قصيدة في مدح رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
قصيدة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
لاحدعملاقة الشعر في اليمن والوطن العربي
((عبدالله البردوني رحمه الله ))
بشرى من الغيب ألقت في فم الغـار
وحيا و أفضت إلـى الدنيـا بأسـرار
بشرى النبوّة طافت كالشـذى سحـرا
و أعلنت في الربـى ميـلاد أنـوار
و شقّت الصمت و الأنسـام تحملهـا
تحـت السكينـه مـن دار إلـى دار
و هدهدت ” مكّة ” الوسنـى أناملهـا
و هـزّت الفجـر إيذانـا بإسـفـار
***
فأقبل الفجر من خلف التـلال و فـي
عينيـه أسـرار عشـاق و سمـار
كأنّ فيض السنى في كـلّ رابيةمـوج
و فـي كـلّ سفـح جـدول جـاري
تدافع الفجر في الدنيـا يـزفّ إلـى
تاريخهـا فجـر أجيـال و أدهــار
واستقبلـت طفـلا فــي تبسّـمـه
آيـات بشـرى و إيمـاءات إنـذار
و شبّ طفل الهدى المنشـود متّـزرا
بالحـقّ متّشحـا بالنـور و الـنـار
في كفّه شعلـة تهـدي و فـي فمـه
بشرى و في عينـه إصـرار أقـدار
و في ملامحـه وعـد و فـي دمـه
بطـولـة تتـحـدّى كــلّ جـبّـار
***
و فاض بالنـور فاغتـم الطغـاة بـه
و اللّصّ يخشى سطوع الكوكب الساري
و الوعي كالنور يخزي الظالمين كمـا
يخزي لصوص الدجى إشراق أقمـار
نادى الرسول نداء العـدل فاحتشـدت
كتائـب الجـور تنضـي كـلّ بتّـار
كأنّـهـا خلـفـه نــار مجنّـحـة
تعـدو قدّامـه أفــواج إعـصـار
فضجّ بالحقّ و الدنيـا بمـا رحبـت
تهـوي عليـه بأشـداق و أظـفـار
و سـار و الـدرب أحقـاد مسلّخـة
كأنّ في كلّ شبـر ضيغمـا ضـاري
وهبّ فـي دربـه المرسـوم مندفعـا
كالدهـر يقـذف أخطـار بأخـطـار
***
فأدبر الظلـم يلقـي هـا هنـا أجـلا
و ها هنـا يتلقّـى كـفّ … حفّـار
و الظلم مهما احتمت بالبطش عصبته
فلم تطـق وقفـة فـي وجـه تيّـار
رأى اليتيـم أبـو الأيتـام غايـتـه
قصوى فشـقّ إليهـا كـلّ مضمـار
وامتدّت الملّة السمحـا يـرفّ علـى
جبينهـا تـاج إعـظـام و إكـبـار
***
مضى إلى الفتح لا بغيـا و لا طمعـا
لكـنّ حنـانـا و تطهـيـرا لأوزار
فأنزل الجـور قبـرا وابتنـى زمنـا
عـدلا … تدبّـره أفكـار أحــرار
***
يا قاتل الظلم صالـت هاهنـا و هنـا
فظايع أيـن منهـا زنـدك الـواري
أرض الجنوب دياري و هي مهد أبي
تئـنّ مـا بيـن سفّـاح و سمسـار
يشدّهـا قيـد سجّـان و ينهشـهـا
سوط … ويحدو خطاها صوت خمّـار
تعطي القيـاد وزيـرا و هـو متّجـر
بجوعها فهو فيهـا البايـع الشـاري
فكيف لانت لجـلّاد الحمـى ” عـدن
“و كيف ساس حماها غـدر فجّـار ؟
وقـادهـا وعـمــاء لا يـبـرّهـم
فعـل و أقوالهـم أقــوال أبــرار
أشباه ناس و خيـرات البـلاد لهـم
