تشنج عضلات الرقبة
الرقبة
تُعدّ الرَّقبة عضواً أساسيّاً وحسّاساً في تكوين الجهاز العظمي في الجسم؛ فهي تقوم بالعديد من الوظائف المهمّة، منها مُساندة الرأس الذي يبلغ وزنه ما يقارِب (5) كيلوغرامات، كما أنّ عضلات الرًّقبة تساعد على إتمام عملية بلع الطعام، والتكلّم، وتُعطي الرَّقبة مرونةً عالية، مما يُمكّن الإنسان من تحريك الرَّأس بعدة اتجاهات، إضافةً إلى ذلك تحمي الرَّقبة الأعصاب، والحبل الشَّوكيّ؛ فهي تُعدّ منفذاً للأعصاب من الدِّماغ إلى الجسم، وبالتَّالي، فأِنَّ أيّ إصابة تتعرَّض لها الرَّقبة قد تؤثِّر سلباً على كامل الجسم.[١]
لأنَّ الرَّقبة تؤدّي كل هذه المهام، فإنَّ الجهد والضغط الذي تتعرَّض لهما بشكل يوميّ يجعل من آلام الرَّقبة من المشاكل الصِحيّة الشائِعة، والتي تُواجه العديد من الأشخاص بمُختلف الأعمار، وفي معظم الحالات تنتج آلام الرَّقبة عن الجلوس، أو الوقوف بطريقةٍ غير صحيّة، أو نتيجة تعريض الرَّقبة لجهدٍ كبير لفتراتٍ طويلة.[٢]
أسباب تشنُّج عضلات الرقبة
من أسباب تشنُّج عضلات الرقبة الآتي:
- النوم بوضعيَّةٍ غير مُريحة: قد يُؤدّي النوم بوضعيّةٍ غير مريحة إلى الشعور بالتشنّج، أو ألم في الرَّقبة عند الاستيقاظ، ويُعدّ النوم على الظهر أو النوم على الجنب من أفضل وضعيات النوم للرَّقبة، كما أنَّ طبيعة النوم وعدد ساعات النوم التي يَحصل عليها الشخص قد تُؤثّر على الرَّقبة؛ حيث تُشير نتائج بعض الدراسات الحديثة إلى أنَّ الأشخاص الذين يعانون مناضطرابات النوم يكونون أكثر عرضةً للإصابة بآلام الرَّقبة المُزمنة من الأشخاص الذين يحصلون على ساعات كافية من النوم.[٣]
- الوقوف أو الجلوس بطريقة غير صحيحة: عند الوقوفِ أو الجلوس بطريقةٍ غير صحيحة تضطرّ عضلات الرَّقبة لبذل جهد أكبر، وهذا قد يؤدّي لحدوث آلامٍ في الرَّقبة، ومن أكثر الوضعيات تسبّباً بالألم لعضلات الرَّقبة هي أن يكون الرأس مائلاً إلى الأمام بحيث تصبح الكتفان خلف الرأس، خاصّةً اذا استمرّت هذه الوضعية لفترةٍ طويلة، وقد يمتدّ الألم في هذه الحالة إلى الكتفين، وأعلى الظهر.[٤]
- حدوث تمزّق في عضلات الرَّقبة: قد تتعرّض عَضلات الرقبة للتمزّق نتيجة السقوط، أو تعرّض الرَّقبة لضغط مفاجئ خلال مُمارسة الأنشطة اليوميّة، وتظهر الأعراض عادةً خلال (24) ساعة من الإصابة، بحيث يشعر المُصاب بألمٍ وتصلُّب في منطقة الرَّقبة، يزداد عند تحريكها، وقد يَشعر أيضاً بألمٍ يتركّز في مؤخرة الرأس.[٥]
- الإصابة ببعض الأمراض التي تُسبب تشنُّج الرقبة، مثل:
- التهاب المفاصل الروماتيدي أو الروماتيزم (بالإنجليزية: Rheumatoid arthritis): ينتج الالتهاب الروماتويدي عندما تقوم خلايا جهاز المناعة نتيجةً لخللٍ ما بمهاجمة الخلايا الطبيعيّة المُكوّنة للمفاصل في الجسم، وعندما تُصاب العظام والمَفاصل بالالتهاب الروماتويدي فإنّها قد تضغط على الأعصاب أو الحبل الشَّوكيّ، ويؤدّي ذلك إلى ألمٍ في الرقبة، يُرافقه ضعف في اليدين، أو القدمين، بالإضافة إلى الشُّعور بالخدران أو التنميل.[٢][٦]
- التهاب السَّحايا (بالإنجليزية: Meningitis): من المُمكن أن يُشير ألم الرّقبة المصحوب بارتفاع حرارة الجسم وألم الرأس إلى أحد أنواع الالتهاب الحاد، ألا وهو التهاب السحايا، وهو التهابٌ ناتجٌ عن عدوى بكتيريّة أو فيروسيّة، ومن أهمّ أعراضه تصلٌّب الرَّقبة بالإضافة إلىالشُّعور بالغثيان مع ارتفاع درجة حرارة الجسم، وقد يَحدث ارتباكٌ ذهنيّ عند المصاب، لذلك عندما يكون ألم الرَّقبة مُصاحباً لأحد هذه الأعراض يجب مراجعة الطبيب مباشرةً، خاصةً عند حصولها للأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 20 سنة؛ حيث إنّها الفئة العمريّة الأكثر تعرّضاً للإصابة بهذا المرض.[٧][٨]
