كيف احفظ نفسي من الشيطان
روافد الشر غير المرئية وتحصين النفس والدعاء
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
إن بعض الشر يأتي أحيانا من مصدر مادي معلوم كانسان عدو، واحيانا اخرى من مصدر غيبي غير مرئي، من الجن، والشياطين، والحسد، والسحر وغير ذلك من الأمور، وبما أن الشياطين ليس لهم سلطة على الإنسان، وإنما شغلهم الوسوسة فقط، وبما أن الشيطان يوسوس دائما فإن على الإنسان اللجوء إلى الله تعالى دائماً والاستعاذة المستمرة للتصدي لهذا العدو، فإن التخلص من ذلك سهل ما دامت القضية وسوسة، والمؤمن هو أعقل العقلاء فيلتفت إلى منافذ قلبه ويصلح سريرته فينجو من هذا الشر بفضل الله تعالى والالتجاء اليه، ويحصن نفسه بالمعوذات الشرعية، وكذلك الانسان المعادي فان الشيطان سول له ذلك اذا كان شره بغير حق فالمؤمن ينظر الى ذلك بعين العدل ان كان مخطئ فيصلح خطأه وان كان مظلوماً فيلتجئ الى الله تعالى اولاً وثانياً يتصدى لعدوه، وهناك مجموعة كبيره من المعوذات من القرآن الكريم والسنة النبويه الشريفة، ومنها آية الكرسي:
بسم الله الرحمن الرحيم، اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ..
وحرز الإمام الرضا ع، هو من أقوى المعوذات والحجج، تعابير واضحة، وليس فيها غموض، ولا أسرار.
بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقياً، أو غير تقي، أخذت بالله السميع البصير على سمعك وبصرك، لا سلطان لك علي ولا على سمعي، ولا على بصري، ولا على شعري، ولا على بشري، ولا على لحمي، ولا على دمي، ولا على مخي، ولا على عصبي، ولا على عظامي، ولا على مالي، ولا على ما رزقني ربي.. سترت بيني وبينك بستر النبوة، الذي استتر أنبياء الله به من سطوات الجبابرة والفراعنة.. جبرائيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل عن ورائي، ومحمد صلى الله عليه وآله أمامي، والله مطلع عليّ، يمنعك مني ويمنع الشيطان مني. اللهم لا يغلب جهله أناتك أن يستفزني، ويستخفني. اللهم إليك التجأت. اللهم. إليك التجأت. اللهم. إليك التجأت.
والدعاء هو تحقَّيق العبادة لله عز وجل، لأنَّه يتضمَّن تعلّقَ القلب بالله والإخلاصَ له، ويتضمَّن الدعاء اليقينَ بأنّ الله قدير لا يُعجزه شيء، ولا يُحَدُّ كرمه، ولا تنفد خزائنه ابدا، ولأجلِ تاكيد الصفات العظيمة من العبد لله عز وجل يُدعى ويسأل فيؤكد لهم الله صدق وعده بالاستجابه، والدعاء شرعه الله لحصول الخير للانسان ودفع الشر والاعداء والمكروهات وغفران الذنوب، والفوز العظيم بالخير والبركه، وجعل الله سبحانه الدعاء يغير القضا ويبرم القدر، فالدعاء هو عدو البلاء يدفع ويمنع وهو أقوى الأسباب في حصول المطلوب، وثمرة الدعاء مضمونه، فإذا أتى الداعي بشروط الدعاء فإنه سيحصل على الخير وينال ما طلب فكم سمعنا عمن أُغلقت في وجهه الأبواب، وضاقت عليه الأرض بما رحبت، ثم طَـرَقَ باب مسبب الأسباب، وألحّ في الدعـاء، فَفُتِحَتْ له الأبواب، وانفرج ما به من شِدّة وضيق، ويبقى المؤمن بخير ابدا ما تعلق قلبه بربه ودعى مولاه، قال تبارك وتعالى: ٱدْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. وقال النبي ص: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.
ان الله تبارك وتعالى لم يشطرت في الدعاء بشروط، سوى التوجه اليه تعالى بالدعاء والتضرع، ولم يجعل له مكان محدد او وقت معين، وأداب الدعاء يسيره وسهله وهي؛ أن يلازم الطلب ولا ييأس من الإجابة، وتحديد ما تريد، وذكر العموم يغني عن التفاصيل، والبدأ بالحمد والثناء على الله تعالى، والصلاة على النبي واله. والجزم في الدعاء والعزم في المسألة، قال رسول الله ص: إذا دعا أحدكم فلا يقل، اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه.
وقال النبي ص: ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له، فإما أن يعجل له في الدنيا، وإما أن يدخر له في الآخرة، وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعاه ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، أو يستعجل يقول: دعوت ربي فما استجاب لي.
حدث بعض الإخوة قال كلما كان لي دعوة دعوت جاداً ملحاً فيها، إلا واستجيبت لي، ثم قال وليس ذلك من زيادة قرب من الله، ولا من كثرة عبادة ولا زهد، بل ولا أظن ذلك علامة صلاح في نفسي، فأني أعلم أني لست من الصالحين، ليس ذلك من باب التواضع، ثم يتابع فيقول: ولكني ألهمت أن الدعاء سبب لحصول أي شيء أريده منذ صغري، فأصبح لدي يقين دائم، ليس في وقت الدعاء، بل في كل وقت، أن الدعاء يحقق لي ما أريد، فكنت كلما أردت شيئاً دعوت الله، حتى أني أدعو الله في أمر أريده فبعد سنة أو سنتين يتحقق لي ما أريد، ولست أتحدث بذلك افتخاراً، ولا ليظن بي أحد شيئاً، ولكني أريد التذكير بأن من اعتقد في الدعاء هذا الاعتقاد، ولازم الدعاء، وجعله سجية لحصول مطلوبه، فإن الله يستجيب له، وإن طال الزمن.