يا للرجـال و شعـب جائـع عـاري
أشبـاه نـاس دنانيـر البـلاد لهـم
ووزنهـم لا يسـاوي ربـع دينـار
و لا يصونون عنـد الغـدر أنفسهـم
فهل يصونون عهد الصحب و الجـار
ترى شخوصهـم رسميّـة و تـرى
أطماعهم في الحمـى أطمـاع تجّـار
***
أكـاد أسخـر منهـم ثـمّ تضحكنـي
دعواهـم أنّهـم أصـحـاب أفـكـار
يبنـون بالظلـم دورا كـي نمجّدهـم
و مجدهم رجس أخشـاب و أحجـار
لا تخبر الشعـب عنهـم إنّ أعينـه
ترى فظائعهـم مـن خلـف أستـار
الآكلـون جـراح الشعـب تخبـرنـا
ثيابـهـم أنّـهـم آلات أشـــرار
ثيابهـم رشـوة تنبـي مظاهـرهـا
بأنّهـا دمــع أكـبـاد و أبـصـار
يشـرون بالـذلّ ألقابـا تستّـرهـم
لكنّهـم يستـرون الـعـار بالـعـار
تحسّهم فـي يـد المستعمريـن كمـا
تحـسّ مسبحـة فـي كـفّ سحّـار
***
ويـل وويـل لأعـداء الـبـلاد إذا
ضجّ السكون وهبّت غضبـة الثـار !
فليغنـم الجـور إقبـال الزمـان لـه
فــإنّ إقبـالـه إنــذار إدبـــار
***
و النـاس شـرّ و أخيـار و شرّهـم
منـافـق يـتـزيّـا زيّ أخـيــار
و أضيع الناس شعب بـات يحرسـه
لـصّ تسـتـره أثــواب أحـبـار
فـي ثغـره لغـة الحانـي بأمّـتـه
و في يديـه لهـا سكّيـن جـزّار !
حقـد الشعـوب براكيـن مسمّـمـة
وقودهـا كـلّ خــوّان و غــدّار
من كـلّ محتقـر للشعـب صورتـه
رسـم الخيانـات أو تمثـال أقــذار
و جثّـة شـوّش التعطيـر جيفتهـا
كأنّهـا ميتـه فـي ثـوب عـطّـار
***
بين الجنـوب و بيـن العابثيـن بـه
يوم يحـنّ إليـه يـوم ” ذي قـار ”
***
يا خاتم الرسل هـذا يومـك انبعثـت
ذكراه كالفجر فـي أحضـان أنهـار
يا صاحب المبدأ الأعلى ، و هل حملت
رسالـة الحـقّ إلاّ روح مخـتـار ؟
أعلى المباديء ما صاغـت لحاملهـا
من الهدى و الضحايا نصـب تذكـار
فكيـف نذكـر أشخاصـا مبادئـهـم
مباديء الذئب في إقدامه الضاري ؟ !
يبـدون للشعـب أحبابـا و بينـهـم
و الشعب ما بين طبع الهرّ و الفـار
مالي أغنّيك يا ” طه ” و فـي نغمـي
دمع و في خاطـري أحقـاد ثـوّار ؟
تململـت كبريـاء الجـرح فانتزفـت
حقدي على الجور من أغوار أغواري
***
يا ” أحمد النور ” عفوا إن ثأرت ففي
صدري جحيم تشظّت بيـن أشعـاري
” طه ” إذا ثار إنشـادي فـإنّ أبـي
” حسّان ” أخباره في الشعر أخبـاري
أنا ابن أنصارك الغـرّ الألـى قذفـوا
جيش الطغـاة بجيـش منـك جـرّار
تظافرت في الفدى حوليـك أنفسهـم
كأنّهـنّ قــلاع خـلـف أســوار
نحن اليمانين يا ” طـه ” تطيـر بنـا
إلـى روابـي العـلا أرواح أنصـار
إذا تذكّـرت ” عـمّـارا ” و مـبـدأه
فافخر بنا : إنّنـا أحفـاد ” عمّـار ”
” طه ” إليك صلاة الشعـرر ترفعهـا
روحـي و تعزفهـا أوتـار قيـثـار