دعاء ليلة الجمعة
دعاء ليلة الجمعة
لا يوجد اي أذكار مشروعة مخصّصة لليلة الجمعة، غير أنّه قد ورد الأمر بالإكثار من الصّلاة على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – في ليلة الجمعة، بالإضافة إلى قراءة سورة الكهف، وقراءة سورة الكهف في يوم الجمعة أو ليلتها أمر مستحبّ، وقد قال في فتح القدير:” يندب قراءتها يوم الجمعة، وكذا ليلتها، كما نصّ عليه الشّافعي، وقد أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في السّنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النّور ما بين الجمعتين “، وفي رواية عند الحاكم أنّه – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نوراً يوم القيامة من مقامه إلى مكة، ومن قرأ عشر آياتٍ من آخرها ثمّ خرج الدّجال لم يسلط عليه… “. (1)
شروط الدعاء
إنّ للدعاء شروطاً لا بدّ من القيام بها، وهي: (2)
- أن يخلص المسلم في دعائه، وهذا يعني أن يقوم بتصفية الدّعاء، والعمل كذلك من كلّ أمر يشوبه، وأن يصرف ذلك كله لله وحده سبحانه وتعالى، بدون أيّ رياء، أو سمعة، ولا تصنّع، وإنّما يرجو الثّواب من الله عزّ وجلّ وحده.
- أن يقوم بمتابعة الدّعاء، وهذا شروط يجب أن يتوافر في جميع العبادات، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:” قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا “، الكهف/1100.
- أن يثق بالله عزّ وجلّ، وأن يكون على يقين بأنّ دعاءه سيكون مستجاباً، وأنّ الله سبحانه وتعالى قادر على كلّ شيء، قال سبحانه وتعالى:” إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ “، النحل/44.
- أن يكون قلبه حاضراً، وأن يخشع في الدّعاء، وأن يرغب فيما عند الله عزّ وجلّ من الثّواب، ويرهب ما عنده من عقاب، فقد أثنى الله تعالى على زكريا وأهل بيته، فقال تعالى:” وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ “، الأنبياء/89-900.
آداب الدعاء
إنّ للدعاء آداباً يجب أن يتحلى بها المسلم عند الشّروع به، ومنها: (2)
- أن يبدأ المسلم دعاءه بحمد الله عزّ وجلّ، وأن يصلي على النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – وأن يختم دعاءه بذلك.
- أن يدعو الله عزّ وجلّ في الشدّة والرّخاء، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:” منْ سَرَّهُ أنْ يستَجيبَ اللَّه لهُ عِندَ الشَّدائدِ والكُرَبِ فلْيُكثِر الدُّعاءَ في الرَّخاءِ “، أخرجه الترمذي.
- أن لا يدعو بالشرّ على أهله، أو ماله، أو ولده، أو نفسه، فعن جابر – رضي الله عنه – في الرّجل الذي لعن بعيره، فقال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:” من هذا اللاعِنُ بعيرَهُ؟ قال: أنا يا رسول اللَّه! قال: انزل عنهُ، فلا تصحبنا بملعونٍ، لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقُوا من اللَّه ساعةً يُسألُ فيها عطاء فيستجيبُ لكم “، أخرجه مسلم.
- أن يخفض صوته عند الدّعاء بين المخافتة والجهر، حيث قال اللَّه تعالى:” ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ “، الأعراف/55.
- أن يتضرّع إلى اللَّه سبحانه وتعالى في الدّعاء، قال اللَّه تعالى:” فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ “، الأنعام/42-43.
- أن يلحُّ على الله عزّ وجلّ في الدّعاء، والإلحاح يعني الإقبال على الشّيء، وأن يتوسّل إلى اللَّه تعالى بأنواع التوسّل المشروعة، حيث قال الراغب الأصفهاني:” الوسيلة: التوصّل إلى الشيء برغبة، وهي أخصُّ من الوصيلة؛ لتضمُّنها معنى الرغبة، قال تعالى:” وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ “، وحقيقة الوسيلة إلى اللَّه تعالى مراعاة سبيله بالعلم، والعبادة، وتحرّي مكارم الشريعة، وهي كالقربة، والواسِلُ: الرّاغب إلى اللَّه تعالى. ومعنى قوله تعالى:” وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ” أي تقرَّبوا إليه بطاعته، والعمل بما يرضيه “.
الدعاء المستجاب
هناك أدعية مستجابة، ومنها: (2)
- أن يدعو المسلم لأخيه المسلم في ظهر الغيب، فعن أم الدّرداء – رضي الله عنها – أنّها قالت لصفوان:” أتريد الحجّ العام؟ قال: فقلت: نعم، قالت: فادعُ اللَّه لنا بخير؛ فإنّ النبي – صلّى الله عليه وسلّم – كان يقول: دعوةُ المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل “، رواه مسلم.
- دعاء من كان مظلوماً، فعن ابن عباس – رضي الله عنه – أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بعث معاذاً إلى اليمن، وساق الحديث وقال فيه:” واتقِ دعوة المظلوم، فإنّها ليس بينها وبين اللَّه حجاب “، رواه البخاري.
- دعاء الوالد لولده.
- دعاء الوالد على ولده.
- دعاء المسافر، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:” ثلاث دعوات يُستجاب لهنّ لا شك فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده “، رواه الترمذي.
- دعاء الصّائم، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه:”ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصّائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها اللَّه فوق الغمام، ويَفتَحُ لها أبواب السماء، ويقول الرّب: وعزّتي لأنصرنك ولو بعد حين “، رواه الترمذي.
- دعاء الولد الصّالح، وذلك لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – يرفعه:” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له “، رواه مسلم.
- دعاء المضطرِّ، قال اللَّه تعالى:” أمَّن يُجيبُ المضطَرَّ إذا دعَاهُ ويكشِفَ السُّوءَ “، النمل/622.
- دعاء من بات طاهراً على ذكر اللَّه، فعن معاذ بن جبل – رضي الله عنه – عن النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” ما من مسلم يبيتُ على ذكر اللَّه طاهراً فيتعارَّ من الليل فيسأل اللَّه خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه اللَّه إياه “، رواه أبو داوود.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 94530/ ما ورد من أذكار في ليلة الجمعة/ 8-4-2007/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ .islamweb.net
(2) بتصرّف عن كتاب شروط الدعاء وموانع الإجابة في ضوء الكتاب والسنة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض