إذاعة عن خطر اللواط , مقدمة اذاعه عن اللواط , كلمة صباحيه عن اللواط و السحاق
لقد وهب الله عز وجل الإنسان العقل ليميزه عن البهائم العجماوات ، فيعرف طريق الخير ويسير فيه ، ويعرف طريق الشر ويبتعد عنه ، فالخير وعمله من طرق البر والبر يهدي إلى الجنة أما الشر وعمله فمن طرق الفجور والفجور يهدي الى النار والعياذ بالله فلهذا أكرم الله الإنسان وميزه عن سائر الحيوانات ، وسائر المخلوقات ، قال تعالى : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً } ( الإسراء ) ، والعقل زينة الإنسان فالعاقل مميز عن المجنون ومن لا عقل له ، فهو ـ أي العاقل ـ مخاطب بالتكاليف الشرعية جميعها، ولهذا أعد الله لأصحاب العقول في الآخرة حياتين إما حياة نعيم وهي الجنة ، وإما حياة جحيم وهي النار . فمن أدى الواجبات وقام بالطاعات وترك المنكرات واجتنب المحرمات حُق له بإذن الله أن يكون من الفائزين برضوان الله ورحمته والدخول في جنته ، ومن تكاسل عن الواجبات ولم يهتم بالطاعات ، وارتكب المنكرات واجترأ على المحرمات ، كتبت عليه السيئات وحلت به الويلات وتوالت عليه النكبات ، واستحق الغضب وعدم الرضى من جبار الأرض والسموات ، فهو محروم من رحمة الله ومغفرته ، وحُق له أن يكون من أهل الجحيم والحميم وكتب عليه الشقاء الذي لا سعادة معه أبداً فشرابه الحميم : { يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد } ( الحج ) وطعامه الزقوم والضريع : { لا يسمن ولا يغني من جوع } ( الغاشية ) ، { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم } ( الصافات ) ، وأما الحركة والانتقال ، فيقول الله تعالى : { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون } ( غافر ) ، أما الحياة في الصباح والمساء ، فيصورها لنا القرآن الكريم في قول ربنا جل وعلا : { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } ( غافر ) ، فانتبه ! أيها العاقل الفطن أن تكون ممن قال الله فيهم { واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد* من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ } ( إبراهيم15/16/17 ) ، فاحذر الذنوب والآثام ، والمعاصي العظام ، فمن يجيرك من الله العلام، فاعمل في دنياك لتعمر آخرتك ، واحذر أن تعمر الدنيا وتخرب الآخرة فهذا هو الشقاء والتعاسة ، وكن فطناً عاقلاً ، ولا تبع دينك بعرض من أعراض الدنيا فتهلك نفسك وتندم حينما لا ينفع الندم : { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون } ( المؤمنون ) ، وقال تعالى : { يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون } ( التحريم ) .
قلنا أن الله ميز الإنسان بالعقل وجعله زينة له ، ولكن بعضهم ضيع هذه الزينة وهذه الميزة بتركها للهوى والشهوات ، وباعوها للشيطان والملهيات ، فكم من أناس تراهم وتحسبهم ذوي عقول ، وإذا هم بلا عقول ، رؤوسهم كبيرة وعقولهم صغيرة ، وأجسامهم ثقيلة وأحلامهم سفيهة . لأنهم ركنوا للأهواء وشهوات النفس الأمارة بالسوء ، فهم كالبهائم بل هم في منزلة أحط وأوضع منها ، لأنهم ما عرفوا للعقل نعمة ، فكان العقل عليهم وبالاً ونقمة فتراهم يرتكبون الحرام غير ناظرين لما يسببه من آلام في نار تحترق فيها الأجسام من الرأس إلى الأقدام ، فأين أولوا الأحلام وأصحاب الأفهام ؟وإن مما ضاعت به العقول ، وانحط به كثير من الذكور ، ارتكاب فاحشة قوم لوط الفاحشة العظمى ، والجريمة النكراء ، والكبيرة الكبرى ( اللواط ) نعوذ بالله من شرها وأهلها وعاقبة أمرها ، فإن عاقبة أمرها خُسرا في الدنيا والأخرى .
