ع العنان امام الدعاه الشيخ محمد متولي الشعراوي
علم بارز من أعلام الدعوة الإسلامية، وإمام فرض نفسه، وحفر لها في ذاكرة التاريخ مكاناً بارزاً كواحد من كبار المفسرين، وكصاحب أول تفسير شفوي كامل للقرآن الكريم، وأول من قدم علم الرازي والطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم سهلاً ميسوراً تتسابق إلى سماعه العوام قبل العلماء، والعلماء قبل العوام.
يُعد أعظم من فسر القرآن الكريم في العصر الحديث، واتفق الكثيرين على كونه إمام هذا العصر حيث لُقب بإمام الدعاة لقدرته على تفسير أي مسألة دينية بمنتهى السهولة والبساطة، علاوة على مجهوداته في مجال الدعوة الإسلامية، وقد كان تركيزه على النقاط الإيمانية في تفسيره ما جعله يقترب من قلوب الناس، وبخاصة وأن أسلوبه يناسب جميع المستويات والثقافات.. فكان أشهر من فسر القرآن في عصرنا.
ولد محمد متولي الشعراوي في 5 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وهو من أسرة يمتد نسبها إلى الإمام علي زين العابدين بن الحسين.[بحاجة لمصدر] وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922 م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون. كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة[بحاجة لمصدر]، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.
التدريج الوظيفي
تخرج عام 1940 م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى.
اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع. وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى أثر ذلك منع الرئيس عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية، وعين في القاهرة مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد سجد الشعراوى شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر -و برر ذلك “في حرف التاء” في برنامج من الألف إلى الياء بقوله “بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم” وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديراً لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلاً للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى السعودية، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
اعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وفي سنة 1987م اختير عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين).
تفاصيل اكثر عنه
بدأ حياته العملية مدرساً بمعهد (طنطا) الأزهري، ثم انتقل إلى التدريس بمعهد (الإسكندرية) الأزهري، ثم معهد (الزقازيق) وبعدها سافر إلى المملكة العربية السعودية سنة 1951م، وعمل بكلية الشريعة بمكة المكرمة مدرِّساً للتفسير والحديث، ثم عاد إلى مصر وعمل وكيلاً بمعهد «طنطا» الثانوي سنة 1960م، ثم تولى منصب مدير الدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف المصرية سنة 1961م، ثم مفتشاً للعلوم العربية، سنة 1962م، وقد اختاره شيخ الأزهر حسن مأمون مديراً لمكتبه سنة 1964م.
ثم تولى رئاسة البعثة الأزهرية بالجزائر سنة 1966م، عقب حصولها على الاستقلال، وهناك ساعد الحكومة الجزائرية في التخلص من آثار الاستعمار الفرنسي، بإشرافه على وضع مناهج دراسية جديدة باللغة العربية، وفي سنة 1970م عين أستاذاً زائراً بكلية الشريعة بجامعة الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة ثم رئيساً للدراسات العليا فيها.
برز الشيخ الشعراوي كداعية إسلامي سنة 1973م، عندما قدَّمه الإذاعي أحمد فراج في برنامجه الإذاعي (نور على نور) الذي استمر عشر سنوات، كان الضيف الدائم فيه هو الشيخ الشعراوي مفسراً للقرآن الكريم.
وقد اختير وزيراً للأوقاف سنة 1976م، ثم اعيد اختياره سنة 1977م، وفي يوم 15/10/1978م، قدم استقالته من الوزارة.