- الانزلاق الغضروفي أو الديسك (بالإنجليزية:Cervical Disc Herniation): يُسبّب الانزلاق الغضروفيّ في الفقرات العنقيّة آلاماً حادةً في الرّقبة، يُصاحبها في معظم الحالات شعور بالخدران، والضعف في الرّقبة والكتفين، وقد يمتدّ إلى الصَّدر، والذراعين، واليدين. يُصيب هذا المرض غالباً الأشخاص الذين تكون أعمارهم ما بين (35-50) سنة، ويتمُّ علاجه اعتماداً على شدّة الحالة، وطبيعة الأعراض المُرافقة، وفي مُعظم الأحيان قد يصفُ الطبيب بعض المُسكّنات، والتمارين الرياضيّة، أو قد يَنصح باللجوء للعلاج الطبيعي، إلا أنَّ هناك بعض الحالات التي تَستدعي التدخّل الجراحي. [٢][٩]
علاج تشنُّجات الرقبة
في مُعظم الحالات يتلاشى ألم الرَّقبة خلال عدّة أيام ولا يكون الأمر مقلقاً، ومن المُمكن التخفيف من آلام الرّقبة باتّباع بعض الطرق التي يُمكن إجراؤها في المنزل، ومنها:
- تحسين وضعية النّوم: يكون ذلك عن طريق اختيار فراش مريح يُبقي العمود الفقريّ في وضعيّةٍ صحيّة، ويتوافق مع الانحناءات الطبيعيّة للعمود الفقريّ، وأن يكون الفراش متوسّط الصّلابة، مع استخدام وسادة أقل صلابة من الفراش، وينصح بتغيير الوسادة كل (12-18) شهر لأنها تتعرّض للتلف خلال هذه الفترة ممّا قد يزيد من احتمال الإصابة بآلام في الرّقبة عند النوم. [١٠][١١]
- العلاج بالحرارة والثلج: على الرّغم من عَدم وجود أدلّةٍ تؤكّد فعاليّة علاج ألم الرقبة بالحرارة أو الثلج، إلا أنّه قد يجد البعض أنَّ استخدام الكمّادات الحارة أو الباردة يُقلّل التشنُّجات، ويَحدّ من الشعور بالألم. يُمكن تَعريض مَنطقة الألم للحرارة بعدّة طرق، مثل: استِخدام كمّادات متوسّطة السّخونة لمدة (15-20) دقيقة كل (2-3) ساعات، أو الاستِحمام بالماء الدافئ، ويُفضّل استخدام البرودة في حال وجود تورّم في عضلات الرقبة، نتيجة إصابةٍ ما؛ حيث يُمكن وضعُ الثّلج بطريقةٍ غير مباشرة أو استخدام كمّاداتٍ باردةٍ لمدّة (10-15) دقيقة يوميّاً كل (2-3) ساعات، ويُمكن التبادل بين الحرارة والبرودة؛ حيثُ يُمكن استخدام الكمّادات الباردة في أوّل (48-72) ساعة ثم استخدام الحرارة، وذلك يعود إلى المُصاب نفسه، فقد يشعر بعض المرضى بالتحسُّن باستخدام الحرارة، بينما يجد آخرون أنَّ استخدام الكمّادات الباردة أفضل لهم.[١٢][١٣]
- التمارين الرياضيّة البسيطة: إنّ مُمارسة بعض التمارين الرياضية قد تُساعد على تَخفيف التشّنج في الرَّقبة؛ حيث إنّ تمديد الرَّقبة وتحريكها ببطء بعدّة اتجاهات على قدر المستطاع مع تجنّب زيادة الضغط على منطقة الرّقبة يؤدّي الى زيادة القدرة على تحريك الرّقبة وإعادة الليونة لها، كما يُفضّل أيضاً القيام بتدليك بسيط للعنق باستخدام الإبهام والسَّبابة، ومن التمارين التي يُنصح بها:[١٤]
- تحريك الكتفين بحركةٍ دائريّة للخلف والأسفل عشر مرّات.
- الضغط على الكتفين معاً للدّاخل باتجاه الرّقبة عشر مرّات.
- مدّ الرَّأس بحيث تكون الأُذن مُحاذيةً للكتف عشر مرّاتٍ للجهة اليمنى، وعشر مرّاتٍ للجهَة لليسرى.
الوقاية من تشنُّج عضلات الرقبة
للوقاية من تشنُّج عضلات الرقبة يُنصح باتباع الآتي:[١٥]
- الجلوس بطريقةٍ صحيّة، خاصّةً أثناء العمل لساعات طويلة لتجنُّب تعريض مَنطقة الرقبة للضغط.
- تعديل وضع الحاسوب أثناء العمل؛ بحيث تكون شاشة الحاسوب بنفس مستوى النظر لتجنّب انحناء الرأس وإجهاد الرَّقبة، وعدم الإفراط في استخدام الهاتف الخلوي لإرسال الرسائل النصيّة؛ لأنّ ذلك يَستدعي النظر للأسفل ممّا يَزيد من الضغط على عضلات الرقبة، وقد يؤدّي إلى مضاعفاتٍ سيئة.
- شُرب كميّاتٍ كافية من الماء؛ حيث إنَّ إبقاء الجسم رطباً يُحافظ على صحة العمود الفقري، ويَزيد من ليونة الأقراص بين الفقرات.
- تجنُّب حمل الأوزان الثقيلة إن أمكن، والحرص على تَوزيع الثقل على الكتفين بالتساوي؛ بحيث تكون الكتفان على استقامةٍ واحدة، ولذلك يُنصح باستخدامِ الحقائب التي تُحمل على الظهر، وتجنّب الحقائب التي تُعلّق على أحد الكتفين.