرُ علَى رُطَباتٍ قبلَ أن يصلِّيَ، فإن لم تكن رُطَباتٌ فعلى تَمراتٍ، فإن لم تَكُن حَسا حَسَواتٍ مِن ماءٍ “.
- كان – صلّى الله عليه وسلّم – يعجّل الإفطار فور غروب الشّمس، كما يدلّ عليه قوله صلّى الله عليه وسلّم:” لا يزالُ الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطرَ “، متّفق عليه.
- كان – صلّى الله عليه وسلّم – يأكل بشكل معتدل، فلم يكن يملأ بطنه بالطعام والشّراب إذا أكل وشرب، ويدلّ عليه قوله صلّى الله عليه وسلّم:” ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، بحسبِ ابنِ آدمَ أكلاتٍ يُقمنَ صُلبَهُ، فإن كان لا محالةَ: فثلُث لطعامِه، وثُلُثٌ لشرابِه، وثُلُثٌ لنفَسِه “، رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
استجابة دعوة الصائم
لقد ورد عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - أنّ دعوة الصّائم لا ترد، فقد أخرج البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" ثلاثُ دَعواتٍ لا تُرَدُّ: دعوةُ الوالِدِ لِولدِهِ، ودعوةُ الصائِمِ، ودعوةُ المسافِرِ "، صحّحه الألباني.وهذا يعني أنّ دعوة الصّائم مستجابة وقت إفطاره، وعلى المسلم أن يحتاط ويدعو خلال صيامه كلّه، بما شاء من حاجات الدّنيا والآخرة.
سنن الصّيام ومكروهاته
هناك مجموعة من الأمور المستحبّة أو السّنن في الصّيام، ومنها أنّه يُسَنّ تأخير السّحور إذا لم يخش الصّائم طلوع الفجر، وتعجيل الفطر عند تحقّق الغروب، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:”عَجِّلُوا الإفْطارَ وأَخِّرُوا السّحورَ “، رواه الطبراني عن أم حكيم.
ويسنّ أيضاً لمن شُتِم أن يقول:” إنّي صائم “، وذلك لقوله – صلّى الله عليه وسلّم – في الصّائم:” إذا أصبَحَ أحدُكُم يومًا صائمًا، فلا يرفُثْ ولا يجهَلْ. فإنِ امرؤٌ شاتمَهُ أو قاتلَهُ، فليقُلْ: إنِّي صائمٌ. إنِّي صائمٌ “، رواه مسلم عن أبي هريرة.
أمّا مكروهات الصّيام فمنها: تذوّق الشيء ومضغه بلا حاجة، والقبلة، والمعانقة، والمسّ لمن يحرك المسّ شهوته، وجمع الرّيق للابتلاع، وما يضعف الصّائم، كالفصد والحجامة. وزاد المالكيّة على ذلك المبالغة في المضمضة والاستنشاق، وشمّ الطيب نهاراً، والإكثار من النّوم بالنهار، وفضول القول والعمل. ويُكره عند الشافعيّة السّواك بعد الزّوال.