وقد حصل على وسام الجمهورية سنة 1976م، ثم سافر إلى لندن سنة 1977م لحضور مؤتمر الاقتصاد الدولي بالمركز الإسلامي الأوروبي، وفي سنة 1980م عين عضواً في مجمع البحوث الإسلامية ، وفي سنة 1983م منح وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر الشريف، وقد سافر إلى نيويورك وحاضر بمقر الجمعية العامة للأمم المتحدة وألقى خطبة الجمعة بالمسجد الملحق بمبنى الأمم المتحدة، كما أجرى مقابلات إذاعية وتلفازية مع شبكات التلفاز الأمريكية، عن وجود الله تعالى والأدلة القائمة على ذلك، وبعدها سافر إلى كندا وألقى محاضرة ناقش فيها مزاعم المستشرقين وافتراءاتهم ضد الإسلام، وفندها وأبطل مقولاتهم ودعاواهم، كما زار المركز الإسلامي في «لوس أنجلوس» بالولايات المتحدة الأمريكية، وألقى محاضرة عن قضايا المسلمين والمجتمعات الإسلامية، وبعدها في سنة 1984م قام بجولة في أوروبا، واستمرت نحو أربعة أسابيع، شملت فرنسا وسويسرا وألمانيا وبريطانيا والنمسا وغيرها، وألقى سلسلة من المحاضرات وأجاب على استفتاءات أبناء المسلمين، ووضع حجر الأساس للمركز الإسلامي في روما والمسجد الكبير في حي (باري لولي) بحضور رئيس جمهورية إيطاليا وعمدة روما ومندوب عن الفاتيكان، وفي سنة 1985م شارك في أعمال مؤتمر السنة النبوية الثاني في (لوس أنجلوس) بالولايات المتحدة الأمريكية، وفي ديسمبر 1986م، اختير رئيساً لمؤتمر السنَّة النبوية المنعقد بلوس أنجلوس وألقى محاضرات عدة في أماكن شتى بالمراكز الإسلامية، ثم سافر إلى النمسا بمناسبة إنشاء مصرف إسلامي في العاصمة النمساوية (فيينا) وتكلم عن الفكر الاقتصادي الإسلامي، وفي سنة 1987م اختير عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة،وبعد أن ترك بصمة طيبة على جبين الحياة الاقتصادية في مصر، فهو أول من أصدر قرارًا وزاريًا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو (بنك فيصل) حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وقال في ذلك: إنني راعيت وجه الله فيه ولم أجعل في بالي أحدًا لأنني علمت بحكم تجاربي في الحياة أن أي موضوع يفشل فيه الإنسان أو تفشل فيه الجماعة هو الموضوع الذي يدخل هوى الشخص أو أهواء الجماعات فيه. أما إذا كانوا جميعًا صادرين عن هوى الحق وعن مراده، فلا يمكن أبدًا أن يهزموا، وحين تدخل أهواء الناس أو الأشخاص، على غير مراد الله، تتخلى يد الله.
وفي سنة 1987م اختير فضيلته عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين). وقرَّظه زملاؤه بما يليق به من كلمات، وجاء انضمامه بعد حصوله على أغلبية الأصوات (40عضوًا). وقال يومها: ما أسعدني بهذا اللقاء، الذي فرحت به فرحًا على حلقات: فرحت به ترشيحًا لي، وفرحت به ترجيحًا لي، وفرحت به استقبالاً لي، لأنه تكريم نشأ عن إلحاق لا عن لحوق، والإلحاق استدعاء، أدعو الله بدعاء نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أستعيذك من كل عمل أردت به وجهك مخالطاً فيه غيرك. فحين رشحت من هذا المجمع آمنت بعد ذلك أننا في خير دائم، وأننا لن نخلو من الخير ما دام فينا كتاب الله، سألني البعض: هل قبلت الانضمام إلى مجمع الخالدين، وهل كتب الخلود لأحد؟ وكان ردي: إن الخلود نسبي، وهذا المجمع مكلف بالعربية، واللغة العربية للقرآن، فالمجمع للقرآن، وسيخلد المجمع بخلود القرآن
أسره الشعراوي
تزوج الشيخ الشعراوي وهو في الابتدائية بناء على رغبة والده الذي اختار له زوجته، ووافق الشيخ على اختياره، وكان اختيارًا طيبًا لم يتعبه في حياته، وأنجب الشعراوي ثلاثة أولاد وبنتين، الأولاد: سامي وعبد الرحيم وأحمد، والبنتان فاطمة وصالحة. وكان الشيخ يرى أن أول عوامل نجاح الزواج هو الاختيار والقبول من الطرفين. وعن تربية أولاده يقول: أهم شيء في التربية هو القدوة، فإن وجدت القدوة الصالحة سيأخذها الطفل تقليدًا، وأي حركة عن سلوك سيئ يمكن أن تهدم الكثير.
