آخر انبساط !!
*أعجبتني كلمة للزميل عثمان ميرغني قبل أيام..
*قال إذا أردت أن تعرف تفاعل الحكومة مع أزماتنا فانظر لنشرة أخبارها..
*نشرة أخبار الحكومة… في تلفزيون الحكومة… المسمى القومي..
*وقبل ذلك بيوم كنت قد كتبت عن جلد الحكومة (البقري)… إزاء هذه الأزمات..
*ولكن كلمة الأستاذ عثمان أعجبتني أكثر من كلمتي..
*فنشرة أخبار التاسعة بمثابة مرآة عاكسة لنشاط الحكومة… واهتماماتها… و(أفراحها)..
*فهي دوماً في حالة بهجة لا تتناسب و(أحزان الناس)..
*حاولوا أن تشاهدوا النشرة حتى النهاية… واصبروا عليها كصبركم على الأزمات..
*ستجدون أن كل خبر فيها يبدأ كالآتي (لدى استقباله فلاناً بمكتبه)..
*وعلى كرسي وثير… في المكتب الفخيم… يجلس فلانٌ هذا كتلميذ أمام أستاذه..
*وهو في الغالب وزير… أو والٍ… أو مسؤول جهةٍ رفيعةٍ ما..
*وتبرز الكاميرا ابتسامات بطول – وعرض – مأساتنا… وأوجاعنا… وأحزاننا..
*ثم ينتقل المشهد إلى فلان أمام المنصة… والميكروفونات..
*فيتحدث – وهو فرحان – عن التوجيهات القيِّمة التي تلقاها من سيادته… بالداخل..
*ومن بعده يتكرر المشهد ذاته… والكلام ذاته… والانبساط ذاته..
*وهكذا إلى أن تنتهي نشرة الأخبار الرسمية – من التلفزيون الرسمي – بعد ساعة..
*وما يزيد من كآبة المشهد – والمنظر – أداء (المذيعات)..
*فهو أسوأ أداء… وأقبح قراءة… بين تلفزيونات العالم كافة ؛ على صعيد الأخبار..
*بينما سمة العصر الإعلامية البساطة… والسلاسة… وعدم التكلف..
*المهم إن حكومتنا مبسوطة جداً… والكاميرا لا تكذب..
*سيما إن تخللت النشرة مشاهد خارجية ترى القوم فيها يتمايلون طرباً… ورقصا..
*والمناسبة ؛ افتتاح مدرسة… أو مزرعة… أو مركز صحي..
*فالإنسان حين يكون مبسوطاً وسعيداً و(متنعماً) يعجبه أي شيء..
*وأحد مشاهد (الهجيج) كان بمناسبة تدشين مسلخ – أي سلخانة – بولاية غربية..
*هل رأيتم – بالغلط – مسؤولاً يتكلم عن أزماتنا وهو مبتئس؟!..
*إن داومتم على نشرات القومي إلى حين انتخابات (2020) فلن تروا وجهاً حزيناً..
*فالمنصب الرفيع أصلاً لا علاقة له بكم… ولا بمشاكلكم..
*هو نعمة شخصية تستوجب الذبائح… والولائم… والأفراح ؛ عند إعلانها (رئاسياً)..
*ثم الرقص على نغمة (ما إنت نعمة ومن الله جاتنا)..
*ومن ثم فإن (التوجيهات) التي تسمعونها في نشرة الأخبار لا صلة لها بكم..
*هي لا تعني سوى أن (الشريف مبسوط مني)..
*فلا عجب أن تنتهي التوجيهات بانتهاء نشرة الأخبار… والضحكات… والابتسامات..
*ورغم رتابة (لدى استقباله) أدعوكم لمشاهدة النشرة اليوم..
*فإن عجزتم عن فهم ما تقوله المذيعات – تكلفاً – فلن تعجزوا عن فهم كلام فلان..
*وأعني بفلان كل خارج من عند صاحب (التوجيه)..
*ثم تذكروا عنوان كلمتنا هذه !!!.