التعليمي

العطف , حروف العطف , اقسام جمله العطف

الشرح
تعريفه:
النسق في اللغة: التتابع أو النظم.
واصطلاحًا: هو التابع المتوسط بينه وبين متبوعه أحد حروف العطف.
قال ابن مالك:

تَالٍ بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ عَطْفُ النَّسَقْ

كَاخْصُصْ بِوُدٍّ وَثَنَاءٍ مَنْ صَدَقْ([1])

فإذا قلنا: جاء زيد وعمرو، فإن (عمرو) معطوف على (زيد) عطف نسق لتوسط حرف من حروف العطف بينهما وهو الواو.
جاء

فعل ماض مبني على الفتح.

زيد

فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

وعمرو

الواو: حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وعمرو: معطوف على زيد مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
حروف العطف:
1- الواو:
وهي لمطلق الجمع بين المتعاطفين، مثاله: جاء زيد وعمرو، أي: اشتركا في المجيء، وهو يحتمل ثلاثة أمور:
أ- أن يكون مجيئهما في وقت واحد، أي: معًا، كما في قوله تعالى: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127].
ب- أن يكون مجيئها على الترتيب، نحو: جاء زيد وعمرو – إذا تقدم مجيء زيد.
جـ – أن يكون مجيئهما على عكس الترتيب، نحو: جاء زيد وعمرو – إذا تقدم مجيء عمرو-.
قال ابن مالك:

فَاعْطِفْ بِوَاوٍ سَابِقًا أَوْ لَاحِقَا

فِي الحُكْمِ أَوْ مُصَاحِبًا مُوَافِقَا([2])

2- الفاء:
وهي للترتيب والتعقيب، مثاله: جاء زيد فعمرو، والمعنى: أن مجيء زيد هو الأول، وأما التعقيب فمعناه أنه ليس هناك مهلة بل كان عقبه مباشرة.
لكن تعقيب كل شيء بحسبه.
– نقول: دخلت بصرة فبغداد وبينهما أيام.
– وتزوج فلان فولد، إذا لم يكن بين الزواج والولادة إلا مدة الحمل المعتادة، وليس معناه أنه يوم أن تزوج يأتيه الولد.
وللفاء معنى آخر غير التعقيب، وهو السببية إذا كانت عاطفة جملة على أخرى، كقولك: سها فسجد، أي: بسبب السهو سجد، ومثله: سَرَقَ فَقُطِعَ، وزنى فَرُجِم.
3- ثم:
وهي للترتيب والتراخي، فإذا قلنا: جاء زيد ثم عمرو، أي أن بينهما مدة.
قال ابن مالك:

وَالْفَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بِاتِّصَالِ

وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ بِانْفِصَالِ

اعتراض:
ظاهر قوله تعالى: { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ}[الأعراف: 11]، أنها ليست للترتيب، لأن ظاهره أنَّ خلق الله لنا – الآن – متقدم على سجود الملائكة لآدم، لو قلنا إن (ثم) للترتيب.
والجواب: أن هناك مضافًا مقدرًا، أي خلقنا آباءكم، ثم صورنا آباءكم، ثم قلنا للملائكة، فحذف المضاف ونسب الخلق والتصوير إليهم؛ لأنهم فرعه، والنعمة الحاصلة للأصل حاصلة للفرع.
4- حتى([3]):
وهي للغاية والتدرج.
ومعنى الغاية: آخر الشيء ونهايته.
ومعنى التدرج: أن ما قبلها ينقضي شيئًا فشيئًا إلى أن يبلغ الغاية، وهو الاسم المعطوف، ولذلك وجب أن يكون المعطوف بها جزءًا من المعطوف عليه تحقيقًا، نحو قولك: أكلت السمكة حتى رأسها، فهذا يدل على أنه أكل السمكة شيئًا فشيئًا، وهذا هو التدرج، ورأسها هو الغاية، ولهذا قالوا: إن معطوف (حتى) أي الشيء الذي بعدها جزء مما قبلها، إما تحقيقًا؛ لأن رأس السمكة جزء منها، أو تقديرًا، نحو قول الشاعر:

