“سماسرة” وجهات متخصصة تستغل ظروف السودان وتأتي بالقروض
السودان كغيره من دول العالم الثالث الذي تعتبر اقتصادياته نامية، يعتمد كثيراً على المنح والقروض الأمر الذي أدى إلى إرهاق كاهلة بالديون بسبب استغلال وضعه وظروف بالقروض التي تأتي بشروط وضمانات غاية في الصعوبة وذات تكلفة عالية يجعله من الصعوبة بمكان الالتزام بها أو سدادها ما أدى إلى ارتفاع الديون الخارجية، التي لم يعرف رقم محدد لها، فنسبة للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتي هي في أشد الحاجة لأي مبالغ لتسيير أعمالها، نشط وسطاء وسماسرة ومجموعات متخصصة في القروض، وبالتالي لم يكن ذلك مجاناً، بل أن هنالك عمولات تتم بشأن تلك القروض تصل 28% من قيمة القرض، وبالتالي فإن القروض أصبحت شبهة ومعقل للفساد على حد وصف الكثيرين من الخبراء الاقتصاديين، فيما حذرت جهات من التنقيب في هذا الملف الذي أكدوا على أنه سيطول شخصيات، لجهة أن هنالك قروضاً اختفت دون معرفة أين ذهبت فضلاً عن أن هنالك قروضاً تم تحويل الهدف منها وغيرها من التساؤلات.
الخبيرالاقتصادي بجامعة السودان عبد العظيم المهل، طالب بضرورة فتح ملف القروض لما فيه من مشاكل حادة.
وقال المهل بانه من المهم هذا جداً فتح الملف منذ الاستقلال حتى يومنا هذا لمعرفة أين ذهبت تلك القروض وكم يبلغ حجمها، فضلاً عن الجهة المختصة عن القروض على جهة واحدة أم عدد من الجهات، مشيراً إلى أن البعض حدد أن حجم القروض والديون على السودان بلغت “45” مليار دولار، فيما يعتقد آخرون أنها “54” مليار دولار، بينما يرى آخرون أن القيمة بلغت “65” مليار دولار مشيراً إلى أن أصل الديون لا يتجاوز مبلغ “17” مليار دولار، والباقي عبارة عن فوائد وجدولة وعمولات، مضيفاً بأنه في حال أن كان القرض بقيمة “100” مليون دولار، فإن نسبة العمولة منها 5% بمعنى أن العملة تصل “5” ملايين دولار، في وقت لم يبذل فيه أي مجهود.
وقال المهل إنه عند انفصال الجنوب قالوا للجنوبيين يقسموا معهم الدين إلا أن الجنوبيين رفضوا بحجة أنهم لا يعرفون أين ذهبت تلك المنح والقروض، مشيراً إلى أن الأمر ينطبق أيضاً على الشمال الذي لا يعرف حجم الديون وأين ذهبت وماذا تم بها؟ لعدم وجود مشروعات ملموسة تدل على أنها تمت بتلك القروض والمنح، وتابع ” المشروعات المرئية إذا قلنا إنها تمت بتلك القروض فيها مشروعات أقل من حجم المبالغ المطلوبة من السودان بالتالي فإن القروض فيها شبهة كثيرة (شبهة العملات الكومشن ) العادية وغير العادية، بل أن هنالك بعض الأفراد يشترطوا مبالغ معينة” على حد قوله ، مؤكداً أن الأمر فيه شبهة فساد أن لم يصل القرض لخزينة المالية كالقرض الهندي الذي اختفى دون معرفة وجهته.
وشد المهل على ضرورة أن يطالب المجلس الوطني بوقف القروض للحكومة على أن تمنح للقطاع الخاص مؤكداً بشروط تجارية حسب القطاع الخاص، مؤكداً أن القطاع الخاص الأقدر على استقلال القروض الاستقلال الأمثل وبالتالي يمكن أن يتستفيد منها، لافتاً إلى أن القطاع الخاص يستطيع أن يسدد القروض والمنح ويستفيد منها المواطن في توفير وظائف، مجدداً على المجلس الوطني أن يراجع كل القروض السابقة ما دخل منها الخزينة المركزية وما لم يدخل منها، مؤكدا أن هنالك تشكيل ما يدعي المراجعة حتى يعرف الشعب السوداني أين ذهبت وأردف ” هذه مهمة الجهات التشريعية وتحديداً المجلس الوطني”.
