أشعار وقصائد أحمد شوقي
أحمد شوقي
أحمد شوقي شاعر مصري ويعتبر من أعظم واشهر شعراء العربية على مدى كل العصور، لُقّب بأمير الشعراء لمكانته العالية التي حظي عليها بين شعراء عصره. في هذا المقال بعضاً من جميل شعره.
أجمل أشعار أحمد شوقي
من جميل القصائد التي كتبها أحمد شوقي ما يأتي
رزق الله أهلَ باريسَ خيراً
رزق الله أهلَ باريسَ خيراً
وأَرى العقلَ خيرَ ما رُزِقوه
عندهم للثنار والزّهر ممّا
تُنجِب الأَرضُ مَعْرِضٌ نَسقوه
جنَّة ٌ تَخلِب العقولَ، وروضٌ
تجمع العينُ منه ما فرقوه
من رآه يقول قد حُرموا الفر
دوسَلكنْ بسحرهم سرقوه
ما ترى الكَرْم قد تشاكلَ، حتى
لو رآه السُّقاة ُ ما حقَّقوه
يُسْكِرُ الناظرين كَرْماً، ولمَّا
تَعْتَصِرْهُ يَدٌ، ولا عتَّقوه
صوروه كما تشاءُون، حتى
عَجبَ الناسُ كيفَ لم يُنطِقُوه؟
يجدُ المتَّقي يد الله فيه
ويقول الجَحودُ قد خَلَقوه
بالوَرْدِ كُتْباً، وبالرَيَّا عناوينا
بالوَرْدِ كُتْباً، وبالرَيَّا عناوينا
رأيت على لوحِ الخيال يتيمة ً
قضى يومَ لوسيتانيا أَبَواها
فيا لك من حاكٍ أمين مُصدَّقٍ
وإن هاج للنفس البُكا وشجاها
ولا أُمَّ يَبغي ظِلَّها وذَراها
وقُوِّضَ رُكْناها، وذَلَّ صِباها
زكم قد جاهد الحيوانُ فيه
وخلَّف في الهزيمة حافريه
وليت الذي قاست من الموت ساعة
كما راح يطوي الوالدين طواها
كفَرْخٍ رمى الرامي أَباهُ فغالهُ
فقامت إليه أمُّهُ فرماها
فلا أبَ يستذري بظلّ جناحِه
ودبَّابة ٍ تحتَ العُباب بمَكمَنٍ
أمينٍ، ترى الساري وليس يَراها
هي الحوتُ، أَو في الحوت منها مَشابِهٌ
فيها إذا نَسِيَ الوافي، وباكِينا
أبثُُّ لأصحابِ السُّفين غوائلا
وأَربُعٌ أَنِسَتْ فيها أَمانينا
خؤونٌ إذا غاصتْ، غدورٌ، إذا طَفت
ملعَّنة ٌ في سحبها وسُراها
فآبَ مِنْ كُرَة ِ الأَيامِ لاعِبُنا
وتَجني على من لا يخوض رَحاها
فلو أَدركت تابوت موسى لسَلَّطتْ
عليه زُباناها ، وحرَّ حُماها
وغاية ُ أمرهِ أنّا سمعنا
لسان الحال يُنشدنا لديه
ولو لم تُغَيَّبْ فُلْكُ نُوحٍ وتحْتَجِبْ
لما كان بحرٌ ضمَّها وحواها
أليس من العجاب أن مثلي
يَرَى ما قلَّ مُمتِنعاً عليه؟
وأفٍّ على العالم الذي تدَّعونه
إذا كان في علم النفوس رَدَاها.
الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
الرُّشْدُ أَجملُ سِيرة يا أَحمدُ
ودُّ الغواني مَنْ شبابكَ أبعدُ
قد كان فيك لودهنّ بقية ٌ
واليومَ أَوْشَكَتِ البقية ُ تَنْفَدُ
هاروت شعركَ بعد ماروتِ الصبا
أَعيا، وفارقه الخليلُ المُسعِد
لم سمعنكَ قلنَ شعرٌ أمردٌ
يا ليت قائله الطَّيرُ الأمردُ
ما لِلَّوَاهي الناعماتِ وشاعرٍ
جعل النسيبَ حبالةً يتصيد
ولكم جمعت قلوبهن على الهوى
وخدعتَ منْ قطعتْ ومن تودد
وسَخِرْتَ من واشٍ، وكِدْتَ لعاذِلٍ
واليومَ تنشدُ من يشي ويفند
أَئذا وَجَدْت الغِيد أَلهاكَ الهوى
وإذا وجدت الشِّعْرَ عزَّ الأَغيد
قفْ باللواحظِ عندَ حدكْ
قفْ باللواحظِ عندَ حدكْ
يكفيكَ فتنة ُ نارِ خدكْ
واجْعل لِغِمْدِكَ هدْنَةً
إن الحوادث مِلءُ غِمْدِك
وصُنِ المحاسن عن قلو
ب لا يَدَيْنِ لها بجُنْدِك
نظرتْ إليكَ عن الفُتو
رِ وما اتَّقَتْ سَطَواتِ حدِّك
أَعلى رِواياتِ القَنَا
ما كان نِسْبتُه لقَدِّك
نال العواذلُ جهدَهم
وسمعتَ منهم فرق جهدك
نقلوا إليك مقالةً
ما كان أَكثَرُها لعبدك
ما بي السهامُ الكثرُ من
جَفْنَيْكَ، لكنْ سهمُ بُعْدِك.
