أكلنا وجبة الجراد
التهمنا لحم الجراد
بشهية الجائع المعتاد
و جدتي كانت تطهو لنا
نبتة ” اليرني”
تلك التي
لم يكن غيرها في حقلنا
الضيق الأبعاد
و الدواب و المواشي
ماتت كلها في بلادي
أو اشتراها منا غصبا
بأبخس الأثمان
زبانية الأسياد
و جدتي التي
كانت تطهو لنا
نبتة “اليرني”
أربعا و عشرين ساعة
على فحم سمائي الرماد
كانت تجهض أولادها
اثني عشر بطنا أجهضت
من أعمامي و عماتي
ولدوا موتى
الأولاد الموتى
تلو الموتى من الأولاد
حتى ألفنا مواسم الحداد
الحداد تلو الحداد
و والدي الذي نجا جنينا
نجا من الطاعون
بوصفة التراب و الرماد
كما نجا والدي
من الموت في ألمانيا
بطلا للحرب
في معارك استشهاد
قيل لهم أنها
حرب الكرامة ربما
لقتل العباد بالعباد
و والدي الذي نجا
من الموت
جنينا و جنديا
لم ينج منه
بعد ثمانين حولا
إذ زاره الموت في رقاد
و كان والدي نهما
بشهية كبيرة
يأكل وجبة نبتة “اليرني”
و يأكل بشهية
وجبة الجراد
و يأخذنا القحط بالسنين
عبر العقود
سبعا من العجاف
و سبعا من الشداد
و يوم ما نكد
و نجمع الغلال
و تلفح وجوهنا شمس أيار
في مواسم الحصاد
بضع سنبلات من شعير
و شيء من القطاني
زادا للأولاد
يغتالنا الجابي
بجيشه الجرار
مصاص الدماء كالجراد
قهرا يأخذ زرعنا
يتركنا نضرب الأيادي
على الأيادي
و نعود لحالنا القديم
نأكل نبتة “اليرني”
نأكل وجبة الجراد
متعدد الأولاد
و القحط ما نسانا
و الجابي ما سلانا
تناوبت علينا
مكائد الأوغاد
و دسائس الأسياد
و الجراد قد هوانا
و عشش في البلاد
تارة يلبس قناع القحط
بالسنين يأخذنا
العجاف و الشداد
و تارة يلبس قناع الجابي
بالقهر يسلبنا زرعنا
و القمع سلاحه
في قبضة الجلاد