اسباب تراكم مادة السيستين عند الاطفال , تراكم مادة السيستين عند الطفل
ما هو الداء السيستيني
ان الداء السيستيني هو مرض ايضي ناجم عن تراكم مادة السيستين (Cystine) داخل اليحلول (Lysosome)، وهي واحدة من العضيات في الخلية التي تتم فيها عمليات ايض مختلفة.
ان السيستين (Cystine) هو مركب ثنائي الكبريتيد من الحمض الاميني السيستئين (Cysteine)، وهو ناتج عن تحليل البروتينات داخل الخلية.
يمر السيستين في الوضع الطبيعي، من اليحلول الى السائل الخلوي (العصارة الخلوية – Cytosol) ، حيث يتحلل الى سيستئين ويعاد استخدامه في بناء البروتينات. ان الداء السيستيني هو مرض يحدث فيه اضطراب في جهاز نقل السيستين، عبر جدار اليحلول، وبالتالي فانه يتراكم في داخله. وبسبب كون السيستين مادة صعبة الذوبان، تتكون بلورات داخل الخلايا، الامر الذي يسبب اصابة العديد من الاجهزة والاعضاء.
يتم الانتقال الوراثي للمرض عن طريق الوراثة الجسمية المتنحية (Autosomal Recessive)، ويلعب جين CTNS, الذي يحمل شيفرة تصنيع بروتين سيستينوسين (Cystinosin), دورا في انتقال هذا المرض. ان هذا البروتين ضروري لمرور السيستين عبر غشاء اليحلول، وبالتالي فان عدم انتاجه او حدوث خلل في انتاج هذا البروتين، يؤدي الى تراكم السيستين داخل اليحلول. لقد تم وصف العديد من الطفرات الجينية، وتتعلق شدة المرض على اختلاف انواعه, بالاضافة الى طبيعته، بمكان ونوعية الطفرات.
أعراض الداء السيستيني
توجد ثلاثة اشكال للداء السيستيني، من حيث الاعراض السريرية: مرحلة الرضاعة والفترة المتوسطة ومرحلة البلوغ.
مرحلة الرضاعة: يظهر هذا المرض بالشكل الاكثر خطورة في مرحلة الرضاعة، في سن 3 – 6 اشهر. يتسم هذا الشكل باصابة الكلى التي تظهر في وقت مبكر، وفي مرحلة لاحقة تحصل اصابة مجموعية.
اعراض المرض، وفقا لترتيب ظهورها هي: زيادة التبول حتى الوصول الى مرحلة الجفاف، وشرب كميات كبيرة من السوائل ، وبطء في التطور والنمو، الرخد (Rickets)، لون الجلد يكون بنيا – رمادي فاتح، وضعف القدرة على الرؤية وضعف العضلات. ينشا في الوقت نفسه حماض ايضي (Metabolic Acidosis) من نوع حماض نبيبي كلوي (Renal Tubular Acidosis)، ويحدث فقدان كبير للاحماض الامينية, الفوسفور, الجلوكوز, والصوديوم عن طريق الكلى (متلازمة فانكوني – Fanconi syndrome)، والفشل الكلوي الذي يصل الى مستوى خطير في حوالي سن 6 سنوات, وفي سن ال 10 او نحو ذلك، يكون الفشل الكلوي قد وصل الى المرحلة النهائية. وقد يعاني بعض المرضى من اصابة دماغية بعد سن العشرين.
المرحلة المتوسطة: تظهر في وقت لاحق وتزداد سوءا بشكل ابطا. اعراضها مماثلة لاعراض مرحلة الرضاعة، لكنها اقل خطورة. تظهر لاول مرة في سن الثامنة ويطرا التدهور في وظائف الكلى، حتى الوصول للفشل الكلوي في المرحلة النهائية (ESRD)، في حوالي سن الخامسة عشر.
الداء السيستيني عند البالغين: هو الاقل خطورة من بين الانواع الثلاثة. عادة لا يسبب ظهور الاعراض، ويتم الكشف عنه عقب معاناة المريض من رهاب الضوء (Photophobia). يتم تحديد التشخيص في هذه الحالة، عن طريق فحص العينين، واستنادا الى اكتشاف ترسب بلورات السيستين في القرنية.
تشخيص الداء السيستيني
يتم التشخيص عن طريق فحص محتويات السيستين في خلايا الدم البيضاء وفي الخلايا الرباطية (Fibroblast)، او في فحص نخاع العظم. يتم في الفترة الاخيرة، اتباع طريقة حساسة لفحص البروتين الذي يربط السيستين، والتي تتيح الكشف عن الاشخاص الحاملين للمرض.
تم، خلال السنوات الاخيرة, تطوير طريقة للتشخيص الجيني, وهي في الطريق لان يتم استعمالها على نطاق واسع.
علاج الداء السيستيني
يركز العلاج على ثلاثة محاور هي: علاج الاعراض (Symptomatic)، المشاكل الايضية، والعلاج البديل للكلى.
– يهدفعلاج الاعراض الى ملء النواقص الموجودة في السوائل, الاملاح، الفوسفور، والسائل القاعدي الناتج عن الفقدان الزائد بسبب الاصابة النبيبية الكلوية (Renal Tubules)، واعطاء فيتامين (D) نشط (1alpha D3), كما يهدف الى المحافظة على التوازن بين الكالسيوم والفوسفور لعلاج الرخد.
يتم، لاستكمال العلاج الداعم، اختبار الاداء الوظيفي للغدة الدرقية المسؤولة الى حد كبير عن التاخير في النمو، كما يتم اختبار وظيفة جهاز المناعة التي تتعرض للاصابة في العديد من الحالات. قد يسهم تزويد المريض باضافة الكارنيتين (Carnitine) الذي يتم افرازه بشكل كبير في البول, في التعافي من ضعف العضلات الذي يسببه نقص الكارنيتين.
– العلاج الايضي يتم عن طريق السيستامين (Cystamine) الذي يتجمع في اليحلول، والذي يكون مع السيستين مركبا جديدا (مركب السيستين – السيستامين) يخرج من اليحلول الى السائل الخلوي. توجد لهذا الدواء رائحة وطعم مثيرة للاشمئزاز، ولكن، تم في السنوات الاخيرة، تطوير الفوسفوسيستامين، والذي تماثل فعاليته السيستامين من دون السلبيات التي ترافقه.
لقد طرا التحسن الملحوظ على نمو وتطور الاطفال الذين تم تشخيصهم وتلقوا العلاج في مرحلة مبكرة، وتوقف التدهور في وظائف الكلى.
– العلاج البديل للكلى يتم عند الوصول الى المرحلة النهائية من الفشل الكلوي (ESRD)؛ ويمكن علاج هذه الحالة عن طريق غسيل الكلى (Dialysis) او زرع الكلى, بالاضافة الى علاج الاعراض والعلاج الايضي. تكون نتائج زراعة الكلى جيدة، ونسبة حالات رفض الجسم للعضو المزروع قليلة، وقد يرجع السبب في ذلك الى نقص المناعة الجزئي المصاحب لهذا المرض