العناية بالنفس في علم النفس
إعرِف نَفسكَ فَهُنالِكَ ما بيْنَ الذّاتِ والحقيقةِ علاقةٌ وطيدةٌ لا يَنْكرها إلا من لمْ يبحثُ عنْ الحقيقةِ لا بل من لمْ يعتنِي بِذاتهِ, يبقى غافلاً أبدَ الدهرِ لا يُحاوِلُ الوصول إلى الحقيقةِ ولا معرِفَةِ ذاتِهِ وما يجري حَولهُ.
لا بُدَ لنا لمعرفةِ الحَقيقةِ الإستطلاعْ,المُخاطرة,ومِنْ ثمَّ التَّجربة مَهمَا كانتْ الإيْجابية والسَّلبية والأخْذِ بِعَينِ الإعتبارِ دُونَ إضاعَةِ الفُرصَةِ للإِقامةِ في الذَّاتِ والسَّيرِ الحثيْثِ إِليها.
لَقدْ تَنوعَتْ العِناية بالذّاتِ ما بَيْنَ مَعرِفَةِ النَّفسِ وعِلاج الجَسَد, ومِن ضِمنِهَا مُصارَعةِ المَرض ,والتّغلبِ على الشّهواتِ بِحيث تَتَوافق مَع قَانونِ الطّبيعة لا أكثر ولا أقل.
إنَّ مِنْ ضمن العِناية بالذّاتِ التَّوافق الفِطرِي والعَقلِي حيث يَمنَحُ المرء علاقةً دائمةً مع ذاتِهِ ومع مُتطلَباتِ الحياةِ والميْل نَحَو الإيجابِية والبُعد عن السلبيةِ.
لا تَشتَرِط العِناية بالذّاتِ الرّغبة في المعرفةِ وحُب الحكمَة بل للتوجهِ نَحو الفِكر وامتلاك القُدرة على التجاوزِ والارتقاء ِوالسُّمو والتعالي على المَلذاتِ.
للعِنايةِ بالذّاتِ فلْنحرِص على بُعْدِ النّظرِ والإنْفِتَاح والتّفكير وإدراك الغمْوض لا بَل تحقيق الذات عَبَر التّدبير والهِداية ِوالفضِيلةِ .
لا تَنبَنِي العِنايةُ بالذّاتِ ضِمْن الإطارِ النّظَرِي فَقط بَلْ يَنْبَغِي التحرك ضِمن الإطار العمّلي وإحداث تغييرات بالشخصيةِ عبَر خوض مغامرات للتوجُهِ إلى الحقيقةِ بِطَرحِ أسئِلة وتَحلِيلٍ عَميقِ لا بَلْ مقارنةٍ وشرحٍ وبحثٍ علميٍّ وعمّلي .
لقد نبذتْ العِناية بالذّات الوحدة أي “الإنطواء”وكذلِكَ التّوقف عن الضياعِ وتركيزِ الانتبَاهِ على خدمةِ عينِ الذاتِ وجعلِهَا أساس الحياة إنَّ قرارَ العنايةِ بالذاتِ تأكيداً على استنارةِ حدثَت في كينونةِ الإنسان وجهد تأملي ثمَّ بذله وتحويل الذّات نَحو العودة والإنجاز والإكتمال .
ومِنْ دلائِلِ العِنايةِ بالذّاتِ اتخاذ مواقف تَتَوجه بِمُقتَضَاها الذّات نحو ذاتِهَا والآخرين وتَغيير النّظرة من الخارجِ إلى الدّاخل وتحويلِ الإهتمام والقِيام بِمَجموعَة منَ المُمَارسات والتّمارِين والأنشطة تُساعِد الذّات على التغيرِ والتحولِ نَحَو الأفضلِ وامتحان الضّمير ومراقبةِ الذّاتِ والتَّثَبُتِ مِن صحةِ الأفكارِ.
العنايةُ بالذّاتِ هو إنقاذُ الحياةِ البشرِيةِ مِنَ الضّياعِ وإحتلال مكانَتِهِ في المجتمعِ وتَتحولُ العِنايةِ بالذاتِ إلى نوع مِنَ الفِعل العِلاجي يشبه العِنَاية المُنتظمة للنفسِ للتّحررِ من الجهلِ والعُبودِية والتَّحول نَحو الصّلاح والإستقامة لِلوصولِ إلى حياةٍ أفضل وسعادةٍ ذاتيةٍ دائمةٍ.
“والله ولي التوفيق”