فيما ذهب وزير الدولة لوزارة المالية والاقتصاد الأسبق دكتور عز الدين إبراهيم إلى أن هنالك قروض للتنمية وقروض للمشتروات سلع (بترول أدوية، قمح) وغيره من السلع بجانب قروض التنمية التي يتم التعاقد فيها، لافتاً إلى أنها في الغالب مشروعات تنمية حيث يتم التعاقد مع مقاول على أقساط محددة وفق مراحل معينة بمعنى أن ينتهي من مرحلة تأتي الجهة المعينة للتأكد والمراجعة، لافتاً إلى أن في ذلك انضباط.
وقال عز الدين أن قرض المشتروات بالرغم من عدم إلمامه الكافي بها إلا أنه يرى بأن المشكلة فيها أن السودان موقفه ضعيف دائماً وفي حاجة للسلع الضرورية وانسيابها وأن عدم توفير تلك السلع يحدث اضطراباً بالتالي تأتي الجهات تستغل أوضاع وظروف السودان لأن توفر القروض، مؤكداً بأن الأسعار في السلع في الغالب تكون بأسعار آجلة وعالية وليست أسعار عالمية مستغلين بذلك ظروف السودان، وتابع ” الضعيف دائماً يحملوا حاجاته بالغالي، وأردف الفقر مكلف، وأحوالنا صعبة لذلك يستغلون بالأسعار العالية.
وفي السياق وبحسب مصادر موثوقة فإن القرض القطري مصدر الاستجواب بمبلغ “120” مليون يورو، لاستيراد مواد بترولية تم توظيف”73″ مليون يورو ، بينما ذهب المتبقي في شكل عمولات.
وأكدت المصادر بأن العمولات متفق عليها وأن بنك السودان أعطى الجهة التي أتت بالقرض نسبة 28% أو بما يعادل “28” دولاراً، على كل برميل بترول، مشيراً إلى عدم وجود نظام أو شروط محددة في القرض المعني، بل ذهب المصدر إلى أنه يمكن تحويل القرض من هدف لآخر حسب المصلحة، بيد أنه رجع، لافتاً إلى أن بعض الدول التي تمنح القرض تشترط شراء السلع منها وبالتالي لا يوجد نظام محدد للقروض، فضلاً عن أن هنالك عمولات لمن يأتي بالقرض.
فيما وصف مصدر مصرفي آخر فضل حجب اسمه في حديثه بأن ملف القروض منطقة ملتهبة التهاب كبير جداً ومستنقع وبركة نتنة ومعقل للفساد.
وكشف المصدر بأن الخوض في ملف القروض ستكون فيه بلاوي خاصة في الاستخدامات من غرض لآخر، وأن التحويلات ستكشف بلاوي لا حصر لها وستطال أسماء والقائمة ستطول على حد تعبيره.
وقال المصدر بأن الدول التي لديها مشاكل اقتصادية تنشأ وتنشط فيها مجموعات متخصصة “سامسرة” متخصصين في أعمال معينة وعليه فإن هنالك مجموعة متخصصة في إحضار قروض ومنح بالجلوس مع أعلى سلطة موجودة بتلك الدول لاستجلاب القروض، مشيراً إلى أن تلك المجموعات تنشط في ظل المشكلة المستمرة للسودان في التدفقات بسبب أن السودان باعتباره من دول العالم الثالث مشاكلة الاقتصادية غير البترولية أو غيرها شائكة لا سيما في ميزان المدفوعات بأنواعه بجانب مشكلة انسياب رأس المال الداخلي، وأردف ” بما أننا دائماً في حاجة كبيرة للاستيراد ولسداد المستحقات عليه ظهرت تلك المجموعات التي لها علاقات بجهات حكومية أو بنوك دولية وإقليمية ومؤسسات تستغل الأوضاع وقال بأنه فيالوقت تحديداً كانت كل القروض بشروط مجحفة بمعنى أن الضمانات، الفترة الزمنية السداد عملية الاقساط واستخدامات القرض كان فيها إجحاف خاصة وأن السودان ليس لديه خيارات أو بدائل، خاصة في شراء السلع باسعارر عالية ، كاشفاً عن أن أغلب القروض لم تأت بصورة رسمية وإنما عبر تلك المجموعات “سماسرة” ومجموعات متخصصة تعرف كيف تتحرك ويغنموا بالغروض، مؤكداً أن الأمر بات واضحاً بأنه عمولات.
اجراه : صحيفة الأخبار
الخرطوم (كوش نيوز)