بدأ الطيفُ بالجميل وزاراً
بدأ الطيفُ بالجميل وزاراً
يا رسولَ الرضى وقيت العثارا
خذ من الجفن والفؤاد سبيلا
وتيممْ من السويداء داراً
أَنت إن بتَّ في الجفون فأَهلٌ
عادة النور ينزل الأبصار
زار، والحربُ بين جفني ونومي
قد أعدّ الدجى لها أوزاراً
حسن يا خيالُ صنعك عندي
أَجملُ الصنعِ ما يُصيبُ افتقاراً
ما لربِّ الجمالِ جارَ على القلـ
ـبِ، كأَن لم يكن له القلبُ جاراً
وأرى القلبَ كلما ساءَ يجزيـ
ـه عن الذنب رقَّةً واعتذاراً
أجريحُ الغرامِ يطلب عطفاً
وجريحُ الأَنام يطلب ثاراً
أَيها العاذلون، نِمتم، ورام السُّـ
ـهدُ من مقلتيَّ أَمراً، فصاراً
آفة النُّصح أن يكونَ لجاجاً
وأذى النصحِ أن يكون جهاراً
ساءَلَتْني عن النهار جفوني
رحمَ اللهُ يا جفوني النهارا
قلن نَبكيه؟ قلت هاتي دموعاً
قلْن صبراً، فقلت هاتي اصطباراً
يا لياليَّ، لم أَجِدْكِ طوالاً
بعد ليلي، ولم أجدْك قصاراً
إن مَنْ يحملُ الخطوبَ كباراً
لا يبالي بحلمهن صغاراً
لم نفقْ منك يا زمان فنشكو
مُدْمنُ الخمر لا يُحس الخُمارا
فاصرف الكأس مشفقاً، أو فواصلْ
خرج الرشدُ عن أَكُفِّ السُّكارى.
جئتنا بالشعور والأحداق
جئتنا بالشعور والأحداق
وقسمن الحظوظَ في العشاقِ
وهَزَزْنَ القَنا قُدوداً، فأَبلى
كل قلبٍ مستضعفٍ خفاقِ
حبذا القسم في المحبين قسمي
لو يلاقون في الهوى ما ألافي
حيلتي في الهوى وما أَتمنى
حيلة الأَذكياءِ في الأَرزاق
لو يُجازَى المحبُّ عن فَرْطِ شَوْقٍ
لَجُزيتُ الكثيرَ عن أَشواقي
وفتاة ٍ ما زادها في غريب الـ
ـحسن إلا غرائب الأخلاق
ذقت منها حلواً ومراً، وكانت
لذة ُ العشق في اختلاف المذاق
ضرَبتْ موعداً، فلما التقينا
جانبتني تقول فِيمَ التلاقي
قلت ما هكذا المواثيقُ، قالت
ليس للغانياتِ من ميثاق
عطفتها نحافتي، وشجاها
شافعٌ بادرٌ من الآماق
فأرتني الهوى، وقالت خشينا
والهوى شُعبة ٌ من الإشفاق
يا فتاة َ العراقِ، أَكتمُ مَنْ أَنـ
ـتِ، وأَكنِي عن حبِّكم بالعراق
لي قوافٍ تَعِفُّ في الحبّ إلا
عنْكِ، سارت جوائِبَ الآفاق
لا تَمَنَّى الزمانُ منها مزيداً
إن تمنيت أن تفكي وثاقي
حمِّليني في الحبِّ ما شئتِ إلاَّ
حادث الصدّ، أو بلاءَ الفراق
واسمحي بالعناق إن رضي الدّلُّ
وسامحت فانياً في العناق.
