القسم العام

طلب العلم

صغارًا كنا نردد “إن العلم نور”، وكنا نكتب في سطور التعبير عن العلم أن “اطلب العلم ولو في الصين”، وكثيرة هي الحكم والأقاويل التي كنا نستشهد بها على عِظم قدر العلم ومن يسعى إليه ومن يطلبه ومن يُعلّمه. فلا أحد ينكر أهمية العلم، ولا ينكر أهمية السعي إليه والأجر والثواب اللذين يرجعا لصاحب العلم رغم كل المشاكل والمتاعب التي يواجهها.

والعلم هو طريق من الطرق المؤدية لله، فبالعلم تتفتح بصيرة الإنسان ويهتدي فؤاده، فيفتح الله عليه من أسرار الكون بقدر علمه، فيتقرب من الله ويقترب منه،فيوفقه الله في طريقه مادام يبتغي به وجهه تعالى يقول عليه السلام:” من يرد الله به خيرًا يفقّهه  في الدين”

ويختلف طلب العلم من علمٍ لآخر ، لكن في أهميتها فكلها مهمة، مهمة في حياة الإنسان وفي دينه؛ فالعلم الشرعي مهمٌ جدًا ولا تستقيم الحياة إلا بتطبيقه، والعلم الدنيوي مهمٌ أيضًا فلا تسير حياة بلا إدارة وتطبيقٍ وتحليلٍ وحساب وهذه كلها علوم دنيا لا دين؛ لذا فإن السعي في العلم سواء الشرعي أو الدنيوي أمرٌ يستحق صاحبه الأجر فكانت ملائكة الرحمة تستغفر لطالب العلم فعن الرسول عليه السلام أنه قال:” من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن  أخذ به أخذ بحظ وافر.”

 

وكيفية طلب العلم كان أمرًا كبيرًا وعسيرًا فيما مضى، لكنه أمر سهل وهين في هذه الأيام خصوصًا مع التطور التكنولوجي والتواصل على الانترنت وشبكات التواصل الإجتماعي المختلفة، زادت من مساحة التبادل فزادت مساحة العرض والتلقي للعلم، ولعلهم في مضى كانوا يقصدون شيخًا بعينه فيسافرون إليه ويعدّون لذلك العدة، ويمكثون عنده أو جواره حتى يتلقوا العلم ثم يعودا ليبغلوا به أهلهم، وبهذا يعتبر علمهم جهاد عندما طلبوه وجهادٌ عندما يبلغوه لغيرهم قال تعالى:”وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ”، دليلٌ على ضرورة أن يكون فيما بيننا من يعلم في مجالات العلم المختلفة.

في يومنا هذا،، قد لا نحتاج للسفر بعيدًا لنتلقى العلم، ولا يعقل أخذ علم كامل وشامل ومصدر موثوق دون الإلتقاء بالأستاذ أو المعلم،  فمن الوسائل المتاحة أصبح بإمكاننا الالتحاق بحلقات العلم (التي نسميها دورات) على الإنترنت ومتابعتها وكتابة التعليقات والاستفسارات، ومن ثم تبيليغ ما استفدنا منه، وطرق كثيرة في الالتحاق بالجامعات والمعاهد والمراكز والدورات التدريبية على أرض الواقع أو على الانترنت، والعمل الذاتي المكثف من خلال القراءة الكثيرة والبحث في مراجع عديدة، فهذا ما كان يفعله السابقون ولكن بوقت زمني أطول وجهد أكبر بكثير.

لذا فإن أهم شيء في طلب العلم (الديني الشرعي أو الدنيو على حد سواء) هو عقد النية الصادقة أن يكون كل حرف تدرسه وتكتبه وتبلغه لغيرك ، أن يكون كله لله حتى تنال الآجر العظيم في طلب العلم.

زر الذهاب إلى الأعلى