تعريف فن الخطابة
الخطابة
سوف نتطرق في هذا المقال لموضوع الخطابة وخصائصها وأنواعها وكل ما يخصها لكن في البداية لنتكلم بشكل عام عنها، الخطابة فن قديم استخدمها العرب في أيام الجاهلية، وهذه الطريقة هي الأكثر اقناعاً وتأثيراً وانتشاراً، واستخدمت الخطاية كوسيلة للإرشاد والنصح في أمور الحياة والدين والمبادئ والقيم والمذاهب حيث تؤدي إلى إثارة حماس الناس لفكرة، أو الاستعداد لحرب، أو السلم وحقن الدماء.
إلّا أنّ الخطابة بعد الإسلام أصبحت أكثر بلاغة وحكمة بما كان يتوخاه الخطباء الاستعانة بأسلوب القرآن واقتباس الأحاديث النبوية والآيات القرآنية، فأوجب الإسلام عليهم خطباً في المناسبات الإسلامية كصلاة الاستسقاء وصلاة العيدين والجمع الأسبوعية، من أهم الأماكن الناسبة للخطابة هي المسجد، حيث يلتقي فيه المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة، ولا يوجد مجلس أفضل وأصلح منه للخطابة، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: وكان صلّى الله عليه وسلّم لا يخطب خطبة إلّا افتتحها بحمد الله، وكان يخطب قائماً، وكان يختم خطبته بالاستغفار).
تعريف فن الخطابة
الخطابة هي القابلية على صياغة الكلام بأسلوب يمكِّن الخطيب من التأثير على نفس المخاطب، وقد عرفها أرسطو بأنّها (قوة تتكلف الإقناع الممكن) وقال ابن رشد الخطابة هي: (قوة تتكلف الإقناع الممكن في كل واحد من الأشياء المفردة)، وقد عرفت أيضاً بأنّها (فن مشافهة الحضور للتأثير عليهم واستمالتهم).
هناك تعريف آخر للخطابة وهو أنها نوع من الفنون النثرية فائدتها التأثير والإقناع بحضور الجمهور المتلقي، وهناك ثلاثة أمور يجب الاهتمام بها في الخطابة وهي:
- مواصفات المؤدي (الخطيب): أن يمتلك الخطيب عمق وإدراك وفهم للحياة ومدى سبره لغورها وفهمه لأحوالها، والمواصفات الشكلية من حيث حسن النبرة وجهارة الصوت، وأن يكون حسن المظهر
- مواصفات الأداء (الإلقاء): الاهتمام بالأداء والإلقاء المحكم والتقليل من الأمور المنفرة مثل السعال والتنحنح والتأتأة والتردد والتكرار الممل والحركات العشوائية وصياغة الكلام بأسلوب جامع لقواعد اللغة من نحو وبلاغة وشامل لأصول المعالجة المنطقية والعلمية للأمور.
- مواصفات النص الملقى: يجب أن يكون النص سهل اللغة وعدم استخدام الكلمات العامية، وأن لا يكون النص طويل ولا قصير “خير الأمور أوسطها”.
الخطابة اليونانية
يعود الفضل الأول في إرساء الخطابة واستنباط فنونها إلى اليونانيين قبل الميلاد ويعود اهتمام اليونانيين بالخطابة لارتباطها بطبيعة الحياة اليونانية التي غلبت عليها المجادلات الفلسفية والسياسية وشيوع حالة الحرية الفردية والتعبير عن الرأي، وقد كان لظهور مجموعة من المتكلمين الذين عُرفوا بالسفسطائيين لتميزهم بالقدرة على الخطابة المؤثرة والإلقاء المحكم الدور الكبير في تطور الخطابة اليونانية مما جعل الخطابة مهنة يسعى إليها من يريد البلوغ إلى المراتب العليا من طبقات المجتمع، ويُعد مؤلَّف الخطابة لأرسطو أول مؤلَّف جامع ومنظِّر لعلم الخطابة، وقد بلغت الخطابة ذروتها في العهد الروماني حيث برز خطباء مشهورون مثل: شيشرون وافتتحت العديد من المدارس الخاصة بتعليم الخطابة
الخطابة في العصر الجاهلي
أمّا الخطابة في العصر الجاهلي كان لها حظ وافر عند العرب لتمتع اللغة العربية بالفصاحة والبيان التي مثلت الجانب الأهم فيما ورد من خطب ذلك العصر، ومن خطباء ذلك العصر:
- قس بن ساعدة الإيادي.
