جميل قصائد نزار
نزار قبّاني
اشتهر نزار قباني بقصائد الحبّ الرائعة، التي أصبحت ملاذاً للعشّاق، يبحثون فيها عن تلك الكلمات الجريئة والقويّة التي تُعبّر عمّا يشعرون به من أحاسيس قد تُفقدهم القدرة على اختيار الكلمات المناسبة. نقدّم لكم في هذا المقال بعضاً من جميل قصائد هذا الشاعر العظيم.
قصيدة كتاب الحب
ما دمت يا عصفورتي الخضراء
حبيبتي
إذاً .. فإن الله في السماء
تسألني حبيبتي:
ما الفرق ما بيني وما بين السما؟
الفرق ما بينكما
أنك إن ضحكت يا حبيبتي
أنسى السما
الحب يا حبيبتي
قصيدة جميلة مكتوبة على القمر
الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر
الحب منقوش على
ريش العصافير، وحبات المطر
لكن أيّ امرأة في بلدي
إذا أحبت رجلاً
تُرمى بخمسين حجر
حين أنا سقطت في الحب
تغيّرت
تغيرت مملكة الرب
صار الدُّجى ينام في معطفي
وتشرق الشمس من الغرب
يا رب قلبي لم يعد كافياً
لأن من أحبها تعادل الدنيا
فضع بصدري واحداً غيره
يكون في مساحة الدنيا
ما زلت تسألني عن عيد ميلادي
سجل لديك إذاً ما أنت تجهله
تاريخ حبك لي، تاريخ ميلادي
لو خرج المارد من قمقمه
وقال لي: لبيك
دقيقة واحدة لديك
تختار فيها كل ما تريده
من قطع الياقوت والزمرد
لاخترت عينَيْكِ .. بلا تردد
ذات العينين السوداوين
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبداً من ربي
إلا شيئين:
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيد بأيامي يومين
كي أكتب شعراً
في هاتين اللؤلؤتين
لو كنتِ يا صديقتي
بمستوى جنوني
رميت ما عليك من جواهر
وبعت ما لديك من أساور
ونمت في عيوني
أشكوك للسماء
أشكوك للسماء
كيف استطعتِ، كيف، أن تختصري
جميع ما في الكون من نساء
لأن كلام القواميس مات
لأن كلام المكاتيب مات
لأن كلام الروايات مات
أريد اكتشاف طريقة عشق
أحبك فيها .. بلا كلمات
أنا عنك ما أخبرتهم .. لكنّهم
لمحوك تغتسلين في أحداقي
أنا عنك ما كلمتهم .. لكنّهم
قرأوك في حبري، وفي أوراقي
للحب رائحة .. وليس بوسعها
ألا تفوح مزارع الدراق
أكره أن أحبّ مثل الناس
أكره أن أكتب مثل الناس
أودّ لو كان فمي كنيسة
وأحرفي أجراس
ذوّبت في غرامك الأقلام
من أزرق .. وأحمر .. وأخضر
حتى انتهى الكلام
علّقت حبي لك في أساور الحَمام
ولم أكن أعرف يا حبيبتي
أن الهوى يطير كالحمام
عدّي على أصابع اليدين ما يأتي
فأولاً: حبيبتي أنت
وثانياً: حبيبتي أنت
وثالثاً: حبيبتي أنت
ورابعاً، وخامساً
وسادساً، وسباعاً
وثامناً، وتاسعاً
وعاشراً . . حبيبتي أنت
حبّك يا عميقة العينين
تطرّف
تصوّف
عبادة
حبّك مثل الموت والولادة
صعب بأن يُعاد مرتين
عشرين ألف امرأة أحببت
عشرين ألف امرأة جرّبت
وعندما التقيت فيك يا حبيبتي
شعرت أني الآن قد بدأت
لقد حجزت غرفة لاثنين في بيت القمر
نقضي بها نهاية الأسبوع يا حبيبتي
فنادق العالم لا تعجبني
الفندق الذي أحب أن أسكنه هو القمر
لكنّهم هنالك يا حبيبتي
لا يقبلون زائراً يأتي بغير امرأة
فهل تجيئين معي
يا قمري . . إلى القمر
لن تهربي مني فإنّي رجل مُقدّرعليك
لن تخلصي مني . . فإن الله قد أرسلني إليك
فمرّة .. أطلع من أرنبتيّ أُذنيك
ومرة أطلع من أساور الفيروز في يديك
وحين يأتي الصيف يا حبيبتي
أسبح كالأسماك في بُحْرَتَيْ عينيك
لو كنت تذكرين كل كلمة
لفظتها في فترة العامين
لو أفتح الرسائل الألف .. التي
كتبت في عامين كاملين
كنّا بآفاق الهوى
طرنا حمامتين
وأصبح الخاتم في
إصبعكِ الأيسر . . خاتمين
لماذا .. لماذا .. منذ صرت حبيبتي
يضيء مدادي .. والدّفاترتعشب
تغيّرت الأشياء منذ عشقتني
وأصبحت كالأطفال .. بالشمس ألعب
ولستُ نبياً مُرسلاً غير أنني
أصير نبياً .. عندما عنكِ أكتبُ ..
