خواطر ومقتطفات من كتاب أوجاع البنفسج
رغم أن مفرداتها موجعة وتدب الشجن فينا, الا أن الكاتبة أجادت إيصال فكرة أو إضاءة مهمة, كعادتها تطربنا وتذهلنا دومآ …فكم نسعد حقا عندما يكون مزاجك بنفسجيآ سيدتي تمامآ كهدوء البحر وروعة تموجاته… انها حقا أميرة البنفسج ! بدون اطالة نترككم مع هذه المقتطفات :
غلاف كتاب أوجاع البنفسج
أوجاع البنفسج
أمل :
ذات عيد كانت تقف في شمس الظهيرة بفستان أبيض ، تحمل قطعة حلوى _لم يرها _ لامعة متألقه تبلغ من العمر خمسة اعوام .
فجأة أطاح بها تناثرت هكذا وتكومت على الرصيف .
سمعتُ الصوت عدت راكضة لا أذكر ما فعلت أنا وقد هلعت رعبا ً !!
هطلت دموعي ماذا سأقول لأمي وقد تركتها خلفي ودخلت وحدي ؛ لن تصدّق ابدأً كم شعرتُ بالذنب وقد كان ذلك خطأي .
ولكن عندما عادت من المشفى بكل تلك الرضوض ؛ قّدّمت لها كل ما حصلتُ عليه من حلوى ونقود تعبيراً عن أسفي وندمي لتركي إياها وحيدة في الشارع .
عودة الزنابق :
للمرة الثانية وقفت تحدّق بالأوراق التي كانت أمامها، وتنظر للقـلم الذي ستوقع به . بأصابع مترددة قلّبته بين أصابعها، وأخيراً قررت التوقيع على وثائق عقدالزواج الثاني .
التفتـت نحـــو الرجــــل الجالس أمامها وهو يقول: نعم أقبل الزواج بها على المهرالمسمى . ويحين دورها لقول : نعم موافقة . وتــُقرأ الفاتحة من جديد وينتهي التوقيع .
ويأخذ الرجل جميع الأوراق . اسم جديد ، زوج مختلف ، حياة أخرى.
مدّ يــده يصافحها، قدّمت له أصابع باردة ترتجف ، غريب هو ذلك الشعور .. أتــــُراها قد وجدت ضالتها أخيرًا ؟
تحُس بها تسري ككهرباء تختلج مع نبضات القلـــب الخجول.. والخدّ الدافئ مبهورة متقطعة الأنفاس.. هل يعقل أن يمحو هذا العرق البارد المتصبب من بين أصابعها ، كل ماضٍ كان بكل مــا فيه بحلوه ومره.
هذه العيون الدافئة التي تحدق بها وبكل شكر، أجل يقول لها أشكرك لأنـــك زوجتي ؛ لأنك سبب في سعادتي ، لأنك فـرح يرقص في ليالي الوحدة.
مضى وقت طويل نسيت هي خلاله ، كيف يشرق الدمع مـع الفرح كيف يتلعثم الحزن ويتراجع مخـــذولاً، وقد عمّت البهجة أركان هذا الجسد المتنقل بخفة.. يــُراقص النـــور، يدغـــدغ حفيف ثـــوب الساتان المطرز
ترقص هي كسندريلا تـــاهت عــن حبيب، والتقـتـه أخيرًا.
كل شيءٍ إلى زوال، ذلك السواد العظيم… ليــــالي الوحـــــدة الألم، الندم،كل التضحيات الماضية،كل آهات الأمس باتت ذائبة كزبد البحر تلاشت واضمحلت.. وبدأ عهد جديد ، لتنبت فيـــــه كل الزنابق التي روتها ولكن في غير أرض .
كزبد البحر :
لاشيء يبدو على حقيقته هذا المساء الدافىء الساحر وكأنه عالم خيالي ، وقد شعت اضواء الميناء وبعض من قوارب وسفن .. كأنها تاهت في عرض البحر ، فرمت كلٌ مرساتها وعلِقتْ على سواحل الاحمر ..
مقتربة من اليابسة بحذر. ومن بعيد المح اضواءها المنعكسة في مياه ضاعت في حلكة الليل ..
غريبة عني اسيرة البعد ، لاتحرك بي الا الحزن الساكن قبل الميلاد !
جئت ووجدت ان لي حصة من هذا الحزن المتوارث على المدى البعيد .
لا زلت اعيشه وسأبقى احمله اعلّقه كمفاتيح للقلب الموجع .
ما عادت دموع العين ترثيه ، وكلما حاولوا تهميشه اجده يتعملق في داخلي .. هكذا صرت اراه ، يأخذ متسعاً كبيراً لنفسه .. يُخرِج آهات حّرى مع الزفير يعود ليغفو ويستقر في اوردة تحتاجه مع الشهيق ..
من قال انه قد فارقني ذات يوم .. رغم اني وجدت في توأمه ما يعوضني عن حرماني ، من الصحو بين ذراعيه .. استلقي على حشائشه .. واغترف ترابه اشتمه ..
كم هي لذيذة نسائمه ..
ازرع بذوري وانثرها في اخاديده .. القي شباكي في بحره … الملم اصدافه اسمع وشوشاته..
من سبق لهم وعاشوا وماتوا وما ظل منهم سوى ذرات تتطاير مع رذاذ البحر وحفنات من رماله ..
حكايات وحكايات ، سبق لها وان اخبرتني بها ذات طفولة مضت عابرة .. !
حتى انا ما زلت ابحث عنها في الخرافات .. اتمنى لو كانت حقيقية ، امد يد صداقة بحثاً عمن سكنت حلمي .. حورية بحر تاهت بين امواجه ..
ولا زلت ضائعة عن حدود لهذا الوطن الذي اسكنته قلبي … وماسكنته !
ويحك ايها البحر ..
على قدر جمالك على قدر ما تبعث في النفس لواعج واشواق .. وقد ينتهي الليل ويرحل ، ولكن يبقى البحر حيث هو دائماً .. يحمل على عاتقه ابتلاع كل ما نلقي فيه من حنين وحنين …
يحمل بقلبه كل عذاباتنا .. دموعنا .. وزفرات الالامنا .
ويحمل معه ايضاً بهجة وفرحاً .. حلماً وامنيات نتوق اليها .
كنا ولا زلنا عاشقين لك يا بحر …!!
حمّلتك امانة فلتلقها على شواطئه المزروعة هناك كباسقات النخيل وهز جذوعها بأنفاسي وكل احساسي لتمر عليه..
على اجنحة النوارس المهاجرة ..
ليعرف اني لا زلت اشتاقه اناظره.. يا بحر !
لعبتهُ :
سخِر منها ، قد جعل منها لعبته .
يدرك جيداً انه قادر على إدخال البهجة الى قلبها الصغير , لتحلق كعصفورة تضج بالفرح وقادرٌ ان يثير الفزع في نفسها ، داخل قفص الخوف سجينة القهر ،،
حتى لو ضربت بجناحيها جدران السجن ما إستطاعت النجاة .
ولو عكفت على فتح اقفاله بدموعها ،
بدماء نازفة من أصابعها ، ما قام بتحريرها ..
عصفورة ..
أسيرة صقر جارح قرّر أنها مجرد
وجبة عشاء ! …