أسماء محمود.. أما آن أوان خروجها من جلباب أبيها ؟!
لم أفقد الأمل والله العظيم في أن تنعتق أسماء محمود محمد طه من قيد والدها وتثوب إلى رحاب ربها سبحانه، كما انعتق إبراهيم من سطوة أبيه آزر، وكما تحرّر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقود مسيرة البشرية الحائرة، نحو الهدى الرباني ويخرجها من الظلمات إلى النور .. كما تحرر محمد من سطوة أعمامه الذين آثروا الانتماء إلى دين يقدس اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى.
أكثر ما طمّعني في أوبة أسماء استقالة عن موقعها كأمين عام للحزب الجمهوري قدمتها عبر الواتساب وليس عبر ما يُسمي بمؤسسات الحزب قالت فيها: (قررت أن أتوقف عن الإمساك بالقيادة، فقد بذلت ما هو في طاقتي، وقد جاء الوقت لكي أتنحى وأفسح المجال لدماء شابة تتولى أمر الحزب وتسير به في المسار الذي آمل أن يكون مُرضياً عند الله وعندنا جميعاً .. من ناحية أخرى أريد أن أبتعد عن قيد اللجان ورأي الأغلبية لأفكر بحرية أكبر وأود أن أكتب عن رؤاي الفردية غير المقيدة بالمؤسسات والمنصب). أقول إن هناك معركة صامتة تحوّلت مؤخراً إلى صاخبة، بين أسماء محمود محمد طه ومكتب حزبها التنفيذي قرأتُ بعض تفاصيلها في مقال في أخيرة إحدى الصحف لأحد الشيوعيين المزروعين في الحزب الجمهوري. ومعلوم أمر الخبرة الطويلة للشيوعيين في اختراق الأحزاب الأخرى خاصة العلمانية المعادية للإسلام والإسلاميين.
صبّ ذلك الشيوعي (الدخيل) جام غضبه على أسماء وقرّعها تقريعاً مذكراً إياها بأهمية تقديم استقالتها عبر المكتب التنفيذي (الذي يُسيطر عليه الشيوعيون).
في استقالتها عبر الواتساب أبدت أسماء تبرّمها من القيود التي يفرضها عليها بعض قيادات حزبها الذين أعلم يقيناً أنهم شيوعيون، فآثرتْ أن تترك لهم الجمل بما حمل، وتتصالح مع نفسها وفقاً لرؤاها وليس رؤى الحزب الشيوعي المُتسربِل بثياب الحزب الجمهوري، فقالت إنها تريد أن تبتعد عن القيود لتفكّر بحرية أكبر وتكتب ما تُريد بما يعني أنها تُحاول الهروب من سيطرة الحزب الشيوعي على حزبها!
ذلك يذكرني بـ(الزرزرة) التي أخضعوها لها حين أجابت بصدق عن الأسئلة التي نثرها أمامها الأستاذ ضياء الدين بلال في أحد برامج قناة الشروق، فقد فاجأها ضياء بأسئلة محرجة: هل كان والدك يُصلي؟ هل كان بعض أتباعه يظنون أنه لن يموت على غرار ما حدث لسيدنا عيسى عليه السلام عندما حكم على محمود بالإعدام وشنق؟ هل كان يزعم أنه المسيح المحمدي، وغير ذلك من الأسئلة (المفخخة) فأجابت: لم يكن والدي يصلي الصلاة التي يُصلّيها الناس، ثم قالت نعم كان هناك من ظنّ أنه لن يموت عند شنقه، وتلا الآية القرآنية عندما سقط مجندلاً: (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ)، ثم فجأة خرجت أسماء عن طورها وثارت في وجه ضياء وقالت: لا أسمح لك بهذه الأسئلة.
ما حدث بعد ذلك أن أسماء اتصلت بضياء ومنعت بث الحلقة التي كانت القناة وقتها تروّج لها بكثافة تمهيداً لبثها.
لم يخالجني أدنى شك أن القيادة الشيوعية للحزب تضايقت جداً من الإجابات الصريحة التي أدلت بها أسماء وقدرت أن الحلقة ستكون كارثية على الحزب وعلى أفكار وخزعبلات محمود محمد طه، فأوقفت بثها.
إذن فإن أسماء كانت تتعرض لضغوط كبيرة وتدخلات غريبة من داخل مكتبها التنفيذي الشيوعي هي التي ألجأتها إلى خيار الاستقالة، ولذلك كان ذلك الكاتب الشيوعي بمقاله الأخير يًعبر عن رفاقه الغاضبين من استقالتها المقدمة من خارج أجهزة حزبها المُخترَق حتى النخاع.
أعود لأسماء لأذكِّرها بأن سورة المسد لم تنزل لترجم أبا لهب عم النبي الخاتم بالاسم دون غيره من كفار قريش إلا لترسخ مبدأ المفاصلة بين الحق والباطل بقطع العلاقة الأبدية بين محمد وعمه أبي لهب الذي كان – ويا للعجب – قد فرح فرحاً عظيماً عندما زفت إليه إحدى جواريه نبأ مولد ابن لأخيه عبد الله بن عبد المطلب فأعتقها ثمناً للبشارة، وتمر الأيام وتصدع آي القرآن بالمفاصلة بين محمد وعمه – الفرِح قديماً بميلاده – أبي لهب بل بين أمة الإسلام وأمة الشرك المُحارِب لدين الله إلى يوم البعث.
لذلك ظللتُ أخاطب أسماء لا (مكاواة) لها إنما طمعاً في أن تقود الثورة على ضلالات والدها وشركياته لتحصل من الأجر ما ينزلها منزلة عظيمة عند الله وعند الناس ولتتأسى بمحمد رسول الله وهو يقود مسيرة البشرية ضد شركيات عمه أبي لهب.
ما طمّعني أكثر في أن تقوم أسماء بهذا الدور أن رجوعها إلى دين محمد ونبذها (دين والدها) لا يُقارن بتوبة الصغار من أتباع حزبها إنما سيهد بنيانه المهترئ من القواعد كونها ابنة من سمّى نفسه برسول الرسالة الثانية بل بالمسيح المحمدي.
إنها كلمات صادقات لا أبتغي بها إلا رضوان الله ونصرة دينه، فهلا استجابت أسماء لهذا النداء؟!