محفورة أنت على وجه يدي
كأسطر كوفيّة
على جدار مسجد
محفورة في خشب الكرسي.. ياحبيبتي
وفي ذراع المقعد
وكلما حاولت أن تبتعدي
دقيقة واحدة
أراك في جوف يدي
لا تحزني
إن هبط الرّواد في أرض القمر
فسوف تبقين بعيني دائماً
أحلى قمر
حين أكون عاشقاً
أشعر أنّي ملك الزمان
أمتلك الأرض وما عليها
وأدخل الشمس على حصاني
حين أكون عاشقاً
أجعل شاه الفرس من رعيّتي
وأخضع الصين لصولجاني
وأنقل البحار من مكانها
ولو أردتُ أوقف الثواني
حين أكون عاشقاً
أصبح ضوءاً سائلاً
لا تستطيع العين أن تراني
وتصبح الأشعار في دفاتري
حقول ميموزا وأقحوان
حين أكون عاشقاً
تنفجر المياه من أصابعي
وينبت العشب على لساني
حين أكون عاشقاً
أغدو زماناً خارج الزمان
إني أحبك عندما تبكينا
وأحب وجهك غائماً وحزينا
الحزن يصهرنا معاً ويذيبنا
من حيث لا أدري ولا تدرينا
تلك الدموع الهاميات أحبّها
وأحب خلف سقوطها تشرينا
بعض النساء وجوههن جميلة
وتصير أجمل .. عندما يبكينا
أخطأت يا صديقتي بفهمي
فما أعاني عقدة
ولا أنا أوديب في غرائزي وحلمي
لكن كل امرأة أحببتها
أردت أن تكون لي
حبيبتي وأمي
من كل قلبي أشتهي
لو تصبحين أمي
جميع ما قالوه عني صحيح
جميع ما قالوه عن سمعتي
في العشق والنساء قول صحيح
لكنّهم لم يعرفوا أنّني
أنزف في حبك مثل المسيح
يحدث أحياناً أن أبكي
مثل الأطفال بلا سبب
يحدث أن أسأم من عينيك الطيبتين
. . بلا سبب
يحدث أن أتعب من كلماتي
من أوراق من كتبي
يحدث أن أتعب من تعبي
عيناك مثل الليلة الماطرة
مراكبي غارقة فيها
كتابتي منسية فيها
إن المرايا ما لها ذاكره
كتبت فوق الريح
اسم التي أحبّها
كتبت فوق الماء
لم أدر أن الريح
لا تحسن الإصغاء
لم أدر أن الماء
لا يحفظ الأسماء
ما زلتِ يا مسافره
ما زلت بعد السنة العاشره
مزروعه
كالرّمح في الخاصره
كرمال هذا الوجه والعينين
قد زارنا الربيع هذا العام مرتين
وزارنا النبيُ مرتين
أهطل في عينيك كالسحابه
أحمل في حقائبي إليهما
كنزاً من الأحزان والكآبه
أحمل ألف جدول
وألف ألف غابه
وأحمل التّاريخ تحت معطفي
وأحرف الكتابه
أروع ما في حبنا أنه
ليس له عقل ولا منطق
أجمل ما في حبنا أنه
يمشي على الماء ولا يغرق
لا تقلقي يا حلوة الحلوات
ما دمت في شعري وفي كلماتي
قد تكبرين مع السنين .. وإنّما
لن تكبرين أبداً .. على صفحاتي
ليس يكفيك أن تكوني جميله
كان لابد من مرورك يوماً
بذراعيَّ
كي تصيري جميله
وكلما سافرت في عينيك يا حبيبتي
أحس أني راكب سجادة سحريه
فغيمة وردية ترفعني
وبعدها .. تأتي البنفسجيه
أدور في عينيك يا حبيبتي
أدور مثل الكرة الأرضيه
كم تشبهين السمكه
سريعة في الحب .. مثل السمكه