فالطفل يجب أن يرى جيدًا، وهناك فرق بين أن يتعلم الطفل وأن تربي فيه مقومات الحياة، فالطفل إذا ما تحركت ملكاته وتهيأت للاستقبال والوعي بما حوله، أي إذا ما تهيأت أذنه للسمع، وعيناه للرؤية، وأنفه للشم، وأنامله للمس، فيجب أن نراعي كل ملكاته بسلوكنا المؤدب معه وأمامه، فنصون أذنه عن كل لفظ قبيح، ونصون عينه عن كل مشهد قبيح.
وإذا أردنا أن نربي أولادنا تربية إسلامية، فإن علينا أن نطبق تعاليم الإسلام في أداء الواجبات، وإتقان العمل، وأن نذهب للصلاة في مواقيتها، وحين نبدأ الأكل نبدأ باسم الله، وحين ننتهي منه نقول: الحمد لله.. فإذا رآنا الطفل ونحن نفعل ذلك فسوف يفعله هو الآخر حتى وإن لم نتحدث إليه في هذه الأمور، فالفعل أهم من الكلام.
الجوائز التي حصل عليها
منح الإمام الشعراوي وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لمناسبة بلوغه سن التقاعد في 15/4/1976 م قبل تعيينه وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر
منح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى عام 1983م وعام 1988م، ووسام في يوم الدعاة
حصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية
اختارته رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عضوًا بالهيئة التأسيسية لمؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية، الذي تنظمه الرابطة، وعهدت إليه بترشيح من يراهم من المحكمين في مختلف التخصصات الشرعية والعلمية، لتقويم الأبحاث الواردة إلى المؤتمر.
جعلته محافظة الدقهلية شخصية المهرجان الثقافي لعام 1989م والذي تعقده كل عام لتكريم أحد أبنائها البارزين، وأعلنت المحافظة عن مسابقة لنيل جوائز تقديرية وتشجيعية، عن حياته وأعماله ودوره في الدعوة الإسلامية محلياً، ودولياً، ورصدت لها جوائز مالية ضخمة.
مؤلفات الشعراوي
للشيخ الشعراوي عدد من المؤلفات، قام عدد من محبيه بجمعها وإعدادها للنشر، وأشهر هذه المؤلفات وأعظمها تفسير الشعراوي للقرآن الكريم، ومن هذه المؤلفات:
الإسراء والمعراج – محمد متولي الشعراوي
الإسلام والفكر المعاصر
الإسلام والمرأة، عقيدة ومنهج
الإنسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم
الأدلة المادية على وجود الله – محمد متولي الشعراوي
الآيات الكونية ودلالتها على وجود الله تعالى
البعث والميزان والجزاء
التوبة –
الجنة وعد الصدق
الجهاد في الإسلام
الحج الأكبر – حكم أسرار عبادات
الحج المبرور
الحسد
الحصن الحصين
الحياة والموت
السحر
السحر والحسد
السيرة النبوية
الشعراوي بين السياسة والدين
الشورى والتشريع في الإسلام
الشيخ الشعراوي وفتاوى العصر
الشيخ الشعراوي وقضايا إسلامية حائرة تبحث عن حلول
الشيخ الشعراوي ويسألونك عن الدنيا والآخرة –
الصلاة وأركان الإسلام
الطريق إلى الله –
الظلم والظالمون
الغارة على الحجاب
الفتاوى
القضاء والقدر
الله والنفس البشرية
المرأة في القران الكريم
المرأة كما أرادها الله
المعجزة الكبرى
المنتخب في تفسير القرآن الكريم
الوصايا
إنكار الشفاعة
أحكام الصلاة
أسرار بسم الله الرحمن الرحيم
أسماء الله الحسنى
أسئلة حرجة وأجوبة صريحة
أضواء حول اسم الله الأعظم –