النظر سبب الفتن :
وقد جاء التحذير من إحداق النظر ، والمنع من إطلاقه ، لأنه من الأسباب المؤدية إلى اللواط وغيره من الكبائر ، قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون } ( النور ) ، فالنظر المحرم مفتاح الجريمة والباعث لها والحاث إليها ، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتشلشل دماً ، فقال له : مالك ؟ قال : يا رسول الله ، مرت بي امرأة ، فنظرت إليها ، فلم أزل أتبعها بصري ، فاستقبلني جدار فضربني ، فصنع بي ما ترى ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً عجل له عقوبته في الدنيا ” ( حديث حسن بشواهده انظر ذم الهوى لابن الجوزي 144) .
وقد قيل أن النظر بريد الزنا ، فجاء النهي عن النظر إلى المردان خاصة أو مجالستهم ومؤانستهم ، أو التحدث إليهم ، لأن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ونهايات سيئة لا تحمد عقباها .
قال الحسن بن ذكوان : لا تجالسوا أولاد الأغنياء ، فإن لهم صوراً كصور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى 0وقال النجيب بن السري : لا يبيت الرجل في بيت مع أمرد .
وقال سعيد بن المسيب : إذا رأيتم الرجل يلح بالنظر إلى غلام فاتهموه . وقال عطاء كان سفيان الثوري لا يدع أمرداً يجالسه .
وقال النجيب : وكانوا يكرهون أن يحدّ ـ أي يحدق ـ الرجل النظر إلى الغلام الجميل الوجه .
وقال أبو سهل : سيكون في الأمة قوم يقال لهم اللوطيون على ثلاثة أصناف : صنف ينظرون ، وصنف يصافحون ، وصنف يعملون ذلك العمل .
يقول ابن القيم رحمه الله في الفوائد : ( الصبر عن الشهوة أسهل من ألم عقوبتها   ، وعقوبتها في الدنيا والآخرة أشد وأحر من الصبر عنها ، فهلا فكرت في ذلك يا صاحب العقل والهمة ؟
فالشهوة تورث الحسرة والندامة ، واللذة المحرمة ممزوجة بالقبح حال تناولها ، محركة للألم بعد انقضائها ، ففكر أيها العاقل في انقطاعها وبقاء قبحها وألمها .
وعن عبدالله بن الجلاء قال : كنت واقفاً أنظر إلى غلام نصراني حسن الوجه ، فمر بي أبو عبدالله البلخي ، فقال : ما أوقفك ؟ فقلت : يا عم ! ترى هذه الصورة تعذب بالنار ؟ فضرب بيده بين كتفيّ وقال : لتجدن غِبّها (أي عقوبتها ) ولو بعد حين . قال بن الجلاء : فوجدت غِبَها بعد أربعين سنة ! أُنسيت القرآن .
قال الشاعر:
ليس الشجاع الذي يحمي مطيته يوم النزال ونار الحرب تشتعل
لكن فتىً غض طرفاً أو ثنى بصراً عن الحرام فذاك الفارس البطل
قال أبو العباس بن مسروق : من راقب الله في خطرات قلبه ، عصمه الله في حركات جوارحه . فاحذر وفقك الله من النظر الحرام فهو سبب الوقوع في الجريمة والولوج في بابها، وتفكر وقلب نظرك في ملكوت السموات والأرض ، والنجوم ومن جعلها زينة للسماء ، والجبال ومن جعلها رواسي للأرض، قلب نظرك في عظيم مخلوقات جبّار السموات والأرض ، ودع عنك توافه الأمور وسفاسفها ، فهي قاصمة الظهر والمودية إلى نار أشد حراً .
الشيطان عدوك :
اعلم أيها المسلم أن الشيطان قد أخذ العهد على نفسه ليغوينك وليهلكنك وليجعلنك من أصحاب الجحيم وذلك إن أطعته وأسلمت له نفسك ، فهو ملعون مطرود من رحمة الله عز وجل فاحذر أن تتخذه ولياً من دون الله فتكون من الخاسرين ، وكن على حذر من مكره ومكائده ومداخله وتلبيسه ، فهو آمر بالسوء ودافع الى الحرام ومقرب الى النيران فإن أطعته فأنت من حزبه والله يقول : { يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان } ( الأعراف ) .
وقال تعالى : { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً * إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } ( فاطر ) .