قتلتِ ألف امرأة .. في داخلي
وصرت أنت الملكه
.. إني رسول الحب
أحمل للنساء مفاجآتي
لو أنّني بالخمر .. لم أغسلهما
نهداك.. ما كانا على قيد الحياة
فإذا استدارت حلمتاك
فتلك أصغر معجزاتي
أجمل ما فيك هو الجنون
أجمل ما فيك، إذا سمحت
خروج نهديك على القانون
تعرّي فمنذ زمان طويل
على الأرض لم تسقط المعجزات
تعرّي .. تعرّي
أنا أخرس
وجسمك يعرف كل اللغات
كان نهداك .. في العصور الخوالي
ينشدان السلام مثل الحمامه
كيف ما بين ليلة وضحاها
صار نهداك .. مثل يوم القيامه؟
ضعي أظافرك الحمراء في عنقي
ولا تكوني معي شاة .. ولا حملا
وقاوميني بما أوتيت من حيل
إذا أتيتك كالبركان مشتعلا
أحلى الشفاه التي تعصي .. وأسوأها
تلك الشفاه التي دوماً تقول : بلى
كم تغيّرت بين عام وعام
كان همي أن تخلعي كل شيء
وتظلي كغابة من رخام
وأنا اليوم لا أريدك إلا
أن تكوني .. إشارة استفهام
وكلما انفصلتُ عن واحدة
أقول في سذاجة
سوف تكون المرأة الأخيره
والمرة الأخيره
وبعدها سقطت في الغرام ألف مرة
ومت ألف مرة
ولم أزل أقول
“تلك المرة الأخيره”
عبثا ما أكتب سيدتي
إحساسي أكبر من لغتي
وشعوري نحوك يتخطى
صوتي .. يتخطّى حنجرتي
عبثاً ما أكتب .. ما دامت
كلماتي .. أوسع من شفتي
أكرهها كل كتاباتي
مشكلتي أنكِ مشكلتي
لأن حبي لك فوق مستوى الكلام
قرّرت أن أسكت .. . . والسّلام.
قصيدة سبتمبر
الشعر يأتي دائماً
مع المطر.
ووجهك الجميل يأتي دائماً
مع المطر.
والحب لا يبدأ إلا عندما
تبدأ موسيقى المطر..
إذا أتى أيلول يا حبيبتي
أسأل عن عينيك كل غيمة
كأن حبي لك
مربوط بتوقيت المطر…
مشاهد الخريف تستفزّني.
شحوبك الجميل يستفزّني.
والشفة المشقوقة الزرقاء.. تستفزّني.
والحلق الفضي في الأذنين ..يستفزّني.
وكنزة الكشمير..
والمظلّة الصفراء والخضراء..تستفزّني.
جريدة الصباح..
مثل امرأة كثيرة الكلام تستفزّني.
رائحة القهوة فوق الورق اليابس..
تستفزّني..
فما الذي أفعله؟
بين اشتعال البرق في أصابعي..
وبين أقوال المسيح المنتظر؟
ينتابني في أول الخريف
إحساس غريب بالأمان والخطر..
أخاف أن تقتربي..
أخاف أن تبتعدي..
أخشى على حضارة الرخام من أظافري..
أخشى على منمنمات الصدف الشامي من مشاعري..
أخاف أن يجرفني موج القضاء والقدر..
هل شهر أيلول الذي يكتبني؟
أم أن من يكتبني هو المطر؟؟
أنت جنون شتوي نادر..
يا ليتني أعرف يا سيدتي
علاقة الجنون بالمطر!
سيدتي
التي تمرّ كالدهشة في أرض البشر..
حاملة في يدها قصيدة..
وفي اليد الأخرى قمر..
يا امرأة أحبها..
تفجّر الشّعر إذا داست على أي حجر..
يا امرأة تحمل في شحوبها
جميع أحزان الشجر..