أنت تسأل والإسلام يجيب
بين الفضيلة والرذيلة
جامع البيان في العبادات والأحكام
حفاوة المسلمين بميلاد خير المرسلين
خواطر الشعراوي
عداوة الشيطان للإنسان
عذاب النار وأهوال يوم القيامة
على مائدة الفكر الإسلامي
لبيك اللهم لبيك
مائه سؤال وجواب في الفقه الاسلإمي – محمد متولي الشعراوي
معجزة القرآن –
من فيض القرآن
نظرات في القرآن
نهاية العالم
هذا هو الإسلام
وصايا الرسول
يوم القيامة
أحدث دراسة جامعية عنه
وفي آحدث دراسة جامعية عنه منحت كلية الدراسات الإسلامية في جامعة المقاصد اللبنانية الشيخ بهاء الدين سلام شهادة الماجستير في الدراسات الإسلامية بدرجة جيد جداً عن رسالته المعنونة بتجديد الفكر الإسلامي في خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي وذلك بإجماع لجنة المناقشة المؤلفة من الدكتور هشام نشابة رئيساً والشيخ الدكتور يوسف المرعشلي مشرفاً والشيخ الدكتور أحمد اللدن عضواً.تكونت الرسالة من ثلاثة فصول إضافة إلى المقدمة والتمهيد وملحق الوثائق. الفصل الأول ناقش فيه سيرة الشيخ الشعراوي ودعوته وظروف الدعوة الإسلامية في عصره متحدثاً عن الأحوال السياسية والاقتصادية والفكرية والدينية وأثرها على نشأة الشيخ الشعراوي، كما كان عرض لأبرز مميزات أسلوب الشيخ الشعراوي في دعوته.أما الفصل الثاني فضم مناقشة تحليلية أبرزت مواطن التجديد في تفسير الشيخ الشعراوي من خلال عرض لآرائه في بعض القضايا العقائدية والتشريعية والأخلاقية.أما الفصل الثالث فكان عرضاً لآراء أبرز العلماء في الشيخ الشعراوي وكذلك لأبرز المآخذ التي تقال عن الشيخ الشعراوي حيث فنّدها الباحث ورد عليها وناقشها. ثم كانت الخاتمة وملحق الوثائق.
وتوجد رسالة دكتوراه مقدمة من الباحث عثمان عبد الرحيم إلى إحدى الجامعات المغربية لقسم التفسير يتناول فيها الباحث أسلوبه المنهجي في التفسير لسورتي البقرة وآل عمران.
اهتماماته بالشعر
ومن الشعر
عشق الشيخ الشعراوي اللغة العربية ، وعرف ببلاغة كلماته مع بساطة في الأسلوب، وجمال في التعبير، ولقد كان للشيخ باع طويل مع الشعر، فكان شاعرا يجيد التعبير بالشعر في المواقف المختلفة، وخاصة في التعبير عن آمال الأمة أيام شبابه، عندما كان يشارك في العمل الوطني بالكلمات القوية المعبرة، وكان الشيخ يستخدم الشعر أيضاً في تفسير القرآن الكريم، وتوضيح معاني الآيات، وعندما يتذكر الشيخ الشعر كان يقول “عرفوني شاعراً”
يقول في قصيدة بعنوان “موكب النور”:
أريحي السماح والإيثـار…………… لك إرث يا طيبة الأنوار
وجلال الجمال فيـك عريق ……………… لا حرمنا ما فيه من أسـرار
تجتلي عندك البصائر معنى …………..فوق طوق العيون والأبصار
الشعر ومعاني الآيات
ويتحدث الشيخ الشعراوي في مذكراته التي نشرتها صحيفة الأهرام عن تسابق أعضاء جمعية الأدباء في تحويل معاني الآيات القرآنية إلى قصائد شعر. كان من بينها ما أعجب بها رفقاء الشيخ الشعراوي أشد الإعجاب إلى حد طبعها على نفقتهم وتوزيعها. يقول إمام الدعاة ومن أبيات الشعر التي اعتز بها، ما قلته في تلك الآونة في معنى الرزق ورؤية الناس له. فقد قلت:
تحرى إلى الرزق أسبابه
فإنـك تجـهل عنـوانه
