قصائد غزل جميلة
الحُبّ
إنّ الحب شعور جميل يجعل شخصين يعتقدان أنهما جميلان معاً حتى ولو ظنّ الجميع عكس ذلك، هو شعور يجعلهما يجلسان على مقعد واحد بينما هناك عشرات المقاعد الخالية، ويجعلهما يتحدّثان ساعاتٍ دون توقّف، ويُحبّان الشّتاء دون الشّعور بالبرد، ويستمتعا بوجبة بسيطة معاً بينما في مقدورهما أن يتناولا أضعافه كلٌّ على حِدة.
اعتنى الشّعر بالحبّ لارتباطهما في القرب من القلب، ولذلك نجد الكثير من الأشعار وصفت حالة المُحبّين، وأحوالهم، ومشاعرهم، وعذاباتهم. والآتي باقة من أجمل أشعار الحب.
قصيدة غزل على طريقة فان كوخ
الشاعر: أديب كمال
لأجلِ أنّ أشمّ عطرَ حرفكِ المُطلسم
الذي يشبه عطر عشتار وبلقيس
فإنّني مُستعدٌّ أن أنبش بقلبي
مكتبةَ آشور بانيبال
وأرتدي درعَ نبوخذ نصّر ومعاركه الغامضة
وأصف للفقراء والمساكين
مزايا قوانيني: أنا حمورابي العظيم.
لأجلِ أن أشمّ خفايا حرفكِ اللّاذعة
فإنّني مستعد أن أضيعَ
كقبيلةٍ يقتلها العطشُ في الصّحراء
كمدينةٍ يمزّقها زلزال مفاجىء
كسحرةٍ يأكلُ بعضهم بعضاً.
لأجلِ أن أشم ّخفايا حرفكِ البضّة
فإنني مُستعد أن أهديك أذني
كما فعل فان كوخ
وأن أبكيكِ العمر كلّه
محاطا ًبالنّسور والصّقور والثّعالب
كما فعل غويا
وأن أترك الحوت يبتلعني
كما فعل ذو النّون
وأن أضيّع قائدَ جندي إلى الأبد
كما فعل داود.
لأجل أن أمسك جمرةَ حرفك
التي تملأ الكفّ
فإنّني مُستعدٌّ أن ألقي بنفسي
في النّهر
كأيّ مراهق يحبّ لأول مرّة
ويجنّ لآخر مرّة
قصيدة أضرمت نار الحب
الشاعر: أبو نوّاس
أضْرَمْتَ نارَ الحبّ في قلْبي
ثمّ تبرّأتَ من الذّنْبِ
حتى إذا لَجّجْتُ بحرَ الهوَى
وطمّتِ الأمواجُ في قلبي
أفشيتَ سرّي، وتناسيتني
ما هكذا الإنصافُ يا حبي
هبْنيَ لا أسطيعُ دفْع الهوَى
عنّي، أما تخشى من الربّ؟!
قصيدة عاطفات الحب
الشاعر: محمد مهدي الجواهري
عاطفات الحبِّ ما أبْدَعَها
هذّبتْ طبعي وصفَّتْ خُلُقي
حُرَقٌ تملاء روحي رقةٍ
أنا لا أُنكِرُ فضلِ الحُرَق
أنا باهَيْتُ في الهوى
لا بشوقي أين من لم يَشْتَق
ثق بأن القلبَ لا تشغَلُهُ
ذكرياتٌ غيرُ ذكراك ثق
لستَ تدري بالذي قاسيتُهُ
كيف تدري طعمَ ما لم تَذُق
لم تدعْ مِنّيَ إلا رَمَقاً
وفداءٌ لك حتى رمقي
مُصبحي في الحزن لا أكرهُهُ
إنّما أطيبُ منه مَغْبَقي
إنّ هذا الشّعر يشجي نقلُهُ
كيف لو تسمعُه من منطقي
ربّ بيتٍ كَسَرت نبرته
زفراتٌ أخذت في مخنقي
أنا ما عشت على دين الهوى
فهواكم بَيْعةٌ في عنقي
الحبّ أرّقني
الشاعر: مفدي زكرياء
الحبّ أرّقني واليأس أضناني والبين ضاعف آلامي وأحزاني
والرّوح في حب “ليلايَ” استحال إلى دمعٍ فأمطره شعري ووجداني