ما أجمل المنفى إذا كنا معاً..
يا امرأة توجز تاريخي..
و تاريخ المطر!
قصيدة ربّما
ربّما..
أنا لم أعشقك حتى الآن .. لكن ربّما ..
تحدثُ المُعْجِزَةُ الكبرى.. وتَنْشَقُّ السَمَا..
عن فراديسَ عجيبَهْ..
وتصيرين الحبيبَهْ..
وتصيرُ الشمسُ يا سيِّدتي
خاتماً بين يَدَيّْ..
وأرى في حُلُمي وَجْهَ النبيّْ
وأرى الجنَّةَ من نافذتي والأنجُمَا..
رُبَّما..
ربّما..
أنا لم أعشقك حتى الآن .. لكن ربّما ..
يضربُ الطوفانُ شُطآنَ حياتي
ويجي البحر من كل الجهات..
رُبَّما يجتاحني الإعصارُ في يومِ غدٍ
رُبَّما بعدَ غدٍ..
رُبَّما في أشهُرٍ أو سَنَواتِ..
فاعذُريني إِن تَرَيَّثْتُ قليلاً..
فأنا أختارُ في شكلٍ دقيقٍ كَلِماتي..
مُعجَبٌ فيكِ أنا..
غير أنَّ الحبَّ ما بلَّلَ بالدَمْع سريري..
أو رَمَى أزهارَهُ في شُرُفاتي..
أنا لم أَعْشَقْكِ حتى الآنَ.. لكن..
سوفَ تأتي ساعةُ الحُبِّ التي لا رَيْبَ فيها..
وسيرمي البحر أسماكاً على نهديك لم تنظريها..
وسيُهديكِ كنوزاً، قَبْلُ، لم تكتشِفِيها..
سيجيء القمح في موعده ..
ويجيءُ الوردُ في موعدِهِ..
وستنسابُ الينابيعُ، وتَخْضَرُّ الحقُولْ
فاتركي الأشجار تنمو وحدها ..
واتركي الأنهارَ تجري وحدَها..
فمن الصعب على الإنسان تغييرُ الفُصُولْ..
رُبَّما كنتِ أرقَّ امرأةٍ..
وُجِدتْ في الكون، أو أحلى عروسْ..
ربّما كنتِ برأي الآخرينْ
قَمَرَ الأقمار، أو شَمْسَ الشموسْ
رُبَّما كنتِ جميلَهْ..
غيرَ أنَّ الحبَّ – مثلَ الشِعْر عندي-
لايلبّيني بيسر وسهولة ..
فاعذريني ان تردَّدتُ ببَوْحي..
وتجاهلتُكِ صدراً، وقواماً، وجمالا..
إنَّ حُبِّي لكِ ما زالَ احتمالا..
فاتركي الأمرَ إلى أنْ يأذَنَ اللهُ تَعَالى…
اشربي القهوةَ يا سَيِّدتي..
ربّما يأتي الهوى كالمسيح المُنْتَظَرْ..
ليس عندي الآنَ ما أعلنُهُ..
فلقد يأتي.. ولا يأتي الهوى
ولقد يُلْغي مواعيدَ السَفَرْ..
ربّما أكتُبُ شعراً جيّداً..
غير أني لم أُحاولْ أبداً من قَبْلُ إِسْقَاطَ المطَرْ
انّ للحُبِّ قوانينَ فلا..
تستبقي وقت الثمر ..
اشْرَبي القهوةَ يا سَيِّدتي..
وابْحَثي في صفحة الأَزْيَاءِ عن ثَوْبٍ جميلٍ..
أو سِوَارٍ مُبتَكَرْ..
وابْحَثي في صفحة الأبراج عن عُصْفُورةٍ خضراءَ..
تأتيكِ بمكتوبٍ جديدٍ.. أو خَبَرْ..
اشْرَبي القَهْوَةَ يا سيّدتي..
فالجميلاتُ قضاءٌ وقَدَرْ..
والعيونُ الخُضْرُ والسُودُ..
قضاءٌ وقَدَرٌ..
هل أنا أهواكِ؟. لا شيءَ أكيدْ..
هل أنا مضطرب الرؤية .. لاشيء أكيد ..