ورزقـك يعرف عنوانك
وعندما سمع الشيخ الذي كان يدرس لنا التفسير هذه الأبيات قال لي: يا ولد هذه لها قصة عندنا في الأدب. فسألته: ما هي القصة: فقال: قصة شخص اسمه عروة بن أذينة. وكان شاعراً بالمدينة وضاقت به الحال، فتذكر صداقته مع هشام بن عبد الملك. أيام أن كان أمير المدينة قبل أن يصبح الخليفة. فذهب إلى الشام ليعرض تأزم حالته عليه لعله يجد فرجاً لكربه. ولما وصل إليه استأذن على هشام ودخل. فسأله هشام كيف حالك يا عروة؟ فرد: والله إن الحال قد ضاقت بي. فقال لي هشام: ألست أنت القائل:
لقد علمت وما الإشراق من خلقي أن الذي هـو رزقي سوف يأتيني
واستطرد هشام متسائلاً: فما الذي جعلك تأتي إلى الشام وتطلب مني. فأحرج عروة الذي قال لهشام: جزاك الله عني خيراً يا أمير المؤمنين.. لقد ذكرت مني ناسياً، ونبهت مني غافلاً. ثم خرج. وبعدها غضب هشام من نفسه لأنه رد عروة مكسور الخاطر. وطلب القائم على خزائن بيت المال وأعد لعروة هدية كبيرة وحملوها على الجمال. وقام بها حراس ليلحقوا بعروة في الطريق. وكلما وصلوا إلى مرحلة يقال لهم: كان هنا ومضى. وتكرر ذلك مع كل المراحل إلى أن وصل الحراس إلى المدينة. فطرق قائد الركب الباب وفتح له عروة. وقال له: أنا رسول أمير المؤمنين هشام. فرد عروة: وماذا أفعل لرسول أمير المؤمنين وقد ردني وفعل بي ما قد عرفتم ؟ فقال قائد الحراس: تمهل يا أخي. إن أمير المؤمنين أراد أن يتحفك بهدايا ثمينة وخاف أن تخرج وحدك بها. فتطاردك اللصوص، فتركك تعود إلى المدينة وأرسل إليك الهدايا معنا. ورد عروة: سوف أقبلها ولكن قل لأمير المؤمنين لقد قلت بيتا ونسيت الآخر. فسأله قائد الحراس: ما هو ؟ فقال عروة:
أسعى له فيعييني تطلبه ولو قعدت أتاني يعينني
وهذا يدلك -فيما يضيفه إمام الدعاة- على حرص أساتذتنا على أن ينمو في كل إنسان موهبته، ويمدوه بوقود التفوق.
لشيـخ الشـعراوي كـان يقرض الشعـر في مراحـل متقدمـة من عمره ولـه قصائد في أغـراض متنوّعـة، نورد فـيما يلـي بـعض النـماذج الـمختارة:
يقول بمناسبة الإسراء والمعراج:
يا ليلة «المعراج» و«الإسراء»
وحي الجلال وفتنة الشعراء
الدهر أجمع أنت سر نواته
وبما أتاك الله ذات رواء
فلك العلا دارت عليك شمسه
والشمس واحدة من الإنشاء
من ذا الذي يحظى بما استعصى على
«موسى» و«عيسى» صاحب الإحياء
لله عذراء بتيل خصرها
من ذا الذي يحظى بتي العذراء
لا غرو أن كانت عروس محمد
إن العظيم يكون للعظماء
يا فتاة الإسلام
قصرت أكماماً وشلت ذيولا
هلا رحمت إهابك المصقولا
أسئمت من برد الشتاء سجونه
فطلبت تحرير المصيف عجولا
وخطرت تحت غلالة شفافة
في فتنة تدع الحليم جهولا
محبوكة لصقت بجسم مشرق
دفعته ثورته فبان فصولا
هل قصر الخدان في صرعاهما
أم كان طرفك في الطعان كسولا
حتى استعنت على القلوب بمغمد
وجعلت جسمك كله مسلولا
ألححت في عرض الجمال وغرك
الغرار حتى أسمعوك فضولا
من نال منك رضاً فأنت ملاكه
ومن انتهرت قسا فكان عزولاً
مواقفه الوطنية
يروي إمام الدعاة الشيخ الشعراوي في مذكراته وقائع متفرقة الرابط بينها أبيات من الشعر طلبت منه وقالها في مناسبات متنوعة. وخرج من كل مناسبة كما هي عادته بدرس مستفاد ومنها مواقف وطنية.
