ع العنان المغترب
كنت بالتاكسي عائداً من العمل إلى البيت ، وفي الطريق. صادفنا نقطة تفتيش. فطلب العسكري مني هويتي واعطيته الاقامه فنظر اليها وقرأ مكان الجنسيه.
، فقال: كيف بلدك ؟ فقلت بخير .. ونرجو الله أن تبقى بخير .
…- منذ متى وأنت تعيش في السعوديه ؟
– أنهيت لتوي السنة السادسه والعشرون
– متى زرت بلدك آخر مرة؟
– منذ عام
فنظر إلي وهو يبتسم وسألني: من تحب أكثر بلدك
أم السعوديه ؟
فقلت له: الفرق عندي بين بلدي والسعوديه كالفرق بين الأم والزوجة .. فالزوجة أختارها .. أرغب بجمالها .. أحبها .. أعشقها .. لكن لا يمكن أن تنسيني أمي ..
الأم لا أختارها ولكني أجد نفسي ملكها .. لا أرتاح الا في أحضانها .. ولا أبكي إلا على صدرها .. وأرجو الله ألا أموت إلا على ترابٍ تحت قدميها .
نظر إلي باستغراب وقال: نسمعُ عن ضيق العيش فيها فلماذا تحب بلدك ؟
قلت: تقصد أمي؟
فابتسم وقال: لتكن أمك ..
فقلت: قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة الطبيب ، لكن حنان أحضانها وهي تضمني ولهفة قلبها حين أكون بين يديها تشفيني
قال : صف لي بلدك
فقلت: هي ليست بالشقراء الجميلة ، لكنك ترتاح اذا رأيت وجهها .. ليست بذات العيون الزرقاء ، لكنك تشعر بالطمأنينة اذا نظرت اليها .. ثيابها بسيطة ، لكنها تحمل في ثناياها الطيبة والرحمة ..
لا تتزين بالذهب والفضة ، لكن في عنقها عقداً من سنابل القمح تطعم به كل جائع .. سرقها اللصوص ولكنها ما زالت تبتسم ..!!
أعاد إلي هويتي وقال: أرى بلدك على التلفاز ولكني لا أرى ما وصفت لي ..!!
فقلت له: أنت رأيت بلدي التي على الخريطة ، أما أنا فأتحدث عن بلدي التي تقع في أحشاء قلبي ..
قال : أرجو أن يكون وفاؤك للسعوديه مثل وفائك لبلدك .. أقصد وفاؤك لزوجتك مثل وفائك لوالدتك
فقلت له: بيني وبين السعوديه وفاءٌ وعهد ، ولست بالذي لا يفي عهده ، وحبذا لو علمت أن هذا الوفاء هو ما علمتني إياه أمي