هل أنا مُنْشَطِرُ النَفْس إلى نَفْسَيْنِ.. لا شيءَ أكيدْْ
هل حياتي شَبَّتِ النارُ بها؟
هل ثيابي اشتعلَتْ؟ هل حروفي اشتعلتْ؟
هل دُمُوعي اشتعلتْ؟
هل أنا ضَوْءٌ سَمَاوِيٌّ.. وإنسانٌ جديدْ؟
لا تُسَمِّي ذلك الإعجابَ يا سيِّدتي حُبَّاً..
فان الحُبَّ لا يأتي إذا نحنُ أردناهُ..
ويأتي كغزالٍ شاردٍ حين يُريدْ…
اشربي القهوة ، يامائيّة الصوت ، وخضراء العيون ..
فعلى خارطة الأشواق لا أعرفُ في أيِّ مكانٍ سأكونُ..
ومتى يذبحني سيف الجنون؟
فلماذا تكثرينَ الأسئلة؟.
ولماذا أنت ، يا سيّدتي ، مُسْتَعْجِلَهْ.؟
أنا لا أنْكِرُ إعجابي بعينيكِ، فإعجابي بعينيكِ قديمْ..
لا ولا أَنكر تاريخي مع العطر الفَرَنْسيِّ الحميمْ
ومع النهد الذي كسَّرَ أبوابَ الحَريمْ.
غير أنّي لم أزلْ أفتقدُ الحبَّ العظيمْ..
آهِ ما أروعَ أن ينسحقَ الإنسانُ في حُبٍّ عظيمْ..
فامنحيني فُرْصةً أُخرى.. فقد
يكتبُ اللهُ عليَّ الحبَّ.. واللهُ كريمْ..
أنا لم أعشقك حتى الآن .. لكن من سيدري؟
ما الذي يحدثُ في يومٍ ولَيْلَهْ..
رُبَّما تنمو أزاهيرُ المانُولْيَا فوق ثغري
رُبّما تأوي ملايينُ الفراشات إلى غاباتِ صدري..
رُبَّما تمنحُني عيناكِ عُمْراً فوقَ عُمْري..
مَنْ سَيَدْرِي؟
ما الذي يحدُثُ للعالم لو أنّي عَشِقْتْ..
هل يجيء الخيرُ والرِزْقُ، ويزدادُ الرخاءْ؟
هل ستزدادُ قناديلُ السماءْ..
هل سيمضي زَمَنُ القُبْح.. ويأتي الشُعَرَاءْ
ثم هل يبدأُ تاريخٌ جديدٌ للنِسَاءْ.؟
مَنْ سَيَدري…؟
اشْرَبي قهوتَكِ الآنَ .. ولا تَسْتَعْجليني..
فأنا أجهل أوقات العصافير ، كما أجهل وقت الياسمين..
فاعذُريني..
فأنا أجهلُ في أيِّ نهارٍ سوف أعْشَقْ..
ومتى يضربني البَرْقُ، وفي أي بحارٍ سوف أغرقْ
وعلى أي شِفَاهٍ سوف أرسُو..
وعلى أي صليبٍ سَأُعلَّقْ..
آهِ.. لو أعرفُ ما يحدثُ في داخل قلبي..
إنَّ أمرَ الحبّ يا سيدتي من علم ربيّ
فاتركي الأمرَ لتقدير السَمَا..
رُبَّما ندخُلُ في مملكة العِشْقِ قريباً..
رُبَّما..
قصيدة أحبّك أحبّك، وهذا توقيعي
هل عندكِ شَكٌّ أنَّكِ أحلى امرأةٍ في الدُنيا؟.
وأَهَمَّ امرأةٍ في الدُنيا؟.
هل عندكِ شكّ أنّي حين عثرتُ عليكِ . .
ملكتُ مفاتيحَ الدُنيا؟.
هل عندكِ شكّ أنّي حين لَمَستُ يَدَيْكِ
تغيَّر تكوينُ الدنيا؟
هل عندكِ شكّ أن دخولَكِ في قلبي
هو أعظمُ يومٍ في التاريخ . .