يقول الشيخ: وأتذكر حكاية كوبري عباس الذي فتح على الطلاب من عنصري الأمة وألقوا بأنفسهم في مياه النيل شاهد الوطنية الخالد لأبناء مصر. فقد حدث أن أرادت الجامعة إقامة حفل تأبين لشهداء الحادث ولكن الحكومة رفضت. فاتفق إبراهيم نور الدين رئيس لجنة الوفد بالزقازيق مع محمود ثابت رئيس الجامعة المصرية على أن تقام حفلة التأبين في أية مدينة بالأقاليم. ولا يهم أن تقام بالقاهرة. ولكن لأن الحكومة كان واضحاً إصرارها على الرفض لأي حفل تأبين فكان لابد من التحايل على الموقف. وكان بطل هذا التحايل عضو لجنة الوفد بالزقازيق حمدي المرغاوي الذي ادعى وفاة جدته وأخذت النساء تبكي وتصرخ. وفي المساء أقام سرادقا للعزاء وتجمع فيه المئات وظنت الحكومة لأول وهلة أنه حقاً عزاء. ولكن بعد توافد الأعداد الكبيرة بعد ذلك فطنت لحقيقة الأمر. بعد أن أفلت زمام الموقف وكان أي تصد للجماهير يعني الاصطدام بها. فتركت الحكومة اللعبة تمر على ضيق منها. ولكنها تدخلت في عدد الكلمات التي تلقى لكيلا تزيد للشخص الواحد على خمس دقائق. وفي كلمتي بصفتي رئيس اتحاد الطلبة قلت:
شباب مات لتحيا أمته
وقبر لتنشر رايته
وقدم روحه للحتف والمكان قربانا لحريته ونهر الاستقلال
ولأول مرة يصفق الجمهور في حفل تأبين. وتنازل لي أصحاب الكلمة من بعدي عن المدد المخصصة لهم. لكي ألقى قصيدتي التي أعددتها لتأبين الشهداء البررة والتي قلت في مطلعها:
نداء يابني وطني نداء……………………………. دم الشهداء يذكره الشباب
وهل نسلوا الضحايا والضحايا ……………….بهم قد عز في مصر المصاب
شباب برَّ لم يفْرِق.. وأدى …………….. رسالته، وها هي ذي تجاب
فلم يجبن ولم يبخل وأرغى ………………. وأزبد لا تزعزعه الحراب
وقدم روحه للحق مهراً …………………. ومن دمه المراق بدا الخضاب
وآثر أن يموت شهيد مصر………………… لتحيا مصر مركزها مهاب
خواطره حول تفسير القرآن
بدأ الشيخ محمد متولي الشعراوي تفسيره على شاشات التلفاز قبل سنة 1980م بمقدمة حول التفسير ثم شرع في تفسير سورة الفاتحة وانتهى عند أواخر سورة الممتحنة وأوائل سورة الصف وحالت وفاته دون أن يفسر القرآن الكريم كاملا. يذكر أن له تسجيلا صوتيا يحتوي على تفسير جزء عم (الجزء الثلاثون).
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي موضحـًا منهجه في التفسير: خواطري حول القرآن الكريم لا تعني تفسيراً للقرآن. وإنما هي هبات صفائية. تخطر على قلب مؤمن في آية أو بضع آيات.. ولو أن القرآن من الممكن أن يفسر. لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بتفسيره. لأنه عليه نزل وبه انفعل وله بلغ وبه علم وعمل. وله ظهرت معجزاته. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتفى بأن يبين للناس على قدر حاجتهم من العبادة التي تبين لهم أحكام التكليف في القرآن الكريم، وهي ” افعل ولا تفعل..”.