- خارجة بن سنان خطيب داحس والغبراء.
- خويلد بن عمرو الغطفاني خطيب يوم الفجار.
- أكثم بن صيفي.
بطلوع فجر الإسلام على الجزيرة العربية نشطت الخطابة واشتدت الحاجة إليها لاحتياج الدين الجديد للتبليغ في نشر وإقناع الناس في دعمه ، كما كان للخطابة الأثر البالغ في جميع مراحل تطور الدعوة من استنفار الهمم للجهاد والدفاع عن الدين ضد الكائدين والمتربصين به وتبليغ أحكامه وتعاليمه للمسلمين، وأصبحت للخطابة في ظل الإسلام مواسم وأوقات كخطبتي العيدين وخطبة الجمعة
الخطابة في العصر العباسي
بلغت الخطابة أعلى ما يمكن أن يصل إليه علم من اهتمام ورعاية وإنتاج في العصر العباسي، حيث لم يكتفِ بما توفر من تجارب عند العرب بل ترجموا ما كان عند غيرهم من آداب الخطابة وفنونها إلى العربية، ومن الكتب المهمة التي ترجمت في هذا العصر كتاب الخطابة لأرسطو الذي ترجمه إسحاق بن حنين وعلق عليه الفارابي، وكان لظهور الفرق الكلامية خصوصاً المعتزلة أكبر الأثر في ازدياد رونق الخطابة
الخطابة في العصر الحديث
بالرغم من تطور وسائل الاتصال الجماهيري وتنوع أشكالها في العصر الحديث لم تفقد الخطابة رونقها بل ازدادت أهميةً لقدرة وسائل الاتصال الجديدة من أجهزة التلفاز والمذياع المرتبطة بالأقمار الصناعية من تعميم الخطاب على عدد هائل من سكان المعمورة، والخطابة اليوم خصوصاً الخطابة السياسية والدينية تُعد من أكثر أنواع الخطابة تأثيراً في الجماهير.
أنواع الخطابة
- الخطبة الوعظية (الدينية).
- الخطبة الاحتفالية.
- الخطبة السياسية.
- الخطبة القضائية.
- الخطبة الاجتماعية.
- الخطبة الحربية.
أجزاء الخطبة
- المقدمة.
- العرض (السرد).
- المناقشات.
- الملاحظات الثانوية.
- الخاتمة (الخلاصة).
خلاصة
تعرف الخطابة بأنها القابلية على صياغة الكلام بحيث يكون الصياغ للكلام بأسلوب قد يؤدّي إلى أنّ الخطيب يؤثر على المخاطب ، كما أنّ الفيلسوف أرسطو عرف الخطابة بأنها قوة الشخص والتي يمكن أن تتكلف الإقناع الممكن، كما أنّ للخطابة تعاريف اخرى متنوعة وتختلف من شخص لشخص ومن مفسر لمفسر كما أن البعض عرفها بأنها احدى انواع الفنون النثرية والتي قد تحصى فائدتها في مجال التأثير والإقناع على الحضور أي الجمهور المتلقي للكلام، كما أنّه يجب أن يكون الخطيب مميزاً بصفاته كي يؤثر على الجماهير، ومنها الالقاء كما أن اختيار النصوص الصحيحية وتوالي السير تدريجياً يعد من الصفات الإيجابية والدليل على قوة الخطيب.
الخطابة موهبه عظيمة ونعمة كبيرة، وسبقنا المجتمع الغربي إلى وضع نظم وقواعد وأصول هذا الفن لكن العرب القدماء سبقوا جميع الأمم في حسن الخطابة وإتقان وروعة الأداء، حيث يقولون عن الخطابة: أن تقول فلا تبطئ، وأن تصيب فلا تخطئ.