شعر جميل عن مكانة الوالدين , قصيده روعه عن بر الوالدين
مقامُ الأمِّ في القرآن عالٍ
ويشهدهُ المقرَّبُ من كريمِ
قضى ربِّي بطاعتِها وأَولى
لها الإحسان في الذكرِ الحكيمِ
كأنَّ إشارةَ المولى إلَيها
تشجِّعُنا لمستَبَقٍ عظيمِ
ثلاثٌ قالها الهادي جَواباً
لمَن يرنُو إلى فضلٍ عميمِ
فأُمُّكَ ثم أمكَ خيرُ نُعمى
وفألٌ لا يُدنَّسُ مِن رجيمِ
أبوكَ ومن يدانيهِ بهاءً
ينيرُ كفرقدٍ عند القدومِ
أبٌ في القَدرِ لا يُعلى عليهِ
لطهرِ القلب والعقلِ السَّليمِ
وحاشا أن نَبَرَّ الأمَّ يوماً
ولا نَرعى حقوقَ أبٍ رحيمِ
فمَهما البيتُ عزَّ بقدر أمٍّ
بغير أبٍ أراهُ كما الهشيمِ
لأن كلَيهما للبيت راعٍ
ودون أبٍ يُصارُ إلى الجحيمِ
فروضٌ دونما سُقيا محالٌ
يُرى خَضِرا بشكلٍ مستديمِ
وأعني الأمَّ تلك العين تخشى
على الراعي هُبيباتِ النَّسيمِ
فتؤنسهُ وترعاهُ، وتدنو
بطهرٍ نحوَهُ صنوَ الخديمِ
فحينئذٍ سيرفعُها مقاماً
هو الأَعلى كهاتيكَ النجومِ
فأكرمَ عندها ببهاءِ بيتٍ
تَجاوزَ أهلهُ خطر الأثيمِ
أبٌ في الحبِّ طار على جناحٍ
وحطَّ بقرب زوجتهِ الرَّؤومِ
وأمٌّ في محبتهِ تفانَتْ
تلاطفهُ إذا خطرت كريمِ
وأولادٌ على الأخلاق رُبُّوا
وما مالُوا إلى شرٍّ وخيمِ
فيسمُو البيتُ من أنوار طهرٍ
وطيبٍ صِيغَ من حبٍّ حميمِ
أيَنسى يومَ رؤيتِها عروساً
ولم يسمعْ للاحٍ أو مُليمِ
وكيف وقد تقدَّم من حِماها
ليخطُبَها من البيت القويمِ
فسارعَ في افتتاح القلب حبًّا
لزوجٍ ساقها قدرُ العليمِ
فتنضمُّ الفتاة إليه.. تبكي
بكاءَ الطفلِ من هذا الضميمِ
لقد أبكَت أباً إذ قال يوم ال
وداع لها: وداعا للوسيمِ
وأمًّا لم تطِق توديع حِبٍّ
فآل بها الفراقُ.. كما السقيمِ
فهل (يومٌ) يكافئُ قدر أمٍّ؟
ووصَّى اللهُ فيها من قديمِ
فلا واللهِ دهراً لو أقَمنا
لها الأعيادَ.. كنَّ بلا شميمِ
لكلِّ أب وأمٍّ طِيبُ طهرٍ
على مرِّ الزمانِ مِن الصميمِ
كمالُ البرِّ للأبوينِ يَهدي
إلى مرضاةِ ربِّ العالَمينا
ويحمي النفسَ من عيبٍ وسوءٍ
ويرفعها مكانَ المُصطَفينا
ويجعلُها من الرضوانِ أهلاً
لتسبقَ من تسامَوا تائبينا
وينقلُها إلى العالينَ قدراً
مع المختارِ خيرِ المُرسَلينا
ويغمرُها بعفوٍ من كريمٍ
ويكرمُها بقرب الطيِّبينا
سموُّ البِرِّ لا يُعلى عليهِ
ويُدرَجُ في عدادِ الخالدينا
لأنَّ البِرَّ مكرمةٌ قضاها ال
كريمُ ليبديَ الكنزَ الثمينا
وأيُّ كرامةٍ تهدى إلينا
فلن ترقى سموَّ المحسنينا
فإحسان الفتى للأمِّ يبني
لهُ في الأرض عزاً لن يَهونا
ويَلقى عند جلِّ الناسِ حباً
لهُ يزدادُ ما بَرَّ الحنونا
وحاشا أن يساءَ من احتواهُ
دعاءُ الوالدينِ مدى السنينا
وبرُّ المرءِ يمنحهُ ضياءً
يُرى في وجههِ نوراً مُبِينا
لَكَم أهدى لساهٍ في حياةٍ
مَتاباً صاغهُ لطفاً ولِينا
لكم أبدى لمقترفِ المعاصي
ملاذاً فيهِ قد أمِنَ الفُتونا
لكم أسدى لمَن أضناه شكٌّ
يقيناً باتَ يحياهُ مَصونا
يزيغ المرءُ إن أبدى جفاءً
إلى أبويهِ مهما صانَ دينا
ويرقى في المكارمِ ما تفانى
بخدمتِهم ولم يُغمِض عيونا
أيكسلُ بعد أن ضعفوا وشاخوا
وهم بصباهُ كانوا حاضنينا؟
فكم سَهروا عليهِ طويل ليلٍ
ولم يُبدوا ابتئاساً أو أنينا
وكم ساقوا النعيمَ لهُ وباتوا
على شظفِ الحياةِ.. مُدبِّرينا
وكم أمضوا الحياةَ مهذِّبينا
وكم أفنوا الشبابَ معلِّمينا
وليس لهم من الأولادِ شيءٌ
سوى يومٍ يرَوهُم فائزينا
أجِرنا يا إلهي من عقوقٍ
وجنِّبنا الذي يهوى المشينا
وأكرِمنا بنورٍ ليس يخبُو
يكونُ دليلَنا إمَّا دُهينا
ونورُ البرِّ في الأزماتِ ركنٌ
نفيءُ لظلِّه إمَّا أُذينا