أبعد الشك عني
في بعض الأحيان تعتري قلب الإنسان بعض الشكوك تجاه بعض الأمور، حيث إن هذه الشكوك قد تؤدي إلى تغيير انتباه الإنسان عن الأمور الهامة في الكثير من الأوقات خصوصاً عندما تتخذ هذه الشكوك الشكل المرضي بحيث تصبح ملازمة للإنسان، فتسيطر على عقله ليلاً ونهاراً، فالشك بدرجاته الدنيا مطلوب إذ أنه يدفع الإنسان إلى التحقق من الأمور و ضبط جودة الأعمال، كما انه مطلوب بشكل كبير جداً لنيل العلم و المعرفة، فالشك و السؤال هما الطريقان إلى التعلم و كسب المعرفة بصنوفها المختلفة و هما السبيل أيضاً إلى أن يدخل الإنسان أيضاً في الأفلاك الواسعة فيحلق عالياً بروحه بعيداً عن صغائر الأمور.
إذا ما وصل الإنسان إلى حالة الشك المرضية تلك، فيتوجب عليه ان يبدأ بإعادة حساباته فعليلاً بحاله، حيث أنه يتوجب عليه ان يعمل جاهداً على التقليل قدر الإمكان من هذه العادة المقيتة التي تسيطر عليه و تشل عقله و تقتل الإبداع بداخله و تمنعه من الارتقاء و التحليق في الفضاءات الواسعة و الشاسعة. فمن الأمور التي يجب عليه أن يعمل بها في حال ازدادت نسبة الشك عنده هي موضوع الثقة بالنفس، إذ يجب على الشخص الشكاك ان يزيد من ثقته بنفسه، فالشك والثقة بالنفس يسيران معاً بخطين متوازيين لكنها متعاكسان من جهة ازديادهما في الطول، فإذا كان خط الشك ينمو من جهة اليسار فإن خط الالثقة بالنفس ينمو من جهة اليمين والعكس صحيح، وهذا يعني أنها متناسبان عكسياً، أي أنه إذا كانت ثقة الإنسان بنفسه عالية فإنه الشك عنده سيكون قليلاً، أما إذا كانت ثقة الإنسان بنفسه منخفضة فإن شكه سيكون عالياً.
في حين يتوجب على الإنسان أن يحسن الظن بالآخرين، فسوء الظن هو مصدر من مصادر الشك، فلا يجب على الإنسان أن يفسر كل شيء يجري من حوله على أنه مؤامرة، بل يتوجب عليه أن ينظر إلى أخطائه ويحاول من إصلاح نفسه، عندها ستتغير النتائج حتماً، كما يجب على الإنسان ان يعتقد بأن الخير هو الطبيعة المسيطرة على هذه الحياة وأن الشر نسبته قليلة، لكن ظهوره اكبر بين الناس. واخيراص يتوجب على الإنسان حتى يبعد الشك عن نفسه أن يعمل على أن يزيد من معرفته وفهمه للأمور، إذ أن الجهل هو البيئة الخصبة التي تنمو فيها كافة الأمور السيئة، حيث إن الجهل هو عدو الإنسان الأول بلا أي منازع.