اذاعة جميلة عن شهر شعبان , مقدمة وخاتمة عن شهر شعبان
أيام قليلة ويهل علينا شهر شعبان
الذي خصه الرسول صلي الله عليه وسلم بكثرة الصيام فيه,
وهو شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان,
وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلي رب العالمين.
كما يعد بمنزلة التحضير والاستعداد المعنوى والروحى، لاستقبال شهر رمضان المبارك، حتى نؤدى فيه فريضة الصيام من أول يوم على النحو الكامل الذى يحقق لنا الثواب العظيم الذى بينه لنا النبي صلى الله عليه وسلم فى قوله «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
وأوضح علماء الدين أن الاستعداد لشهر رمضان المبارك، يكون بالإكثار من الطاعات بمختلف أنواعها لا سيما الصيام فى شهر شعبان، كما فهم ذلك من فعل النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والسلف الصالح من بعده، حيث إن تدريب النفس على الطاعات قبل حلول شهر الصيام، يعطيها دفعة روحية ومعنوية إيمانية، ويعينها على تحمل أداء مختلف العبادات فى شهر رمضان، وأوضحوا أن على المسلمين ألا يكونوا من الغافلين فى شهر شعبان عن طاعة الله وذكره والتقرب اليه، خاصة انه شهر ترفع فيه الأعمال الى الله تعالى.
ويقول الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن شهر شعبان منحة إيمانية، تدعو كل مسلم الى أن يغتنم أيام وليالى وجميع أوقات هذا الشهر فى التقرب الى الله تعالى بالطاعات من كثرة صيام واستغفار وقراءة القرآن وذكر لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإخراج الصدقات وفعل الخيرات، وصلة الأرحام، موضحا أن شهر شعبان هو بمنزلة المعسكر لتدريب النفس والروح والبدن وتهيئتها لاستقبال العبادة فى شهر القرآن، فصيام النافلة مثلا فى شهر شعبان، تهيئة روحية لأداء صيام الفريضة فى شهر رمضان، وذلك كما يحدث فى صلاة النفل قبل صلاة الفريضة.
وأشار الى أن بين شهرى رجب ورمضان، يجىء شهر شعبان، وهو شهر يغفل فيه كثير من الناس، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح، فقد روى الامامان الترمذي والنسائي عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما، قال: قُلتُ: يا رسول الله، لمْ أرَكَ تصوم من شهر من الشهور ما تصوم مِنْ شعْبان. قال: ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبُّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ».
الهدى النبوى
وأوضح أن النبى صلى الله عليه وسلم كانت له أحوال خاصة فى شهر شعبان، مما يوضح فضل ومنزلة هذا الشهر الكريم وما فيه من الخيرات، وقد جاءت أحاديث كثيرة توضح ذلك منها، ما رواه الامامان البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: «ما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استكملَ صيام شهر قطُّ إلا شهر رمضان، وما رأيتُه في شهرٍ أكثر صيامًا منه في شعبان». وفي رواية لأبي داود قالتْ: «كان أحبّ الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنْ يصومَه شعبان..».
وأشار إلى أن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين، كانوا يهتمون بهذا الشهر- اى شهر شعبان- اهتماما خاصا، لما عرفوا من نفحاته وكراماته، فكانوا يقبلون على كتاب الله يتلونه ويتدارسونه، ويتصدقون من أموالهم، ويتسابقون إلى الخيرات، وكأنهم يهيئون قلوبهم لاستقبال نفحات رمضان الكبرى، حتى إذا دخل عليهم رمضان تكون قلوبهم عامرة بالإيمان وألسنتهم رطبة بذكر الله، وجوارحهم عفيفة عن الحرام طاهرة نقية، فيشعرون بلذة القيام وحلاوة الصيام، ولا يملون من الأعمال الصالحة، لأن قلوبهم خالطتها بشاشة الإيمان وتغلغل نور اليقين في أرواحهم، واطمأنت قلوبهم بذكر الله وعمل الخيرات وترك المنكرات، قال تعالى فى كتابه الكريم» الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب».
العبادة فى وقت الغفلة
وفى سياق متصل، يوضح الدكتور عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر، أن المراد برفع الأعمال فى شهر شعبان، كما جاءت الاحاديث الصحيحة الدالة على ذلك، اى أعمال السنة كلها، وهذا يتطلب من كل مسلم أن يجتهد حتى تكون خاتمة أعماله حسنة، ومن المعلوم أن طلب حسن الخواتيم من الأمور التى يسن للإنسان أن يطلبها من الله سبحانه وتعالى بل ويلح فى طلبها، ففى الدعاء المأثور «اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك»، مشيرا الى أن الصالحين من المسلمين يحاولون دائما الاستفادة من كل أوقاتهم فى طاعة الله عز وجل وفى البعد عن معصيته تعالى حتى يفوزوا برضاه فى الدنيا والآخرة، موضحا ان المراد من قول النبى صلى الله عليه وسلم عن شهر شعبان، انه شهر يغفل فيه الناس، فهو أراد أن يقول لكل مسلم، لا ينبغي لك أن تغفل عن الله حين يغفل الناس، بل لا بد أن تكون متيقظا لربك سبحانه وتعالى غير غافل، فأنت المقبل على العبادة حال تراخى الناس، وأنت المتصدق حال بخلهم وحرصهم، وأنت القائم له حال نومهم، وأنت الذاكر لله حال بعدهم وغفلتهم، وأنت المحافظ على صلاتك حال إضاعتهم لها.
وأضاف: إن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يريد من خلال كلامه أن ينبه الناس جميعا إلى أهمية عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وهذا ما كان يفعله السابقون من الصحابة والتابعين، فلقد كانوا- مثلا- يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة، ويقولون: هي ساعة يغفل الناس عن طاعة الله، موضحا ان شهر شعبان ما هو إلا دورة تأْهيلية لرمضان، فلنعمر أيام وليالى شعبان بالمحافظة على الصيام، كما كان يفعل النبى صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نريد أن نقول لكم: صوموا كل الشهر، ولا نصفه، ولكن صوموا مثلا الاثنين والخميس، أو على الأقل صيام الأيام البيض وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، ولنحافظ على الصلاة جماعة في المسجد، حيث إن هذا العمل تهاون فيه الكثير من المسلمين في دنيا اليوم، مع الإكثار من إخراج الصدقات، وفعل كل ما من شأنه أن يقربك إلى الله تعالى.