وأجمل خَبَرٍ في الدُنيا؟
هل عندكِ شكٌّ في مَنْ أنتْ؟
يا مَنْ تحتلُّ بعَيْنَيْها أجزاءَ الوقتْ
يا امرأةً تكسُر ، حين تمرُّ ، جدارَ الصوتْ
لا أدري ماذا يحدثُ لي؟
فكأنَّكِ أُنثايَ الأُولى
وكأنّي قَبْلَكِ ما أحْبَبْتْ
وكأنّي ما مارستُ الحُبَّ . . ولا قبَّلتُ ولا قُبِّلتْ
ميلادي أنتِ .. وقَبْلَكِ لا أتذكّرُ أنّي كُنتْ
وغطائي أنتِ .. وقَبْلَ حنانكِ لا أتذكّرُ أنّي عِشْتْ . .
وكأنّي أيّتها الملِكَهْ . .
من بطنكِ كالعُصْفُور خَرَجتْ . .
هل عندكِ شكٌّ أنّكِ جزءٌ من ذاتي
وبأنّي من عَيْنَيْكِ سرقتُ النارَ. .
وقمتُ بأخطر ثَوْرَاتي
أيّتها الوردةُ .. والياقُوتَةُ .. والرَيْحَانةُ ..
والسلطانةُ ..
والشَعْبِيَّةُ ..
والشَرْعيَّةُ بين جميع الملِكَاتِ . .
يا سَمَكَاً يَسْبَحُ في ماءِ حياتي
يا قَمَراً يطلع كلَّ مساءٍ من نافذة الكلِمَاتِ . .
يا أعظمَ فَتْحٍ بين جميع فُتُوحاتي
يا آخرَ وطنٍ أُولَدُ فيهِ . .
وأُدْفَنُ فيه ..
وأنْشُرُ فيه كِتَابَاتي . .
يا امْرأَةَ الدَهْشةِ .. يا امرأتي
لا أدري كيف رماني الموجُ على قَدَميْكْ
لا ادري كيف مَشَيْتِ إليَّ . .
وكيف مَشَيْتُ إليكْ . .
يا مَنْ تتزاحمُ كلُّ طُيُور البحرِ . .
لكي تَسْتوطنَ في نَهْدَيْكْ . .
كم كان كبيراً حظّي حين عثرتُ عليكْ . .
يا امرأةً تدخُلُ في تركيب الشِعرْ . .
دافئةٌ أنتِ كرمل البحرْ . .
رائعةٌ أنتِ كليلة قَدْرْ . .
من يوم طرقتِ البابَ عليَّ .. ابتدأ العُمرْ . .
كم صار جميلاً شِعْري . .
حين تثقّفَ بين يديكْ ..
كم صرتُ غنيّاً .. وقويّاً . .
لمّا أهداكِ اللهُ إليَّ . .
هل عندكِ شكّ أنّكِ قَبَسٌ من عَيْنَيّْ
ويداكِ هما استمرارٌ ضوئيٌّ ليَدَيّْ . .
هل عندكِ شكٌّ . .
أنَّ كلامَكِ يخرجُ من شَفَتيّْ؟
هل عندكِ شكٌّ . .
أنّي فيكِ . . وأنَّكِ فيَّ؟
يا ناراً تجتاحُ كياني
يا ثَمَراً يملأ أغصاني
يا جَسَداً يقطعُ مثلَ السيفِ ،
ويضربُ مثلَ البركانِ
يا نهداً .. يعبقُ مثلَ حقول التَبْغِ
ويركُضُ نحوي كحصانِ . .
قولي لي:
كيف سأُنقذُ نفسي من أمواج الطُوفَانِ ..
قُولي لي:
ماذا أفعلُ فيكِ ؟ أنا في حالة إدْمَانِ . .
قولي لي ما الحلُّ ؟ فأشواقي
وصلَتْ لحدود الهَذَيَانِ .. .
يا ذاتَ الأَنْف الإغْريقيِّ ..
وذاتَ الشَعْر الإسْبَاني
يا امْرأَةً لا تتكرَّرُ في آلاف الأزمانِ ..
يا امرأةً ترقصُ حافيةَ القَدَمَيْنِ بمدْخَلِ شِرْياني
من أينَ أتَيْتِ؟ وكيفَ أتَيْتِ؟
وكيف عَصَفْتِ بوجداني؟
يا إحدى نِعَمِ الله عليَّ ..
وغَيْمَةَ حُبٍّ وحَنَانٍ . .
يا أغلى لؤلؤةٍ بيدي . .
آهٍ .. كم ربّي أعطاني.