مضنى وليس به حراكْ
مضنى وليس به حراكْ
لكنْ يخِفُّ إذا رآكْ
ويميل من طربٍ إذا
ما ملتَ يا غصنَ الأراك
إن الجمال كساك من
ورق المحاسن ما كساك
ونبتَّ بين جوانحي
والقلبُ من دَمِه سقاك
حُلوَ الوعودِ، متى وفاك؟
أَتُراكَ مُنْجزَها تُراك؟
من كلِّ لفظٍ لو أَذِنـ
ـتَ لجله قبلتُ فاك
أَخذَ الحلاوة َ عن ثَنا
ياك العِذاب، وعن لَمَاك
ظلماً أقول جَنَى الهوى
لم يجْنِ إلا مُقْلتاك
غدَتا منِيَّة َ مَنْ رَأَيْـ
ـتَ، ورحتَ منية َ منْ رآك.
صحا القلبُ، إلاَّ من خُمارِ أَماني
صحا القلبُ، إلاَّ من خُمارِ أَماني
يجاذبُني في الغِيدِ رَثَّ عِناني
حنانيك قلبي، هل أعيدُ لك الصِّبا؟
وهل للفتى بالمستحيل يَدان؟
نحنُّ إلى ذاك الزمانِ وطيبة
وهل أَنتَ إلا من دم وحَنان؟
إذا لم تصن عهداً، ولم ترعَ ذمةً
ولم تدكر إلفا ؛ فلست جناني
أَتذكر إذ نُعْطِي الصَّبابة َ حقَّها
ونشرب من صرف الهوى بدنان؟
وأَنتَ خَفوقٌ، والحبيبُ مباعدٌ
وأَنت خفوقٌ، والحبيبُ مدان؟
وأَيامَ لا آلو رِهاناً مع الهَوى
وأَنت فؤادي عند كل رِهان
لقد كنت أشكو بعد ما عللّك الصِّبا
فكيف ترى الكاسين تختلفان؟
ومازلتُ في رَيْعِ الشباب، وإنما
يشيبُ الفتى في مصرَ قبلَ أوان
ولا أكذبُ الباري، بنى اللهُ هيكلي
صنيعة إحسانٍ، ورِقَّ حِسان
أدين إذا افتاد الجمالُ أزمتي
وأَعنو إذا اقتادَ الجميلُ عِناني.
أَهلَ القُدودِ التي صالت عَوَاليها
أَهلَ القُدودِ التي صالت عَوَاليها
الله في مهجٍ طاحت غواليها
خُذْن الأَمانَ لها لو كان ينفعها
وارْدُدْنها كرَماً لو كان يُجديها
وانظرن ما فعلتْ أحداقكن بها
ما كان من عبثِ الأحدقِ بكيفها
تعرَّضت أَعينٌ مِنَّا، فعارَضَنا
على الجزيرة سرْبٌ من غَوَانيها
ما ثُرْن من كُنسٍ إلاَّ إلى كُنُسٍ
من الجوانح ضَمَّتْها حَوَانيها
عَنَّتْ لنا أُصُلاً، تُغْرِي بنا أَسَلاً
مهزوزة شكلاً، مشروعةً تيها
وارهفت أعيناً ضعفى حمائلها
نَشْوَى مَناصِلُها، كَحْلَى مَواضِيها
لنا الحبائلُ نُلْقِيها نَصِيدُ بها
ولم نَخَلْ ظَبَيَاتِ القاعِ تلْقيها
نصبنها لك من هدبٍ ومن حدقٍ
حتى انثنيت بنفسٍ عزَّ فاديها
من كلّ زهراءَ في إشراقها ضَحكَت
لَبّاتُها عن شبيه الدُّرِّ مِن فيها
شمي المحاسنِ يستبقى النهارُ بها
كأَن يُوشَعَ مفتونٌ يُجاريها
مَشت على الجسر رِيماً في تلفُّتها
للناظرين، وباناً في تَثَنِّيها
كان كلَّ غوانيه ضرائرها
عجباً، وكل نواحيه مرائيها
عارضتها وضميري من محارمها
يَزْوَرُّ عن لحظاتي في مَساريها
أعفُّ من حليها عما يجاوره
ومن خلائلها عما يدانيها
قالت لعل أديب النيلِ يحرجنا
فقلت هل يُحرجُ الأَقمارَ رائيها
بيني وبينك أشعار هتفتُ بها
ما كنت أعلم أن الرِّيم يرويها
والقولُ إن عفّ أو ساءت مواقعه
صدى السريرةِ والآدابِ يَحكِيها.