اعتمد في تفسيره على عدة عناصر من أهمها:
اللغة كمنطلق لفهم النص القرآني
محاولة الكشف عن فصاحة القرآن وسر نظمه
الإصلاح الاجتماعي
رد شبهات المستشرقين
يذكر أحيانا تجاربه الشخصية من واقع الحياة
المزاوجة بين العمق والبساطة وذلك من خلال اللهجة المصرية الدارجة
ضرب المثل وحسن تصويره
الاستطراد الموضوعي
النفس الصوفي
الأسلوب المنطقي الجدلي
في الأجزاء الأخيرة من تفسيره آثر الاختصار حتى يتمكن من إكمال خواطره
وفاته:
توفي فضيلة الشيخ محمد المتولي الشعراوي يوم الأربعاء الثاني والعشرين من شهر صفر سنة 1419هـ، الموافق 17/6/1998م، ودفن بمصر. رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وحشرنا الله وإياه مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، والحمد لله رب العالمين.
ماذا قالوا عن الشعراوي:
قالوا عنه:
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
«لقد فقـدت الأمة الإسلامية بموت الشيخ محمد متولي الشعراوي علماً من أعلامها وكوكباً من كواكب الهداية في سمائها، فقدت رجلاً عاش عمره في خدمة العلم وخدمة القرآن الكريم، وخدمة الإسلام، وموت العلماء لا شك مصيبة على الأمة خصوصاً إذا تكرر فقدهم واحداً بعد الآخر، وقد فقدنا في هذه الـفترة عدداً من هؤلاء النجوم، فقدنا الشيخ محمد الغزالي، والشيخ خالد محمد خالد، والشيخ جاد الحق علي جاد الحق، والشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، والشيخ عبدالفتاح أبوغدة.
لقد رحل عنَّا رجل القرآن وهو الشيخ الشعراوي، فلا شك أنه كان أحد مفسري القرآن الكبار، وليس كل من قرأ القرآن فهمه، ولا كل من فهم القرآن غاص في بحاره، وعثر على لآلئه وجواهره، ولا كل من وجد هذه الجواهر استطاع أن يعبر عنها بعبارة بليغة، ولكن الشيخ الشعراوي كان من الذين أوتوا فهم القرآن، ورزقهم الله تعالى من المعرفة بأسراره وأعماله ما لم يرزق غيره، فله لطائف ولمحات وإشارات ووقفات ونظرات استطاع أن يؤثر بها في المجتمع من حوله، وقد رزق الشيخ الشعراوي القبول في نفوس الناس فاستطاع بأسلوبه المتميز أن يؤثر في الخاصة والعامة من المثقفين والأميين، في العقول والقلوب، وهذه ميزة قلما يوفق إليها إلا القليلون، اتفق الناس مع الشيخ الشعراوي، واختلفوا معه، وهذه طبيعة العلم والعلماء، لا يمكن أن يوجد عالم يتفق عليه الناس كل الناس:
ومن في الناس يرضي كل نفس
وبين هوى النفوس مدىً بعيد
كما قال الشاعر، وقديماً قالوا: «رضى الناس غاية لا تدرك»، والله تعالى يقول: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون * ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [هود: 117 – 119]، قال كثير من المفسرين: «ولذلك: أي للاختلاف خلقهم، لأنه حين خلقهم، منح كلاً منهم حرية العقل وحرية الإرادة، وما دام لكل منهم عقله الحر وإرادته الحرة، فلا بد أن يختلفوا، ولقد اختلف الناس من قبل على الرسل والأنبياء واختلفوا على المصلحين والعظماء، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه: «هلك فيّ اثنان: محبٌّ غالٍ، ومبغض غال» وهذه طبيعة الحياة.