أَلْقَى الصَّحِيفَةَ كَيْ يُخَفِّفَ رَحْلَهْ

وَالزَّادَ حَتَّى نَعْلِهِ أَلْقَاهَا

فالنعل ليست جزءًا من الزاد تحقيقًا، لكنها مثل الجزء تقديرًا؛ لأن معنى الكلام: ألقى كل ما يثقله.
مسألة:
زعم بعضهم أن (حتى) للترتيب، والأمر على غير ذلك، فهي تدل على الغاية والتدريج، فهي لمطلق الجمع لا للترتيب.
5- أو: وتقع بعد الطلب أو الخبر.
ولها أربعة معان([4]) على ما ذكر ابن هشام: معنيان بعد الطلب، وهما:
· التخبير، وهو ما يمتنع الجمع فيه بين المتعاطفين. نحو: تزوجْ هندَ أو أختها، ونحو: اركب السيارة أو القطار.
· الإباحة، وهو ما يجوز فيه الجمع بين المتعاطفين. نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين.
والفرق بين التخيير والإباحة: أن التخيير يأبى جواز الجمع بين ما قبلها وما بعدها، والإباحة لا تأباه، ألا ترى أنه لا يجوز له أن يجمع بين زواجه من هند وأختها، وله أن يجالس الحسن وابن سيرين كليهما.
ولـ: (أو) معنيان بعد الخبر، وهما:
· الشك، نحو: جاء زيد أو عمرو. إذا لم تعلم الجائي منهما. ونحو: { لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} )[5]).
· التشكيك أو الإبهام، نحو قولك: جاء زيد أو عمرو. إذا كنت عالمًا بالجائي منهما، ولكنك أبهمت على المخاطب.
وهناك معنيان لم يذكرهما ابن هشام وهما:
* التقسيم، نحو قولك: الكلمة اسم أو فعل أو حرف.
* الإضراب فتكون بمعنى بلْ، نحو قولك: جاء زيد أو بكر أو عمرو، إذا كان قصدي: بل بكر بل عمرو.
قال ابن مالك:

خَيِّرْ، أَبِحْ، قَسِّمْ بِأَوْ وَأَبْهِمِ

وَاشْكُكْ، وَإِضْرَابٌ بِهَا أَيْضًا نُمِي

وَرُبَّمَا عَاقَبَتِ الْوَاوَ إِذَا

لَمْ يُلْفِ ذُو النُّطْقِ لِلَبْسٍ مَنْفَذَا([6])

6- أم:
وهي لطلب التعيين بعد همزة داخلة على أحد المستويين، وتسمى هذه الهمزة همزة التسوية. وأمْ من حروف العطف التي يقصد بها التعيين.
مثال: أجاء زيد أم عمرو، فأنت قاطع بمجيء أحدهما، لكن الشك في التعيين، ولهذا يكون الجواب بالتعيين، فلا يقال: نعم أو لا، وإلا لما تمَّ الجواب.
ومثله أيضًا: أزيد عندك أم عمرو. فأنت قاطع بوجود أحدهما، لكن الشك في التعيين.
* تسمى (أَمْ) هذه معادلة؛ لأنها عادلت الهمزة في الاستفهام بها، ألا ترى أنك أدخلت الهمزة على أحد الاسمين اللذين استوى الحكم في ظنك بالنسبة إليهما، وأدخلت (أَمْ) على الآخر، ووسطت بينهما مما لا تشك فيه – وهو قولك: عندك -.
* وتسمى أيضًا متصلة؛ لأن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر.
قال ابن مالك:

وَأَمْ بِهَا اعْطِفْ إِثْرَ هَمْزِ التَّسْوِيَهْ

أَوْ هَمْزَةٍ عَنْ لَفْظِ أَيٍّ مُغْنِيَهْ([7])

وَرُبَّمَا أُسْقِطَتِ الهَمْزَةُ إِنْ

كَانَ خَفَا المَعْنَى بِحَذْفِهَا أُمِنْ([8])

وَبِانْقِطَاعٍ وَبِمَعْنَى بَلْ وَفَتْ

إِنْ تَكُ مِمَّا قُيِّدَتْ بِهِ خَلَتْ([9])

7 – لا([10]):
وفائدتها: الرد عن الخطأ في الحكم إذا كانت بعد الإيجاب.
* مثال: لو قلت: جاء عمرو، وأردت أن أرُدَّ الخطأ لأني أعلم أن الذي جاء هو (زيد) فأقول: جاء زيد لا عمرو.
8- لكنْ:
يرى جميع النحويين – ما عدا يونس – أن لكنْ حرف عطف، بشرط ألا تقترن بـ: الواو، وأن تسبق بنفي أو نهي، وأن يكون المعطوف بها مفردًا.
وهي للاستدراك إن سبقت بنفي أو نهي، نحو: ما جاء زيد، لكنْ عمرو، ونحو: لا يقم زيد لكنْ عمرو.
ما جاء

ما: نافية، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، جاء: فعل ماض مبني على الفتح.

زيد

فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

لكن

عاطفة حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

عمرو

معطوف على زيد مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.
9 – بل([11]):
وهي للإضراب إن كانت بعد كلام موجب أي مثبت، نحو: اشتريت كتابًا بل قلمًا.
اشتريت

فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.

كتابًا

مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.

بل

عاطفة، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

قلمًا

اسم معطوف على (كتابًا) منصوب، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
* وتكون للاستدراك إن كانت بعد كلام منفي، نحو: ما جاء الضيف بل ابنه.
ما جاء

ما: نافية، حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب، جاء: فعل ماض مبني على الفتح.

الضيف

فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

بل

عاطفة حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب.

ابنه

اسم معطوف على (الضيف) مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر مضاف إليه.
* الحروف الثلاثة:
(لا، لكن، بل) اشتركت في كونها:
أ – عاطفة.
ب – أنها تفيد رد السامع عن الخطأ في الحكم إلى الصواب، لكن (لا) بعد الإيجاب، و(لكن، وبل) بعد النفي.
(بل): تأتي للإضراب، وهو صرف الحكم عما قبلها لما بعدها، نحو: جاء زيد بل عمرو؛ لأن الذي جاء ليس زيدًا، ولكن ثبت لي أنه عمرو.

زر الذهاب إلى الأعلى