أُساهر النّجم والأكوان هامدةٌ تُصغي أنيني بأشواقٍ وتحنان
كأنّما غراب الليل منحدرٌ روحي وقلبي بجنبيه جناحان
نطوي معاً صهوات اللّيل في شغف ونرقب الطّيف من آنٍ إلى آن
لكِ الحياة وما في الجسم من رمقٍ ومن دماءٍ ومن روحٍ وجثمانِ
لكِ الحياة فجودي بالوصال فما أحلى وصالكِ في قلبي ووجداني
قصيدة آه ما حيلتي
الشاعر : يحيى السّماوي
ازْعلي فالزّعل من فنونِ الغزلْ
كم حبيبٍ جَفا ثُمَّ لما وَصَلْ
جاء مُسترضياً خِلَّهُ بالقُبلْ
يا حبيبي الذي بالنّعاسِ اكتحلْ
وغفا هانئاً بين طيبٍ وَطَلْ
كم حبيب أتى وحبيب رحلْ
وأنا ها هنا كبقايا طَلَلْ
أرتدي بردةً من خيوط الأملْ
اللّظى في دمي والضّنى في المُقل
إنَّ قلبي على عهدهِ لن يملْ
آه ما حيلتي؟ قد خَتَمْتُ الحِيّلْ
عِلَّتي أنّني ليس بي من عللْ
غير أن الهوى في فؤادي اشتعلْ
فأنشري حلوتي خيمةٌ من خُصلْ
وأزرعي في فمي روضةٌ من قُبلْ
قصيدة حين أقبلتٍ
الشاعر: إلياس أبو شبكة
حينَ أَقبَلتِ وَالهَوى فيكِ يَحبو
كانَ حُبّي يَفنى وَناريَ تَخبو
قُلتِ لي بي أَسى فَهَل مِنكَ نُصحٌ
وَبِنَفسي داءٌ فَهَل مِنكَ طِبُّ
جِئتِ تَستَوصِفينَني في شُؤونٍ
ما بِها لي يَدٌ وَلا لَكِ ذَنبُ
قُلتِ إِن كانَ لِلشَّرائِعِ رَبٌّ
مُستَبِدُّ أَلَيسَ لِلقَلبِ رَبُّ
قُلتُ هذا بَيني وَبَينَكِ حَقٌّ
إِنَّما لِلوَرى فُروضٌ وَكُتبُ
أَلقَوانينُ سَنَّها العَقلُ في النّا
سِ فَبَينَ الضَميرِ وَالعَقلِ حَربُ
إِن بَينَ السَماءِ وَالأَرضِ حرباً
قُلتِ حَتّى يَصيرَ لِلنّاسِ قَلبُ
وَمَضَت أَشهُرٌ وَتِلكَ الأَحادي
ثُ يَدُبُّ الهَوى بِها وَيَرُبُّ
قُلتِ لي مَرَّةً أَتَفهَمُ قَلبي
قُلتُ يا سِتِّ قلتِ لَيلى أَحَبُّ
قُلتُ يا لَيلَ كَم خَبِرتُ قُلوباً
فَبِنَفسي مِن ذلِكَ الخُبرِ حَسبُ
غَيرَ أَنّي أَرى بِعَينَيكِ ما لَم
تَرَهُ مُقلَةٌ وَيَلمِسهُ لبُّ
أَتَكونينَ ذلكَ المَلَكَ البا
قي وَلَو جاءَ مِن جَهَنَّمَ خَطبُ
أَتَكونينَ فيهِ ما لَم تَكُن أُن
ثى وَما لَم يَكُن مِن الناسِ حُبُّ
فَتَأَمَّلتِ بي وَقُلتِ وَماضي
كَ أَلَم تَبقَ مِنهُ نارٌ تُشَبُّ
فَأَفاعي الفِردَوسِ ما زِلنَ حَيّا
تٍ وَما زالَ سُمُّهُنَ يَدُبُّ
قُلتُ يا لَيلَ قُلتِ بَعدَ الأَفاعي
جاءَ شِعرٌ مُرَطَّبُ الحُبِّ عَذبُ
صاحِ في عَينَيكَ صَدّاحُ الأَماني
وَعَلى ثَغرِكَ حُبّي وَحَناني
ما عَلى الدُنيا إِذا عَنَّت بِنا
لَيسَ في الدُنيا سِوانا شاعِرانِ
فَاِعصُري قَلبَكِ في خَمرِ دَمي
وَاِجعَلي الأَيّامَ في الكَأسِ ثَواني
وَاِرشِفي مِرشَفي وَاِهتُفي
نَحنُ في أُذُنِ الزَّمانِ أُغنِيَّتانِ
قصيدة الحبّ والرّبيع
