من مكتشف الأنسولين
يعدّ دواء الأنسولين بأنّه الدواء الأكثر شهرةً وقيمةً وانتشاراً في القرن العشرين حتّى يومنا هذا، وبفضل اكتشاف هذا العلاج والدواء السحري، تمّ إنقاذ ولا يزال يتم إنقاذ الملايين من البشر من موتٍ محقّق؛ حيث استخدم الأنسولين في علاج مرض السكري، وتحديداً النّوع الثاني منه، والّذي يعتمد على حقن الأنسولين في العلاج، فلقد كانت الإصابة بمرض السكّري قبل عام ألف وتسعمائة وواحد وعشرين ميلاديّة تعني الموت المؤكّد للمصاب به بعد فترةٍ وجيزة، فقد كان يعتبر داءً عضالاً ولا شفاء منه، وينتهي المبتلى به بالموت.
مكتشف الأنسولين
لقد تمّ اكتشاف الأنسولين لأوّل مرةٍ والتعرّف عليه من قبل العالم الألماني بول لانغرهانز، وذلك في عام ألف وثمانمائة وتسعة وثمانين ميلاديّة؛ حيث لاحظ وجود خلايا على سطح البنكرياس لها لونٌ خاص بها ومختلف عن باقي أجزاء البنكرياس، وأطلق على هذا الجزء التسمية المعروفة بجزر لانجرهانز، والتي سمّاها على اسمه، واكتشف أيضا أنّ هذه الجزر تفرز من ضمن الهرمونات العديدة التي تقوم بإفراز هرمونٍ ذي طبيعةٍ بروتينيةٍ أطلق عليه اسم هرمون الأنسولين، ولكنه كان يعتقد آنذاك بأنّ هذا الهرمون لا تتعدّى وظيفته المشاركة في عمليّة الهضم في جسم الإنسان فقط.
وفي عام ألفٍ وتسعمائة واثنين وعشرين ميلادية تمكّن العالم الكندي الأصل فريدريك بانتينغ من اكتشاف علاقة هرمون الأنسولين بضبط وخفض كميّة السكر الزائدة في دم الإنسان، وتأكّد أنّ هذا الهرمون هو المسؤول الأول والأخير في الجسم عن هذه العمليّة المعقّدة والفائقة الأهميّة بالنسبة للإنسان، ألا وهي الحفاظ على معدّل طبيعي للسكّر؛ بحيث لا يزيد ولا ينقص في الدم، وبناءً على ذلك بدأ باستخراج هذا الهرمون من بنكرياس الأبقار والخنازير، وحقنه لمرضى يعانون من زيادة نسبة السكر في دمائهم، وقد بدأ تجاربه بحقن طفل مصاب يبلغ من العمر أربعة عشر عاماً، وقد كان ميؤوساً من علاجه، وكان أهله ينتظرون ويتوقّعون موته بين ساعةٍ وأخرى، ولكن ما إن تمّ حقنه بالأنسولين حتى استردّ صحته وعافيته، وعاد ليحيا حياةً صحيةً وطبيعيةً على أكمل وجه.
وهكذا وبفضل هذا الدواء – الأنسولين- الخارق تمّ إخراج مرض السكّري من دائرة الأمراض المميتة، وبات هذا المرض – وإن كان لا يزال مرضاً عضالاً يلازم المصاب به طيلة حياته-مرضاً يمكن التعايش معه بشكلٍٍ طبيعيّ ما دام استمرّ المريض ملازماً ومواظباً على العلاج بشكلٍ منتظم، ويتوافر الأنسولين في الصيدليّات بأنواع مختلفة، فمنه ما هو سريع المفعول ويكون ذا لونٍ أبيض متعكّر، ومنه ما هو طويل المفعول، ويعمل ببطء وبالتدريج، ويكون لونه كالماء.