وفاة علي بن أبي طالب
اجتمعت كلّ الفضائل في شخص واحد غير الأنبياء، وهو الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه الكريم -؛ فهو ابن عمّ رسول الله محمد – صلى الله عليه وسلم -، وزوج فاطمة بنت محمّد سيّدة نساء العالمين، وهو أيضاً أبو سبطي رسول الله الحسن والحسين، وهو من رابع الخلفاء الراشدين، وهو من كتبة الوحي، وهو صحابي جليل، شهد المشاهد كلّها مع رسول الله – صلّى الله عليه وسلم – عدا تبوكاً؛ حيث استخلفه الرسول على المدينة المنورة وقتها، وهو من شهد له رسول الله بأنّ الله تعالى ورسوله يحبّانه، وهو أيضاً يحبّهم، وذلك عندما فتح الله تعالى حصون خيبر على يديه، وهو الّذي ولد في جوف الكعبة المشرفة، وهو من تربّى في بيت الرسول الأعظم محمد مذ كان صغيراً، وهو من قتل عمرو بن ود أقوى رجال العرب عندما تبجّح أمام المسلمين في الخندق واستعرض قوّته، فلم يجرؤ أحد من الصحابة على أن يبارزه وأن يتصدّى له إلّا الإمام علي بن أبي طالب، وهو الطاهر، والعفيف، والنقيّ، والشهيد، والفصيح، والحكيم، والورع، والتقي، والزاهد، والعابد، والعالم، والعامل، والفقيه، والقاضي، وهو من اجتمعت على محبّته كافة طوائف المسلمين. وأخيراً هو من شهد له غير المسلمين قبل أن يشهد له المسلمون أنفسهم. هذا هو الإمام علي بن أبي طالب باختصار شديد وبلا إسهاب.
ممّا سبق يتبيّن أنّ الإمام علي بن أبي طالب لم يكن شخصاً عادياً، فقد كان متفرّداً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لدرجة أن قال فيه عمر بن الخطّاب – رضي الله عنه وأرضاه – ” لولا علي لهلك عمر “، فقد كان مقدّماً عند الصحابة في الأمور الفقهيّة كلها، لرجاحة عقله، ولتحلّيه بالمنطق والحكمة والعلم.
عانى الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله تعالى وجهه – في نهاية حياته وفي فترة تولّيه الخلافة من الفتن الّتي عصفت بالأمّة في ذلك الوقت، الأمر الّذي لم يتركه كي يكمل مسيرة الراشدين في البناء والإصلاح ونشر الدين الحنيف. ومع هذا فلم تخل فترة خلافته من منجزات متعدّدة وهامّة وبشكل جيد منها: تنظيم الشرطة، وبناء المدارس، وتشكيل حروف القرآن الكريم، وغيرها من المنجزات الحضارية.
وفاته – كرم الله وجهه –
توفّي علي بن أبي طالب مقتولاً على يد عبد الرحمن بن ملجم وهو أحد الخوارج، وكان استشهاده في الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك من العام 40 للهجرة، الموافق للسابع والعشرين من شهر يناير من العام 661 من الميلاد، وتنوّعت الأماكن التي قيل إنّ الإمام علي دفن فيها، إلّا أنّ أشهرها هي مدينة النجف العراقية.