الشاعر: إبراهيم ناجي
جدّدي الحبَّ واذكري لي الرّبيعا
إنني عشت للجمال تبيعا
أشتهي أن يلفَّني ورق الأيكِ
وأثْوي خلف الزّهورِ صريعا
آه دُرْ بي على الرِّفاق جميعاً
واجعل الشمل في الرّبيع جميعا
لا تقل لي أشتر المسرَّة والجاه
فإنِّني حُسنَ الرّبى لن أبيعا
فلغيري الّدنيا وما في حماها
إنّني أعشقُ الجمالَ الرّفيعا
أنا من أجله عصيتُ وعُدِّبْتُ
وأقسمتُ غيرهَ لن أطيعا
وبطيبِ الرّبيع أقتاتُ زهراً
وعبيراً ولا أُكابد جوعا
فَهو حسبي زاداً إذا عَفَت الدُّنيا
وأقْوَتْ منازلاً وربوعا
قصيدة أمطرت لؤلؤاً
الشاعر: يزيد بن معاوية
نالت على يدها مالم تنله يدي
نقشاً على معصمٍ أوهت به جلدي
كأنهُ طُرْقُ نملٍ في أناملها
أو روضةٌ رصعتها السُحْبُ بالبردِ
وقوسُ حاجبها مِنْ كُلِّ ناحيةٍ
وَنَبْلُ مُقْلَتِها ترمي به كبدي
مدتْ مَوَاشِطها في كفها شَرَكاً
تَصِيدُ قلبي بها مِنْ داخل الجسد
إنسيةٌ لو رأتها الشمسُ ما طلعتْ
من بعدِ رُؤيَتها يوماً على أحدِ
سَألْتُها الوصل قالتْ :لا تَغُرَّ بِنا
من رام مِنا وِصالاً مَاتَ بِالكمدِ
فَكَم قَتِيلٍ لَنا بالحبِ ماتَ جَوَىً
من الغرامِ، ولم يُبْدِيء ولم يعدِ
فقلتُ: استغفرُ الرحمنَ مِنْ زَلَلٍ
إن المحبَّ قليل الصبر والجَلَدِ
قد خَلفتني طرِيحاً وهي قائلةٌ
تَأملوا كيف فِعْلُ الظبيِ بالأسدِ
قالتْ: لطيف خيالٍ زارني ومضى
بالله صِفهُ ولا تنقص ولا تَزِدِ
فقال: خَلَّفتُهُ لو مات مِنْ ظمَأٍ
وقلتُ: قف عن ورود الماء لم يرِدِ
قالتْ: صَدَقْتَ الوفا في الحبِّ شِيمتُهُ
يا بَردَ ذاكَ الذي قالتْ على كبدي
واسترجعتْ سألتْ عَني، فقيل لها
ما فيه من رمقٍ، ودقتْ يداً بِيَدِ
وأمطرتْ لُؤلؤاً من نرجسٍ وسقتْ
ورداً، وعضتْ على العِنابِ بِالبردِ
وأنشدتْ بِلِسان الحالِ قائلةً
مِنْ غيرِ كُرْهٍ ولا مَطْلٍ ولا مددِ
إن يحسدوني على موتي، فَوَا أسفي
حتّى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ
قصيدة زوروا بثينة
الشاعر: جميل بثينة
زورا بثينة، فالحبيبُ مزورٌ
إنّ الزيارة َ للمحبِّ يسيرُ
إنّ الترحُّلَ أن تَلَبّسَ أمرُنَا
وأعتاقنا قَدَرٌ أُحِمَّ بَكُورُ
إنّي عَشِيّة َ رُحتُ وهي حزينة ٌ
تشكو إليّ صبابة ً لصبورُ
وتقول: بتْ عندي فديتكَ ليلة ً
أشكو إليكَ، فإنّ ذاكَ يَسيرُ
غرّاءُ مِبسامٌ كأنّ حديثها
دُرٌّ تحدّرَ نَظمُه منثور
محطوطة ُ المَتنين، مُضمَرةُ الحشا
رَيّا الروادفِ، خَلّقُها مَمكُور
لا حسنها حسنُ، لا كدلالها
دَلٌّ، ولا كوقَارها توقير
إنّ اللّسانَ بذكرها لموكلُ
والقلبُ صادٍ، والخواطِرُ صُور
ولئن جَزَيتِ الودَّ منّي مثلَهُ
إنّي بذلكَ، يا بثينَ، جديرُ