ولقد بين الله عز وجل في كتابه الكريم كيف أن الشيطان يوقع الإنسان في حبائله وشراكه فإن هو أطاع عدوه وقال وعمل ما يأمره به ذلك العدو وبتزيينه للقبيح حتى يراه مليحاً وللباطل حتى يراه صحيحاً ، فإن فعل ذلك وتلبس بفعل المنكر ، تخلى عنه وأيقظه من غفلته ، وأفاقه من سباته ، وذكّرَهُ بأن الله هو الحق ووعده حق وقوله حق والجنة حق والنار حق ، قال تعالى : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم} ( إبراهيم ) .
وقال تعالى : { وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب } ( الأنفال ) .
فاحذر يا عبدالله أن تكون عبداً للشيطان والشهوات، فتقع في المعصيات ، وتركن للمغريات والمحرمات ، فتستحق العذاب من رب الأرض والسماوات ، فانج بنفسك واعمل لدنياك كأنك تموت غداً ، واعمل لآخرتك كأنك تعيش أبداً ، واعلم بأن الله يراك ومطلع عليك ، { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ( الإسراء ) واحذر أن يراك على معصية { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم يوم القيامة بما عملوا والله بكل شيء عليم } ( المجادلة ) ، وكن مستعداً للموت في كل لحظة وبادر إلى الأعمال الصالحة فما تلبث قليلاً إلا وأنت مرتهن في قبرك فإما نعيم وإما جحيم وخذ العبرة ممن سبقك ، ولا تكن عبرة لمن بعدك . { كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } ( آل عمران ) .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:” إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وغيرة الله عز وجل أن يأتي المؤمن ما حرم عليه”( متفق عليه) ، وقال بكار سمعت وهباً يقول: إن الرب عز وجل قال بعض ما يقول لبني إسرائيل : إني إذا أُطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيت غضبت ، وإذا غضبت لعنت، ولعنتي تبلغ السابع من الولد . نعوذ بالله من الخُسران .
وقال الحسن البصري : ما عصى الله عبداً إلا أذله الله تبارك وتعالى .
وقال أبو الحسن المزيني : الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب ، والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة .
فيا أخي المبارك : لا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت ، فقد عصيت جبّار السموات والأرض ، شديد العقاب ، واحذر أن يأخذك هادم اللذات وأنت على معصيتك فيُختم عليك بخاتمة السوء والعياذ بالله ، وتفكر رعاك الله في أن الذنوب تنقضي لذتها وتبقى تبعتها فمتى رأيت الكدر والتعب وضيق القلب والحال فتذكر ذنباً وقعت فيه وبادر بالتوبة النصوح والزم التقوى فهي لباس المؤمنين ، ونعم بها من لباس .
وتفكر في قول الشاعر:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة بعدهـا النار
فاحرص على ما ينفعك وابتعد عما يضرك فإنه والله وراءك أهوال عظام في حياة البرزخ والحياة الآخرة .
ولنعد إلى صلب موضوعنا والمهم من أمرنا وهو موضوع ( اللواط ) أعاذنا الله منه وأجارنا .
قال بن حجر في الزواجر : [ النظر بريد الزنا، ومما روي : أن عيسى عليه السلام مّر في سياحته على نار تتوقد على رجل فأخذ ماء ليطفئها فانقلبت النار صبياً وانقلب الرجل ناراً ، فتعجب عيسى من ذلك ، فقال يارب: ردهما لحالهما في الدنيا لأسألهما عن خبرهما فأحياهما الله تعالى فإذا هما رجل وصبي ، فقال لهما عيسى عليه السلام : ما خبركما وما أمركما ؟ فقال الرجل : يا نبي الله إني كنت في الدنيا مبتلى بحب هذا الصبي فحملتني الشهوة أن فعلت به الفاحشة فلما مت ومات الصبي صّير الله الصبي ناراً يحرقني مرة وصّيرني ناراً أحرقه أخرى فهذا عذابنا إلى يوم القبامة ، نعوذ بالله من عذابه ونسأله العافية والعافية والتوفيق لمرضاته ] انتهى .
كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما ، أنه وجد رجلاً في بعض ضواحي العرب يُنكح كما تُنكح المرأة ، فجمع لذلك أبو بكر أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال :أن هذا الذنب لم تعمل به أمة إلا أمة واحدة ففعل الله بهم ما قد علمتم ، أرى أن نحرقه بالنار ، فأجمع رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق بالنار ، فأمر به أبو بكر أن يحرق بالنار ، فحرقه خالد بن الوليد رضي الله عنه .