ولقد عرفت الشيخ الشعراوي وأنا طالب في المرحلة الثانوية، فقد درَّسنا حينما جاءنا مدرساً للبلاغة في معهد طنطا، وتسامعنا نحن الطلاب أن جاء الشيخ الشعراوي وهو مدرس عظيم وشاعر عظيم، أما تدريسه فقد كان فعلاً مدرساً جذاباً، كان يستطيع أن يوصل المعلومة إلى طلابه بطريقته بالإشارة والحركة وضرب الأمثلة وغير ذلك».
ويقول الدكتور محمد عمارة:
«إن الشيخ الشعراوي عليه رحمة الله كان واحداً من أعظم الدعاة إلى الإسلام في العصر الذي نعيش فيه، والملكة غير العادية التي جعلته يطلع جمهوره على أسرار جديدة وكثيرة في القرآن الكريم، وكانت ثمرة لثقافته البلاغية التي جعلته يدرك من أسرار الإعجاز البياني للقرآن الكريم ما لم يدركه الكثيرون، وكان له حضور في أسلوب الدعوة يشرك معه جمهوره ويوقظ فيهم ملكات التلقي، ولقد وصف هذا العطاء عندما قال: «إنه فضل جود لا بذل جهد» رحمه الله وعوض أمتنا فيه خيراً».
ويقول الدكتور عبدالحليم عويس:
«لا ينبغي أن نيأس من رحمة الله، والإسلام الذي أفرز الشيخ الشعراوي قادر على أن يمنح هذه الأمة نماذج طيبة وعظيمة ورائعة، تقرب على الأقل من الشيخ الشعراوي، ومع ذلك نعتبر موته خسارة كبيرة، خسارة تضاف إلى خسائر الأعوام الماضية، حيث فقدنا أساتذتنا الغزالي وجاد الحق وخالد محمد خالد وأخشى أن يكون هذا نذير اقتراب يوم القيامة، الذي أخبرنا الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن من علاماته أن يقبض العلماء الأكفياء الصالحون وأن يبقى الجهال وأنصاف العلماء وأشباههم وأرباعهم فيفتوا بغير علم ويطوّعوا دين الله وفقاً لضغوط أولياء الأمور، ويصبح الدين منقاداً لا قائداً نسأل الله أن يجنب الأمة شر هذا، وأن يخلفها في الشيخ الشعراوي خيراً».
ويقول الدكتور محمود جامع مؤلف كتاب (وعرفت الشعراوي) الذي اعتمدت عليه كثيراً:
«أيها الإمام الغالي كانت رحلتي معك في الحياة منذ الأربعينيات هي رحلة الفرار إلى الله دائماً، غذاؤنا وزادنا القرآن، والقرآن تلاوة وحفظاً وترتيلاً وتفسيراً سراً وعلانية، أفراداً وجماعات في مصر بمدنها وقراها وريفها وحضرها هي رحلة الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا دون زيف أو بهتان. عايشتك يا إمامنا الغالي في الحلو والمر والليل والنهار، وتتلمذت على يديك الكريمتين وأسقيتني بحنان وحب كؤوس العلم والمعرفة؛ في منهل القرآن والسنة المطهرة وعلمتني بيقين كيف يكون الصبر والاحتمال في سبيل الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله وإن طريق الدعوة إلى الله دائماً مليء بالأشواك والمحاذير والابتلاء. وعرفت طريقك يا أستاذي جيداً إلى ربك مبكراً وأخذتني معك في رحابك الفسيحة الطاهرة وحنانك الفياض، وكنت دائماً ودائماً تدعو وتدعو وتتضرع إلى رب العزة بكل قوة وثبات ويقين، ونحن نردد من خلفك الدعاء من قلوبنا وأرواحنا: «اللهم إن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك والتقت على طاعتك، وتوحّدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك فوثق اللهم رابطتها وأدم ودَّها، واهدها سبلها، واملأها بنورك الذي لا يخبو واشرح صدورها بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك وأحيها بمعرفتك وأمتها على الشهادة في سبيلك، إنك نعم المولى ونعم المصير».